السينما والـ "Couples"

تاريخ النشر: الأحد، 21 نوفمبر، 2010 | آخر تحديث: الأحد، 21 نوفمبر، 2010

شاب يقف غاضبا أمام إحدى أقدم دور العرض بوسط المدينة، وقد لعن حظه الذي جاء به لهذا المكان في أيام العيد، بينما آخر على بُعد كيلومترات يقف بجانب كُبرى المراكز التجارية بالقاهرة، وقد نعت حظا من نوعا آخر جعله ينفصل عن صديقته قبل أن يطرح نجمه المفضل فيلمه الجديد!

الأول لم يفعل شيئا سوى أنه أراد مشاهدة إحدى الأفلام الجديدة مع أصدقائه بإحدى السينمات الكثيرة بمنطقة "وسط البلد"، إلا أن رغبته هذه قابلها معاملة من نوع مختلف من إدارة السينما، فقد تعرض للضرب وهو على بوابات الدخول رغم أنه حاملا للتذكرة.

أما الثاني، فهو يفضل مشاهدة الأفلام في المركز التجاري الأبرز في الحي الراقي، إلا أنه فوجيء بمنعه من الدخول، حيث أنه يقف برفقة عدد من أصدقائه الرجال، بينما الدخول مسموح فقط للـ Couples!

موقفان حدثا بالقاهرة خلال أيام عيد الأضحى المبارك 2010، وتكررا مع كثيرين ممن رغبوا في مشاهدة الأفلام التي تم طرحها بموسم العيد.

حيث أن دور العرض الموجودة في "وسط البلد" شهدت وقائع مؤسفة لا تحدث إطلاقا على أبواب مكان تم بناءه للترفيه عن الشعوب، أو بحق أشخاص كل ما يريدون فعله هو الاستمتاع بفيلم نجمهم المفضل.

فما حدث من ضرب وسب لجمهور السينما بوسط المدينة خلال أيام العيد "كارثة" كبيرة ستمنع كثيرين من ارتياد هذه الأماكن التي من المفترض أنها تعتبر تلك التوقيت موسما هاما بالنسبة لها.

وفي المركز التجاري الشهير، حدث خلال أيام العيد شيئا لا يقل خطورة عما سبق، فلم يُسمح بدخول مجموعة شباب أو فتيات بمفردهم، واقتصر الدخول على الـ Couples فقط، بالإضافة للعائلات الكاملة التي نادرا ما تغادر المنزل سويا خلال العيد.

الموقفين السابقين قد يكونوا أمام البعض أمر عادي لم يصل لحد الكارثة، ولكنه بالنسبه لُصناع السينما في مصر سيمثل مستقبلا مشكلة كبيرة ترافق مشكلات السينما الكثيرة.

فالسينما حاليا تعاني من مشكلات كبيرة فيما يتعلق بمشاهدة الأفلام بدور العرض، بعد أن نجح قراصنة الأفلام في إتاحة نسبة 100% من الأفلام الموجودة بدور العرض على شبكة الإنترنت مجانا.

فأصبح على شركات الإنتاج والتوزيع أن تحافظ على مرتادي أفلامها بدور العرض، بدلا من المطالبة بردع هؤلاء القراصنة، وتطبيق قانون حماية الملكية الفكرية حتى لا يتكرر ذلك.

بالطبع مطالبات شركات صناعة السينما منطقية، وبالفعل يجب تنفيذها، ولكن حتى يحدث ذلك لابد على هذه الشركات أن تتحرك إيجابيا لحمايتهم أفلامهم وأموالهم من تصرفات ستعصف بأعمالهم السينمائية مستقبلا.

فخطورة الأمر أنه يتعلق بأكثر من خمس دور عرض يرتادهم أغلبية الشباب في أيام العيد لإنخفاض اسعار التذاكر بهم بالنسبة للسينمات الآخرى.

أما المركز التجاري الذي يرفع في الأعياد شعار Only Couples فيفضله عدد كبير من الشباب لأنهم يرتادونه بشكل مستمر طول أيام العام لكونه المركز الأكبر شمولية وخدمات، واستمرار هذه الطريقة في التعامل مع مرتادية بالأعياد أمر غير جيد.

في زمن الإنترنت و "الداونلود"، أصبح مرتاد السينما "بلا مبالغة" شخصا يستحق الاحترام! لأنه ضحى بمشاهدة الفيلم مجانا بمنزله في مقابل رؤيته في السينما ودفع أموالا، فلابد من توفير طرق عديدة لراحة هذا الشخص، وإلا فلا يلومه أحد إذا قام بتوجيه أموال تذاكر السينما لرفع سرعة اتصاله بالانترنت بمنزله ليتمكن من تحميل الأفلام الجديدة.

صناعة السينما في مصر حاليا أصبحت كجسد مريض تزداد حالته سوءا عام بعد عام، فإذا كانت خطوات علاجه صعبة أو تحتاج لوقت، فيجب الحفاظ على حالته كذلك دون أن تزداد سوءا.