FilFan
FilFan تاريخ النشر: الاثنين، 22 يناير، 2024 | آخر تحديث: الاثنين، 22 يناير، 2024
كتاب يوسف شاهين .. قصة وطن

في الحلقة الثانية من سلسلتنا" سلسلتنا "كل يوم حكاية وفصل من كتاب عن عملاق من عمالقة الفن" يتحدث الناشر حسين عثمان عن كتاب يوسف شاهين .. قصة وطن" لـ يوسف الشريف قائلا: كنت قد قرأت رواية "الصنادقية" لمؤلفها يوسف الشريف، ولفتني حضور المخرج الفذ يوسف شاهين في جلد وعظم الرواية، بما يؤكد إلى أي مدى هو المُلهم الأعظم في حياة مؤلفها الشاب، فهو يطرح أفكاره بإيقاع لاهث كما إيقاع سينما "شاهين"، ولا أبالغ إذا أكدت أن سرده أتى في معظم الأحوال في صورة مشاهد تحمل رؤية وروح كاميرا "شاهين"، ولعله كان ينوه مع إطلالته الروائية الأولى أنه يكتب وعينه على السينما.

تابعوا قناة FilFan.com على الواتساب لمعرفة أحدث أخبار النجوم وجديدهم في السينما والتليفزيون اضغط هنا

يوسف الشريف استهل إهداء نسخة روايته لي بعبارة "نبص قدامنا على شمس أحلامنا" من أغنية "مفترق الطرق" التي غنتها ماجدة الرومي في فيلم يوسف شاهين الشهير "عودة الابن الضال"، كما أهدى الرواية نفسها إلى روح يوسف شاهين قائلًا: إلى روح من كُتب على قبره "يهمني الإنسان ولو ملوش عنوان".. إلى شخص وسينما يوسف شاهين.

وأنهى يوسف الشريف روايته بخاتمة عنوانها "حدوتة مصرية" حكى فيها عن شخص تصوره البعض "بحر الشحاذ" أحد شخوص الرواية، طبع عددًا كبيرًا من الأوراق وقام بتوزيعها في طول وعرض حارة "الصنادقية"، ولم تكن هذه الأوراق إلا صفحتين من كتاب الأعمال الكاملة لــ"عبد الرحيم منصور" تحمل كلمات أغنية "حدوتة مصرية" أيقونة فيلم يوسف شاهين الشهير بنفس الاسم، وقبل أن يختم "الشريف" روايته بكلمات الأغنية كاملة.

يوسف الشريف إذًا له حكاية مع يوسف شاهين، تفاصيل الحكاية بين يديك في هذا الكتاب".

غلاف كتاب "يوسف شاهين ... قصة وطن"

الفصل الأول من كتاب ("يوسف شاهين ... قصة وطن" لـ يوسف الشريف

أفلام الهزيمة وأمنية الانطلاق

رغم كل شيء، ورغم الهزيمة التي أثرت في نفس شاهين، بل غيرت حياته، ونظرته، وتفكيره تجاه الأحداث، إلا أنه ظل على موقفه من عبد الناصر:

"كنت متأثرًا به وبشخصيته قبل الهزيمة وبعدها، ولكن هذا الحب لا يمنعني من التحدث عنه، ومناقشة سلبيات نظامه، وكشف مواضع الخلل في هذا النظام، وفي المجتمع بشكل عام، سواء في عصر ناصر أو غيره، فأنا كشفت أيضًا عن سلبياتي فيما بعد في أفلام السيرة الذاتية، فكل شخص له أخطاء، وعبد الناصر كانت له أخطاء وأنا أيضًا، ولكن علينا الوقوف والنظر لهذه الأخطاء وهذا ما فعلته.

فأنا أحاول التعبير عن مصر التي عشتها، وكما رأيتها، سواء دارت أحداث الفيلم الذي أقدمه في الماضي أو في الحاضر، وبعد 1967 كانت بداخلي جروح، وأسئلة كثيرة، كنت أريد أن أعرف ماذا جرى؟ ولماذا؟! كانت الأسئلة تخرج مني بلا إجابة، وبالتأكيد خرجت من غيري، ولذلك مست هذه الأفلام الآخرين واشتبكت مع معاناة غيري وأسئلته".

كانت تلك الفترة- أي ما بين هزيمة يونيو 67 وانتصار أكتوبر73- فترة عصيبة على الناس، وتحديدًا المثقفين والفنانين بكل تأكيد، وبالنسبة لشاهين كفنان حساس للغاية، لم يتحمل قلبه هذا الضغط النفسي والعصبي وتعرض لأزمة صحية أثناء تصوير فيلم "العصفور":

"قبل الحديث عن أي شيء أنا أعتبر أن الصهيونية هي أبغض المصطلحات إلى قلبي، ولا يوجد شيء اسمه إسرائيل، إنه مجرد كابوس سيزول قريبًا إذا نظرنا إلى أنفسنا وعرفنا قيمتنا وواجهنا مشاكلنا. وطوال حياتي رفضت عرض أي فيلم من أفلامي في إسرائيل، ورفضت زيارتها أكثر من مرة".

وكان شاهين يرى أن حرب أكتوبر، بكل ما سببته له من سعادة وفرحة بل وفخر، كان يمكن أن تكون نقطة انطلاق حقيقية لنا، حتى أنه بعد العبور وفي 1973 أخرج فيلمًا تسجيليًا بعنوان "انطلاق"، ولكن للأسف هذا الانطلاق الذي تمناه لم يحدث، نعم انتصرنا عسكريًا ولكن ماذا بعد؟ تملكنا شعور بالإهانة وتفرقنا، وقت الهزيمة كان الجميع يفكر في شيء واحد، والكل مهموم بالوطن، الوطن ثم أي شيء، ولكن بعد الانتصار ظهرت مصطلحات غريبة علينا، تراجع دور الوطن، لم نعد مهمومين به وبقضاياه ومشاكله:

"ولذلك وبالنسبة لي لم أشعر بالإهانة كالتي شعرت بها في عصر السادات".
يقول المفكر إدوارد سعيد في كتاب "الاستشراق":
"إن البشر يصنعون تاريخهم، وإن ما يمكن أن يعرفوه هو ما صنعوه".

ولكن ماذا صنعنا نحن في تلك الفترة؟ هل صنعنا تاريخًا حقيقيًا أو انطلاقة حقيقية كما قال شاهين؟ هل صنعنا شيئًا إلا الانتصار العسكري؟!

تمنى شاهين تسجيل حرب أكتوبر بنفسه، بعد الحرب ذهب للمشير أحمد إسماعيل، وكان منزعجًا من عدم تصويره وتوثيقه للحرب. فقال له المشير:
"مكنش حد يعرف توقيت الحرب في مصر إلا السادات وأنا".

فسأله شاهين:
"وليه مكنش أنا الثالث؟".
وبعد حرب أكتوبر بسنوات كثيرة سافر إلى رفح وحيدًا، رغم إصابته بجلطة، لتصوير الجنود الإسرائيليين على الحدود:

"كان من المفترض أن تكون هناك مظاهرة في رفح، ولكن المظاهرة ألغيت فقررت أن أتظاهر وحدي".
تمنى شاهين انطلاق اجتماعي واقتصادي مع النصر العسكري، ولكن لم تحدث هذه الأمنية، فتمنى لو ظلت الحرب قائمة:
"في أوقات كثيرة تمنيت لو أن لحظات الحرب هذه استمرت، وأقول في نفسي.. خسارة إننا لم نعد نحارب مجددًا حيث يقتلنا الصمت، والبلاد العربية تنشد السلام، ولكن أي نوع من السلام؟".

المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين

هذا السؤال كان يؤرق شاهين؛ الانشغال عن حلمنا الحقيقي، وعن مواجهة أنفسنا، وتخلينا عن كل ذلك بسهولة، كأن حلمًا لم يكن، بل حين نحارب فإننا نحارب بعضنا البعض، ونقتل بعضنا، والمعارك تحولت إلى معارك داخلية فيما بيننا، وأظن أن هذا شيئًا من الأشياء التي جعلت شاهين يكن المحبة لعبد الناصر رغم كل ما جرى، لأنه كان يمتلك رؤية وحلمًا فقدناهما:

"لم أشعر أنني قصرت في الإعلان عن رؤيتي وإحساسي بعبد الناصر، حتى عندما تعرضت لسلبياته وسلبيات نظامه في فيلم (العصفور)، فعلت ذلك بحب شديد، وضحه مشهد بهية وهي تصرخ وتطلب منه البقاء بعد تنحيه.
عبد الناصر ورغم أخطائه كان صادقًا معنا، لذلك أرتبط به وأحببته، وعشت معه الأحلام الكبيرة التي افتقدتها بعد ذلك، وخوفت من إخراج فيلم عنه لأن من كثر افتقادي وحبي له كنت أخاف أغلط، بحيث أقدمه كما تراه عيوني.. عيون المحب.

ورفضت إخراج فيلم عن السادات لأني لم أكن أحبه.
وأتذكر عند سماعي لخبر وفاة ناصر، أول ما فكرت فيه أخذ الكاميرا والتوجه إلى منزله بمنشية البكري، لتسجيل ما بعد الوفاة لحظة بلحظة، وتسجيل الزحام الرهيب".

سيكون هذا الفيلم التسجيلي هو الوحيد الذي يوثق تلك الجنازة، التي أعتبرها واحدة من أعظم الجنازات في التاريخ الإنساني، إن لم تكن أعظمها، فلا أظن أن هناك هذا الكم من البشر خرج في زمن ما لوداع قائد أو رئيس، أو حتى إنسان طبيعي.

كانت الجنازة غير طبيعية، في القرى والمحافظات خرج الناس بنعوش فارغة، الجنازة كانت بحاجة لتوثيق حقيقي أكثر مما جرى، ولكن وقع الصدمة على الناس أنساهم توثيق مثل هذه اللحظة الفارقة، وقتها حالة الحسرة والحزن والدموع الصادقة التي خرجت من عيون الناس لم يرَ شاهين مثلها أبدًا.

في كل الأحوال أظن أن هذه الأسئلة التي كانت تشغل عقل شاهين منذ 67 ظلت معه، حتى حاول التعبير عن بعضها في فيلمه الأخير "هي فوضى؟" حيث كان هناك ظهور لصورة عبد الناصر وقتها داخل الفيلم.


فشاهين كان يرى أننا بحاجة لتكوين رؤية جديدة:
"أتمنى وجود رؤية وحلم ومشروع جديد، نتفق جميعًا عليه، وعلى مواصفاته، وعلينا أن ندرك أن المشروع القومي ليس مشروعًا للنخبة، وإنما هو مشروع الجاهل والمثقف، وحتى الصبي الذي يجري وراء الجاموسة، فالكل ينبغي أن يحتشد من أجل المشروع، ليصبح قوميًا بحق.
ويجب أن يشعر المواطن بأنه غير مهمش، بل يشعر بأنه مشارك في كل ما يحدث، وهذا يتطلب توسيع الهامش الديمقراطي، فنقطة البداية تتمثل في النضال من أجل الديمقراطية، التي لا وجود لإصلاح حقيقي بدونها.
والديمقراطية بدورها ترفض وتواجه أشكال القمع والرقابة، وكبت الحريات، وفرض القيود على الإبداع، وكل هذه أشياء كانت من أسباب الهزيمة".

ولكن يمكن أن أقول إن وجود الديمقراطية في ظل الفاشية الدينية شيء ومغامرة شديدة الصعوبة، حاول ناصر التعامل معها ولكن الضغوط كانت كبيرة.
فمثلًا عبد الناصر بعد النكسة قال إن تحرير الشعب من الخوف هو مهمته الأولى.. وواجه نفسه بحقائق كثيرة لدرجة أنه اعتبر نظامه قبل 9 يونيو قد انهار تمامًا، وأنه يجب عليه إعادة بنائه من جديد، وكان يريد أن يواجهه الناس بالحقيقة. ولذلك أعاد الحساب مع نفسه وأعطى مساحة من الحرية للفنانين لينتقدوا نظامه، ويقدموا له رؤى جديدة قد تغيب عنه، ولذلك نرى أن في تلك الفترة تم تقديم العديد من الأعمال الفنية التي تنتقد النظام بشكل مباشر وصريح:

"ولكن في المجمل لا وجود لمشروع كامل؛ فربما تعجز عن تحقيق العدل أو مكافحة الفقر، ولكن الأهم مضاعفة مساحة الحرية، بحيث تصبح هي سلاحنا في مواجهة ومقاومة الجهل والفقر".

المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين

"كل شيء في حياتي مر بمراحل مختلفة، ولكن رؤيتي السياسية والثقافية وأيضًا السينمائية اختلفت كثيرًا بعد 67".

ولذلك لو لم يقل شاهين كل ما عنده أو ما كان يؤرقه من خلال الأفلام التي بدأت بفيلم "الأرض" لمات من الحسرة والحزن، ولذلك في فيلم "الأرض"، وهو بداية هذه الأفلام؛ كان التعبير صاخبًا وثوريًا من خلال كل شيء يمكن من خلاله التعبير عن مشاعره، حتى الكلمات المصاحبة للموسيقى العبقرية التي ألفها علي إسماعيل، والتي حين سمعتها بكيت معها.. بكيت بصدق وأنا أسمع كلمات:
الأرض لو عطشانة .. نرويها بدمانا
عهد وعلينا أمانة .. تفضل بالخير مليانة
يا أرض الجدود .. يا سبب الوجود
بروحنا نجود .. وانتي ما تباتي عطشانة


"أثناء التحضير لفيلم الأرض اجتمعت بكل الممثلين، كان من ضمنهم ممثلون أول مرة أتعامل معهم، وقلت للجميع إنني لا أريد من أي ممثل أن يمثل، قلت لهم يجب أن تتخلوا عن روح الممثل العربي التقليدي والأنانية، أنا مش عاوز تمثيل، بل عاوز كل فرد يشعر بقيمة ما يؤديه وقيمة السؤال الذي يطرحه.

وأكدت على كل الممثلين أن الممثل هو مجرد جزء من لقطة أو مشهد، لا بد أن يظهر فيه إمكانيات وموهبة الآخرين، مثل المصور وصانع الموسيقى والإضاءة وجميع العناصر يجب أن يعبروا عن إحساسهم مع الممثل في اللقطة الواحدة".

كان داخل شاهين إصرار كبير على الخروج بكل مشهد كما يريد بالضبط وكما يتخيل، مهما بدت اللقطة بسيطة، حتى لو ستظهر اللقطة لثوانٍ على الشاشة، إلا أنه حاول التعبير من خلالها عن أكثر من معنى، فمثلًا اللقطة التي يجري فيها دياب بعد خروجه من السجن حيث يجري نحو أرضه، هذه اللقطة ظهرت لثوانٍ، ولكن من أجلها أقيم أطول "شريوه" (القضيب الذي تسير عليه الكاميرا) في تاريخ السينما العربية تقريبًا، قبل ذلك كان طول الشريوه لا يتجاوز 3 أو 4 أمتار، لكن هنا تخطى الـ100 متر، وفي الطريق الذي رأى شاهين أنه يجب أن يمر من خلاله الشريوه، كانت هناك شجرة يجب إزالتها، وإزالة الشجرة تتطلب تصريحًا من المحافظة، وبالفعل تواصلوا مع المحافظة التي طلبت 50 جنيهًا مقابل إزالة الشجرة وقد كان، بعد ذلك رأى أنه من أجل اكتمال اللقطة ولكي يصل الشريوه للنقطة التي يريدها بالضبط يجب إزالة مسجد، هو أحد أجزاء الديكور الذي تم بناؤه في 6 أيام، وبالفعل تمت إزالته من أجل اللقطة التي لم تستمر إلا لثوانٍ.. وهنا نرى ضرورة أن يجري دياب ومن خلفه تظهر غيطان القطن والحقول.

ولتصوير إحدى اللقطات في فيلم آخر من الأفلام التي تمت في هذه الفترة، جلس شاهين داخل مئذنة جامع في الزمالك، لحوالي 16 ساعة دون أكل أو شرب أو أي شيء.

كان شاهين يشعر بأنه يحارب، وأنه يشارك بنوع آخر من الجهاد في المعركة التي يخوضها الوطن، فهو يحارب وكالعادة بسلاحه الخاص جدًا.

المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين

ولكن وقتها أيضًا أصبح لدى شاهين أكثر من أي وقت مضى إحساس كبير بالصورة، والإضاءة، والتكوين، بل إنه استطاع أن يغير كثيرًا ويضيف كثيرًا للغته السينمائية شديدة التفرد:

"التصوير هو اللغة التي أتحدث بها في أفلامي، ومن خلاله أستطيع توصيل ما أريد للمشاهد، أو للعالم أجمع، ولذلك يجب أن تكون اللغة التي أتحدث بها أفضل وأفضل. وتعلمت كيف أقول من خلال هذه اللغة الكثير أو ما يتجاوز المدة المفروضة للفيلم.

كانت العلاقة بيني وبين المصورين في أي وقت قائمة على التفاهم، كانت العلاقة التي تربطني بالمصور يمكن أن تكون أقوى من علاقة الجواز".

وفي هذه الأفلام تعامل شاهين مع مصورين مثل عبد الحليم نصر ومحسن نصر، وأحمد خورشيد، ومصطفى إمام، وبالطبع مع عبد العزيز فهمي:

"كنت أعطي فرصة للمصور لكي يرسم لوحة، وليس لقطة. ولازم الفنان وتحديدًا المخرج يتعلم من الفنانين الكبار اللي عاشوا قبله، ويزور متاحف ويشوف لوحات كتير، مثلًا عندما زرت متحف (اللوفر)، لم أستطع اكتشافه والتعلم منه في يومين، أو حتى أسبوع، فيجب أن يهضم الفنان ويستوعب كل ما يعرض عليه من فنون صنعها من سبقوه. ويحاول هو أن يضيف شيئًا جديدًا للفن الإنساني.

وبالنسبة للمخرج فهو يعمل بلغة مرئية، فطالما لا يستطيع تقوية الحس البصري عنده، وطالما المخرج لم يدرك دور كل شيء يستطيع ترجمة الفكرة لصورة، يبقى مش مخرج. ولازم أحس بمتعة وأنا بشوف الصورة لأن الكادر وتكوينه بيحكي جزء من الحدوتة.

أما عن التكيف الشعري للصورة في أعمالي، فهذا الأمر خاضع لشروط فنية صعبة، فالإيقاع، الرتم، الطول، بُعد الكادر أو قربه، التكوين نفسه، الألوان، المساحات، الفراغ، الخطوط.. كلها عناصر تكوين الصورة السينمائية.

وعلى قدر ما تكون هذه العناصر منضبطة تتميز بالاقتصاد في التعبير، تصل بالصورة السينمائية إلى ما نسميه بالتكثيف الشعري.

لا يصدر الشعر عن مشاعر إنسانية سلبية، بل يصدر عن حب للعالم ورغبة متواصلة لتغييره للأفضل".

يقول الناقد الفرنسي جان ميتري:
"الزعم بإدراك الواقع الحقيقي ليس إلا وهمًا أو خداعًا، ومن المستحيل مطابقة الواقع مطابقة كاملة في الفن".

هذا باختصار ما فعله شاهين في كل أفلامه، وتحديدًا في الأفلام التي تناولت وحللت الهزيمة، حيث يقدم شاهين وفي كل فيلم رؤيته الخاصة لواقع بعينه، فمثلًا في فيلم "الأرض" الذي من المفترض أن أحداثه تجري في إحدى القرى، ستجد أن بعض الشخصيات أو أغلبها لا يتحدثون بلهجة أهل القرى.

هذه المطابقة مع الواقع لا تهم شاهين في شيء، لأنه وفي كل فيلم يريد إيصال رسالة معينة، وفكرة محددة للمشاهد، فلن يحول بينه وبين تقديم رؤيته شيء، سواء كان مطابقة الواقع من حيث المكان أو اللغة، أو أي شيء. ولكن ما يهمه فقط هو الاهتمام الشديد بلغته السينمائية ومقاوماتها وثيماتها فقط.

بعد عرض فيلم "الأرض"، فاق الاحتفاء بالفيلم خارج الوطن العربي كل توقعات شاهين، خصص الناقد الفرنسي جان يوري صفحة كاملة له في مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" وهي من أشهر المجلات في فرنسا، ووقف الدكتور أنريكو فويكنتور، مدير القسم الفني في اليونسكو، وقال:

"أيها الأصدقاء لقد حضرنا الليلة عملًا سينمائيًا عالميًا رائعًا، سيدخل تاريخ الفن السينمائي".

التفكير الجاد والحقيقي والانشغال بالواقع، هو الذي جعل الفرنسيون بعد عرض الفيلم يقولون لشاهين: إن هذه المشاكل التي رأوها في الفيلم يعانون منها أيضًا. وإنها تعبر عنهم وليس عن المصريين فقط:

"هنا تأكدت أنه لكي تكون عالميًا يجب أن تكون محليًا في نفس اللحظة، أن تدرك مشاكلك مهما بدت محلية، وأن تتأملها بصدق وبعمق، لتصل للجميع".

اقرأ أيضًا:

بتهمة سب المنتج محمد الشاعر.. إحالة شيرين عبد الوهاب إلى محكمة الجنح

ميسرة: أنا نفسي أتجوز وائل الدحدوح

منة شلبي تؤكد غيابها عن موسم رمضان 2024: السنة دي أنا "congé"

جرعة زائدة من الأكشن وظهور مميز لآسر ياسين ... ملاحظات على البرومو التشويقي لـ"ولاد رزق 3"


كاميرا في الفن في العرض الخاص لفيلم ليه تعيشها لوحدك ... شاهد ماذا قال النجوم

حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)

جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt

آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ

هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5