على خلفية الجدل الدائر بين اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري وشركة "روتانا"، حول تراث الأغاني المصرية الذي تم بيعه لشركة "روتانا"، وجه المنتج محسن جابر خطابا إلى المهندس أسامة الشيخ، تعقيبا على خطاب الأمير الوليد بن طلال، بشأن أزمة بيع التراث الموسيقي.
جاء في بيان من المكتب الإعلامي لشركة "مزيكا": قام المنتج محسن جابر رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "مزيكا" بصفته مواطناً مصرياً بإرسال خطاب إلى أسامة الشيخ رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، تعقيبا على خطاب الأمير الوليد بن طلال الذى أرسله إلى المهندس أسامة الشيخ بشأن أزمة بيع التراث الموسيقي، وتم نشره على جميع المواقع الإلكترونية، وجاء نص خطاب المنتج محسن جابر للتوضيح وللتعليق على بعض النقاط وهو كالتالي:
السيد المهندس/ أسـامــة الشيـــخ
رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون
تحية طيبة .. وبعد
أود أن أسجل لدى سيادتكم أنني شعرت بالاستياء والضيق الشديدين كمواطن مصري من الخطاب الذي تم نشره على جميع المواقع الإليكترونية وهو خطاب سمو الأمير الوليد بن طلال الموجة لسيادتكم، الذي يبدو وكأنه تعمد تسريبه ونشره على المواقع الإليكترونية، وكأن الهدف والمقصود منذ ذلك هو تشويه وجه التليفزيون المصري والإساءة إليه، وكنت أنتظر من سمو الأمير أن يرسل هذا الخطاب من خلال القنوات الشرعية الرسمية والمعروفة، وليس عن طريق "التفضيح" الإعلامي، وقد لاحظت أن هذا الخطاب قد اشتمل على عدة نقاط لابد من التعقيب عليها كمواطن مصري، طالما أن جميع محتواه تناقلتها جميع المواقع الإليكترونية وأيضاً بعض الصحف والمجلات.
فقد ذكر سمو الأمير في بداية خطابه أن مكتباته مفتوحة أمام التليفزيون المصري لتقديم كل ما لديها من برامج فنية وأفلام وأغانى.
والحقيقة، ما كان يجب أن يصدر من سموه مثل هذا التصريح، حيث شعرنا كمصريين بأن التليفزيون المصري في حاجة ملحة إلى هذه المكتبات، وكأن هذه المكتبات هى في حجم أكبر من حجم مكتبات التليفزيون المصري، ويبدو أن سموه قد نسى أن محتوى مكتباته تم الاستحواذ عليه من المكتبات المصرية.
كما أوضح سموه أنه اشترى التراث الموسيقي بسعر هو أعلى عرض لسعر تم البيع فيه في عام 2004.
لقد تصور سموه أن عشرة دولارات للدقيقة هى أعلى سعر لشراء التراث الموسيقي، ولكن الحقيقة أن هذا القول غير صحيح, ذلك أنه لم يتم الإعلان عن بيع هذا التراث الموسيقي أصلاً حتى تتقدم الشركات بعروضها لوضع السعر المناسب لهذا التراث (إذا كان للبيع أصلا).
كما أنني مستاء من معايرته للتليفزيون المصري بأن سموه قد قام بترميم الصوت والصورة لصفقة التراث وبثها عبر قنواته للجمهور العربي دون اشتراك وبلا أي مقابل، فلم نر أي أثار لهذا الترميم، كما نسي سموه أن بث مثل هذه المواد الفنية التراثية على قنواته والقنوات غير المشفرة تجلب المشاهدة للمحطات الخاصة به, وبالتالي الإعلانات التي تغطي تكاليفه، بل وحققت لسموه أرباحاً هائلة تقدر بالملايين من الدولارات من وراء استغلال هذا التراث الضخم.
أيضاً ذكر الأمير الوليد في خطابه أن شركته اتخذت المبادرة لنشر هذه الأغاني المصرية بغض النظر من أن بعضها لا يرقى لمرتبة التراث الفني لمطربي مصر القدامى، وكأن التليفزيون المصري "يحمله" أغاني لا يرغب في شرائها، بل غصباً عنه ودون رضاه، أو بمعنى آخر "يشربها له"!!.. وهو بهذا يهين هذا التراث الذي استلمه وحصل عليه! في نفس الوقت يذكر أنه يعمل على خدمة التراث المصري ويحافظ عليه، وكأنه هو وزارتي الثقافة والإعلام المصري الذي يحافظ على التراث المصري أكثر من المسئولين فيهما، وفي موضع آخر لم ينكر سمو الأمير أن هذه الأغاني مازالت مملوكة للتليفزيون المصري وأن التعاقد هو عقد استغلال وليس عقد احتكار، فهل يعقل أن يكون هذا العقد بالاستغلال لمدى الحياة؟! فما هو الفرق هنا بين الملكية وعقد الاستغلال الأبدي الذي يزعمه؟
إنني كنت أتمني وأطالب أن يقوم الأمير الوليد بتوقيع ملحق لهذا العقد لتوضيح أنه عقد استغلال وليس عقد شراء، وأن يكون متضمناً مدة استغلال محددة وليست مطلقة، وأود الإشارة إلى أنني لست هنا في موقع الدفاع عن سيادتكم شخصياً، عن ما ذكره في خطابه أنه كان يتوقع منكم شخصياً أن تقفوا مع الحق، وكأن سيادتكم وقفتم مع "الباطل"، وأرى أن في هذا الأمر إهانة كبرى ليس لسيادتكم شخصياً فحسب، وإنما هى إهانة أيضاً للإعلام المصري، لأن سيادتكم رمزاً كبيراً من رموز الإعلام المصري الذي ندور نحن في فلكه، فلا يجوز لسموه أن يصرح بذلك، خاصة أن سيادتكم دائماً تنصرون الحق، كما أننى لا أشك لحظة أن سيادتكم قادر على الدفاع على مثل هذه التجاوزات.
كما تساءل سمو الأمير هل الاعتراض قائم على مبدأ البث أم على سعر الدقيقة؟! واستطرد بأن من ناحية السعر لا توجد جهة منذ ذلك التاريخ (2004) وإلى اليوم دفعت أعلى من الذى دفعه، كما طلب أن يتقدم اتحاد الإذاعة والتليفزيون بمثال لقناة دفعت مبلغاً أكبر مما دفعته شركة روتانا.
والحقيقة أن هذا التعاقد قد تم دون إعلان أو مزايدة أو مناقصة!.. بل ولم يعرف أحد أن هذا التراث قد عرض أصلاً للبيع، حتى تتقدم الشركات بعرض السعر المناسب لهذا التراث، وفي إطار هذا الصدد ورغم رفضنا التام لمبدأ بيع التراث أو تقييمه مادياً، فإننا على استعداد لاسترداد مثل هذه الصفقة، أو ما تم بيعه بضعف القيمة التي بيع بها التراث الموسيقي، وتفضل علينا سمو الأمير بسدادها.
ولقد تساءل سموه أيضاً، هل وصل اتحاد الإذاعة والتليفزيون عرضاً أفضل مما تعاقد عليه من ستة أعوام؟ وكأن هذا الجهاز يتسابق في سبيل الوصول إلى عرض أو في سبيل سعر أفضل، ونسى سموه أن تراث أي بلد لا يقدر بثمن، حتى يتم المزايدة عليه!
وفي سرد سموه في المقطع الأخير من الخطاب أنه كان يضع في سيادتكم وفي الإعلام المصري آمالاً عريضة لزيادة ضخه استثماراته لهذا البلد الحبيب، كما هو حال عين قادتها.
وأرى أن في هذا التصريح إشارة واضحة وصريحة على تهديد سموه لوقف استثماراته عن هذا البلد الحبيب، وكأن رزق 80 مليون مواطن مصري مرهونة باستثمارات سموه.
وأخيراً، سعادة رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أرى أنه من واجبي كمواطن مصري غيور على التراث الفني وعلى مستقبل ريادة هذا البلد، أن أحيي سيادتكم على عدم التهاون في حماية تراثنا الموسيقي الذي لا نشك لحظة في أن سيادتكم قادرون على حمايته من الضياع والبيع والاندثار، كما سبق وشعرنا "بالغم والهم" بعد ضياع التراث السينمائي وفقدنا الاستحواذ عليه، إن تراثنا الموسيقي في أشد الحاجة إلى من يحميه ويدعمه، وقد جعلكم الله في هذا المنصب كي نرى في حقبتكم ازدهاراً للفن الموسيقي، وحمايته من الضياع والبيع للآخرين، حتى ولو قدموا المليارات من الدولارات.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير،،،
تحريراً في :1/7/2010.
محسـن جـابر
رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "مزيكا"