اللهم قوي إيمانكوا!

تاريخ النشر: الاثنين، 16 أغسطس، 2010 | آخر تحديث: الاثنين، 16 أغسطس، 2010

كنت في الماضي أخشى على جهاز التلفاز من الإصابة بـ "خلل" أو ما شابه ذلك، مما يراه من هؤلاء طوال العام، ولكن حاليا، ومع طرح أجيال "أكثر ذكاء"، أصبح التلفاز يتفهم ما يعرضه طيلة إحدى عشر شهرا .. وما يعرضه في الشهر المتبقي!

فمع كل عام، أو بمعنى أدق مع كل رمضان، تعرض القنوات الأرضية والفضائية عددا كبيرا من الأدعية الدينية لنجوم ونجمات كبار وشباب، في أوقات مُحددة قبل الإفطار وقبل السحور.

ومع انتشار هذه الظاهرة من الأعوام الماضية، أصبح هناك أكثر من اسما مألوفا لدى الجمهور، يعرفون مسبقا أنهم سيستمعون لصوته من خلال دعاء ديني مع حلول رمضان، وصار الجمهور يعلم بأن دعاء المطرب الفلاني يكون على تلك القناة قبل الإفطار، بينما دعاء المطرب الآخر تذيعه تلك الإذاعة قبل الفجر.

وأصبحت الظاهرة مصدر جذب للكثيرين من المطربين والمطربات، فأصبحنا نستمع يوميا في رمضان للعديد من الأدعية الدينية لمطربين يمتلكون رصيدا فنيا كبيرا، وآخرين متواجدين على الساحة منذ سنوات، وبعض من المطربين والمطربات الجدد.

ومع مرور سنوات كثيرة على هذه الظاهرة، وازديادها في كل عام، أصبح هناك سؤالا مُغلفا بإطار من المنطق، ماذا يريد المطربون الذين يصرون على تكرار ذلك في رمضان تحديدا؟

وفي اعتقادي أن الإجابة واضحة ولا تحتاج لكثير من التفكير، ففي رمضان يقل مُعدل الاستماع للأغنيات، كما تختفي الحفلات الفنية تقريبا طوال الشهر باستثناء بعض الحفلات القليلة بدار الأوبرا، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن جمهور "الخيم" يختلف نوعاً ما عن جمهور الحفلات العادية.

فيكون الحل الأمثل للتواجد خلال ثلاثين يوما هو طرح دعاء ديني "أو أكثر" يُذاع طوال الشهر، ويصبح "النجم" متواجدا يوميا طوال الشهر.

وهذا التفكير قد يكون مناسبا لمطرب أو مطربة لا يمتلكون شهرة كبيرة، ولكني أندهش عندما أجد نجم كبير أو شاب يكرر ذلك في كل رمضان!

وأنا هنا لا أعطي لنفسي الحق في التصريح لفئة معينة بفعل ذلك، ولكني أتعجب حينما أجد مطرب كبير دائما ما يكرر بأنه "مازال كبيرا" يفعل ذلك في كل رمضان! كما ينتابني الشعور ذاته حين أجد مطربين شباب طالما أرهقونا بأنهم "نجوم" يفعلون الشيء ذاته!

كما أنني -لا سمح الله- لا أتدخل فيما بين ما يفعله إنسان وربه، ولكني فقط اتساءل، لماذا في رمضان فقط؟ ولماذا يطرح "بعضهم" كليبات تثير جدلا طوال العام، ثم يطرحون أدعية دينية في رمضان!

وهنا لابد من إبراز تجربة رائعة للمطرب وائل جسار، فالمطرب اللبناني طرح قبل أشهر ألبوم ديني كامل "في حضرة المحبوب"، وحقق الألبوم نجاحا كبيرا بين الجمهور على الرغم من عدم طرحه في رمضان، وهو ما يقطع الطريق أمام قول البعض بأن الجمهور لا يهتم بالأدعية سوى في رمضان، ويضع ذلك مبررا لطرحها فقط خلال الشهر الكريم.

أيضاً من الأشياء التي تبدو "مستفزة" خلال رمضان كثرة التصريحات حول "الروحانيات" والحرص على الإكثار من العبادات وقراءة القرآن في رمضان.

فتلك التصريحات سيتقبلها الجمهور من فئة كبير من النجوم والنجمات سواء في الموسيقى أو السينما، ولكن هؤلاء لا يتحدثون، فمن يتحدث فقط هم تلك الفئة التي يكون التعامل المنطقي مع تصريحاتها هو "الصمت"!

فمن بين هؤلاء راقصة تحدثت عن الإكثار من الصلاة والصوم والزكاة في رمضان، بل وتناولت بالتحليل ضرورة روح التكافل بين الفقراء والأغنياء!

كما أن فنانة أخرى لم تكتف بالحديث عن "فانوس رمضان"، وكيف استقبلته كهدية من زوجها في العام الأول من زواجهما، وأنها -على الرغم من اقترابها من الخمسين- مازالت ترتبط بالفانوس منذ صغرها، بل أصرت على إخبار جمهورها بأنها تحرص على قراءة القرآن وأداء العبادات بكثرة في رمضان.

وعن هذه الجزئية، سأعتذر عن التعليق، سأتركه لكم، وسأكتفي بالتوجه إليهم قائلا: "اللهم قوي إيمانكوا"!