"أسطورة" مايكل جاكسون: أسئلة لا تحتاج إجابات!

تاريخ النشر: الخميس، 24 يونيو، 2010 | آخر تحديث: الخميس، 24 يونيو، 2010
الأسطورة مايكل جاكسون

لازلت أذكر ذلك اليوم الذي عاد فيه عمي -رحمه الله- من الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل التسعينيات، بحقيبة مليئة باسطوانات بعضها لمغني أسمر والبعض الآخر لشخص يشبهه ولكن ببشرة بيضاء، قال عنها "إنها الموسيقى كما يجب أن تكون"، لم أفهم وأنا طفل في السادسة من عمري ماذا يقصد بالضبط، هل يقصد أن عمرو دياب ومصطفى قمر وحميد الشاعري لا يقدمون الموسيقى كما يجب أن تكون؟!

أتذكر أنني عندما كنت أزوره وأستمع بالصدفة لإحدى الأغنيات من تلك الاسطوانات العجيبة، كنت أستغرب غالبا، وتعجبني بعض الأغنيات أحيانا. لم أفهم كلمة مما يقال، ولكن الموسيقى كانت دائما غريبة بالنسبة لي.

وتمر الأيام وأكتشف أن هذا الرجل يلقبونه بـ "ملك البوب"! لم أفهم لماذا؟ هل هذه الأغاني الغريبة تجعله ملكا لنوع موسيقي بأكمله؟! ثم لماذا تحول جلده للون الأبيض فجأة؟ ولماذا أشاهد صوره في المجلات وهو متجه للمحكمة بتهمة ما؟ يبدو لي أنه شخص غريب بالفعل.

كل تلك الغرابة المحيطة بمايكل جاكسون "أو على الأقل بالنسبة لي"، كانت كفيلة بألا أحاول الاقتراب من عالم موسيقاه الذي يختلف كثيرا عن عالم الموسيقى الذي أعرفه، بعذوبة صوت الناي، وروعة العود الشرقي، وحتى صوت الجيتار الإسباني الذي أصبح قاسما مشتركا في أغلب الأغاني العربية من نهاية التسعينيات. بل وحتى الموسيقى الغربية الكلاسيكية أو موسيقى الروك آند رول التقليدية.

حتى جاء ذلك اليوم من شتاء 2003، وقررت أن أنفض التراب عن الجزء الخاص به من مكتبتي الموسيقية، بدأت بالاستماع إلى ذلك الألبوم الذي سمعت عنه مرارا و تكرارا أنه حقق أعلى المبيعات في تاريخ الموسيقى منذ عرفتها البشرية، بالطبع أقصد ألبوم Thriller، ثم Dangerous، وHistory، وOff the Wall، وBad، والكثير من الأغاني المنفردة "singles" التي يفوق عددها مجموع أغاني تلك الألبومات مجتمعة.

ياللروعة! وأنا الذي ظننت أن الأغاني لابد أن تكون عن الحبيبة أو عن الوطن! أخيرا استمعت لشيء يتحدث عن الغضب، الظلم، عن الضعف، عن الخوف، الهروب، الرغبة، عن الضجر، القوة، عن الكذب، الثقة، عن الطبيعة الإنسانية، العزلة، عن الأمل، وعن أعمق المشاعر التي يمكن لإنسان ما أن يشعر بها، كل ذلك في قالب موسيقى عبقري، أقل ما يقال عنه أنه صعب أن يتكرر!

ومن هنا بدأت رحلتي للبحث عن سر ذلك الأسطورة، بدأ من فريق The Jackson 5، ثم المنتج الموسيقي العبقري Quincy Jones، والعديد من براءات الاختراع المسجلة باسمه! (جاكسون)، ومرورا بكل بالشائعات والغموض الذي أحاط بحياته وحتى وفاته.

ومؤخرا جاءت الفرصة لي ولكل من لم يتمكن من حضور حفل حي له، لحضور فيلم This Is It، الذي أتصور أنه كان وجبة موسيقية متكاملة العناصر، من الاهتمام بأدق التفاصيل، لهندسة الصوت، لتصميم العرض ككل، وطبعا للأداء "غير العادي" لأسطورة كتب اسمه بحروف لامعة (كقفازه الشهير) في تاريخ الموسيقى.

ليست مقالتي هذه لسرد أعمال مايكل أو الحديث عن قصة نجاحه، فهي معروفة بالفعل ولست من سيضيف إليها جديدا، ولكنها اعتراف صادق بخطئي (والعديد من أبناء جيلي) في الحكم على متهم قبل الاستماع لما لديه من أقوال! والتأثر بثقافة ما لدرجة الانغلاق على ثقافات أخرى.

واليوم وبعد عام من وفاته، لم تنته الأسئلة التي تطرح فور أن يدور نقاش عنه: هل صبغ جاكسون جلده أم أصيب بمرض؟ هل تحرش فعلا بأطفال أم هو جنون المال والطمع؟ كم عملية تجميل قام بها؟ هل أسلم قبل وفاته؟ هل انتحر أم قتل؟

بصراحة لا أهتم بمعرفة أي إجابات لتلك الأسئلة، فقط أتمنى أن أعرف متى سوف نكف عن الحكم على الناس من مظهرهم أو ما يقال عنهم؟ ونلتفت فقط لأعمالهم والتأثير الذي تركوه في العالم، ونحاول التعلم من تجربتهم بل وحتى من أخطائهم!