كوندافا..حين ينتصر النور على الظلام ولو بعد ضريبة قاسية

تاريخ النشر: الجمعة، 5 ديسمبر 2025 | آخر تحديث: الجمعة، 5 ديسمبر 2025
صورة من كوندافا

"غاية التدين السيطرة على النفس لا على الآخرين"... مقولة شهيرة لجلال الدين الرومي لخصت كل شيء عن التددين المزيف السطحي الذي يستخدمه المتطرفون للسيطرة على الغير، فيما يمارسون الحرام والأذى خلف الأبواب المغلقة.

أمر تعاني منه البشرية بسبب كبر ونرجسية هؤلاء على مدار العصور فيما تحاول فئة نادرة معتدلة بين المتطرفين الدينين والعلمانيين أن يكونوا صوت العقل في مواجهة إقصاء الآخر.

ومن الواضح أن القضايا الإجتماعية الشائكة تشغل آل بنجلون مما نستطيع أن نستشفه من أفلام كاتب الفيلم الفنان الكبير حسن بنجلون وابنه المخرج علي بنجلون والذي عرض بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ٤٦ لأول مرة معرض خاص للفيلم.

كوندافا

وينشغل بنجلون بالأخص التغيرات التي حدثت لبعض فئات المجتمع المغربي أثر تدخلات التيارات المتطرفة وهو أمر يشغلني على المستوى الشخصي والإنساني في تغيير شكل مدينة الإسكندرية أيضًا والتي ولدت وأحيا فيها مما جعل الفيلم بالنسبة لي إنعكاسًا لما حدث بأكثر من مدينة ومكان بالوطن العربي وليس فقط قرية بنجلون الذي يتحدث عنها بفنه.

التغيير يبدأ دائمًا من الشباب

قرية صغيرة بالمغرب يتمسك أهلها بشكل ما بتقالديهم الأمازيغية حتى يحاول إمام مسجد السيطرة واللعب بعقولهم كعادة المتطرفين.

حرب معنوية شرسة بها ضحايا من الشباب الذين تم اغتيالهم معنويًا، وبنفس الآن الشباب من يحاولون التأثير على مجتمعاتهم دائمًا بالتطور للأمام؛ هكذا يرى بن جلون الحياة من خلال فيلمه كوندافا، دماء جديدة تأتي إليها لتفكر في كل شيء يتم تصديرة عكس رغبتهم وتطلعاتهم والحياة.

في المقابل يسهل السيطرة باسم الدين دائمًا على كبار السن رغم أنهم كانوا شبابًا يومًا ما، ولكن مع مرور العمر والتفكير في المرحلة المقبلة من الحياة الأخرى يصبح تأثير مدعي التدين ومشايخ الغفلة سهلًا على كبار السن الذين يحاولون فرش طريقًا من الأعمال الصالحة والتطهر من الذنوب إلى الجنة وهو حق كل إنسان يريد الأقرب إلى الله ومكافئته بالجنة عما صبر بالدنيا، ولكن الخوف من النار والموت الذي يجعله الإنسان يجعله عرضة في هذا السن لتصديق خرافات المتطرفين مما يخلق ارتباكا بالعلاقات بين الأهالي وأبنائهم الذين يميلون للحرية والتجربة في عنفوان الشباب ويكرهون القيود والتطرف.

وصاغ هذه الأزمة المتكررة بنجلون الأب والابن بخيوط درامية أساسية وفرعية في علاقات متشابكة بالعمل بشكل مميز دون كثير من الفلسفة التي لا يفهمها الجمهور العادي كما يفعل بعض الفنانين من محاولات استحداث طرق معقدة لتناول مثل هذه القضايا وكأنها تخص طبقة المثقفين وحدهم.

كوندافا جاء ليناقش قضية جدلية بشكل بسيط بقرية بسيطة وسط أناس فقراء وبسطاء وأحلام للشباب الذين يحبون الغناء والموسيقى مستحقة وبسيطة أيضًا بعيدًا عن المناقشات العميقة.

عناصر العمل بين البين

اعتمد بن جلون الأب على الصمت وحده كلغة للتعبير عن الكبت والقهر والحزن وسط الحوار، حتى أنه جعل سيدة من القرية تنطق بعد صمت بنهاية الفيلم لمواجهة الشيخ المزيف كدلالة على طفح الكيل من تصرفاته وانهيار التسلط أمام امرأة غاضبة وصادقة.

وكان الحوار القصير بين أبطال العمل يدفع الأحداث إلى الأمام ولكن ليس بكل وقت، فقد أخذ الفيلم أحيانًا طابعًا وثائقيًا في تسليط الضوء على رصد الحياة بالقرية أكثر من خلق عنصرًا التشويق رغم احتمال القصة لخلقها من قلب الصراعات بالقرية.

وقد يعود هذا الأمر لعمل علي بنجلون مخرج العمل بالأفلام الوثائقية مما أثر على رؤيته الفنية بالإخراج بفيلمه الروائي الطويل بعد خوض بحار من التجارب في التصوير والأفلام القصيرة أيضًا.

ومن النقاط المضيئة بالعمل تعامُل السيناريو والإخراج مع الفلاش باك بذكاء استرجعنا فيها حلم الشباب أكثر وقصص حب جمعت اثنين من الفنانين، فيما اختيار الجيتار كآلة أساسية كان منطقيّا لشيوع استخدامه بين جيل الشباب الذي يخطو خطواته الأولى بعالم الغناء.

وربط السيناريو بين عالم الغناء و التمسك بالتراث الأمازيغي بالقرية من خلال غناء السيدات مما أعطاني دلالة على ارتباط الفن دائمًا بالتعبير عن التراث بالغناء أو الرسم أو الأعمال اليدوية مما عمق فكرة بن جلون ووصلت بشكل سلس لجمهوره وإن لم يكن الفيلم من الأفلام التجارية ولكن رأيته يناسب جميع فئات الجمهور.

وعندما علمت عن الصعوبات التي واجهت العمل شعرت أن خلفه أناس يؤمنون به بشكل حقيقي، فقد تم تصوير العمل وتحضيره خلال ثلاث سنوات كان فيها ٦١ فردًا من القرية الأولى التي صور فيها بعض المشاهد وهذا بزلزال قاسي فبحث بن جلون عن قرية أخرى شبيهة لاستكمال العمل حتى خروجه للنور وأهداه لضحايا الزلزال في لفتة إنسانية هامة.

كوندافا

فقط لم يكن الأداء التمثيلي متماسكًا بكل الأوقات، وأتفهم طبيعية وجود شباب ربنا تتطور موهبتهم مع التجارب والسنون، ولكن كان يمكن أن تخرج بعض المشاهد بمصداقية أكبر تناسب حالة كل مشهد ومشاعر الشخصيات.

ذروة الغضب تتكون مع الأحداث بالفيلم مما يجعل أهل القرية ينتصرون على الشيخ المزيف ويقومون بتعريته نفسيًا حتى يتخلصون منه بعد ضريبة صعبة دفعتها هذه القرية التي كانت آمنة مطمئنة قبل وصول الشيخ المدعي.

كندافا فيلم يستحق المشاهدة وخاصة أن علي بنجلون طور من نفسه ودرس التصوير السينمائي بفرنسا وعمل منصور أولًا ثم كمدير للتصوير وتجاربه ومحاولاته تستحق الدعم خاصة أنه يتبنى الإيمان أن هناك أملًا دائمًا في انتصار النور على الظلام ولو بعد حين.

اقرأ أيضا:

مي عمر ومحمد سامي وأروى جودة وزوجها وأمير المصري من بينهم ... مهرجان البحر الأحمر ينطلق بحفل مبهر بحضور النجوم

ياسمين صبري وهنا الزاهد وأسماء جلال من بينهم ... النجوم يتألقون بإطلالات مبهرة في افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

رومانسية وأناقة ... الصور الرسمية لحفل زفاف أروى جودة

ريهام عبد الحكيم بفستان دراماتيكي فخم في حفل "صدى الأهرامات" من تصميم أيمن لحموني

لو فاتك: فن ولا فنكوش - 16 سؤال كل واحد هيجاوب لوحده ... عرفت كام سؤال منهم؟

حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)

جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt

آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ

هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5