نورهان كامل
نورهان كامل تاريخ النشر: الأربعاء، 26 أكتوبر، 2005 | آخر تحديث: الأربعاء، 26 أكتوبر، 2005
"لا توجد سينما حالياً .. فنحن لم نعد مطلوبين في هذه الصناعة كما كنا من قبل"!

في البداية نريدك أن تحدثينا عن مسرحية "حكايات لم ترويها شهرزاد" التي عدتي من خلالها إلى الجمهور وما أثير حولها من جدل؟
حكايات شهرزاد تذكرنى بـ"الحكواتي" وهو شخص معروف أنه "حكاء" موجود في الشام يدور في المقاهي ، فهناك نقطة إلتقاء بين الإثنين ، فشهرزاد حكاءة والحكواتي حكاء أيضاً وانطلق الإثنين في شهر رمضان ، وشهرزاد 2005 التي أجسدها هى بعيدة تماما عن الخيال والطقوس المعتادة التي من خلالها تراوغ شهريار من خلال حكاياتها.

ولأني كنت في حاجة إلى أن أعود للمسرح بنص له علاقة بما يحدث في الشارع العربي وما يتماشى مع هموم المواطن العربي سواء كان من الجزائر أو مصر أو أي مكان آخر ، حيث أن هناك قواسم مشتركة بين الشعوب العربية ومنها سيطرة القيصر الأمريكي ، ونحن بالفعل بدأنا نتهاوى ونقترب من حافة الهاوية ، فكان من الضرورى تقديم عمل يناقش ما يحدث على الساحة العربية بوجه عام.

لذلك إنتظرت طويلا لأحصل ما أريد ، وخاصة أنه كانت تأتيني العديد من النصوص ولكنها كانت مباشرة للغاية وبها صخب ولكن ليس بها عمق ، إلى أن جاءني هذا النص ، الذي يتناول حكاية الإنسان العربي المقهور من الحكومة في كل بقعة عربية ، وحكايات عن الظلم والعدل ، كل ذلك وجدته مجسد لى الورق بشكل إستفزني ، فوافقت على الفور وجلست مع السيناريست لمراجعة بعض الأشياء ثم بدأت العمل عليها.

وهل وافقت الرقابة على هذا النص؟
أنا لم أمضى العقد إلا بعد موافقة الرقابة عليه ، وبصراحة لم أتخيل أنه من الممكن أن توافق الرقابة على نص يصفع وجه الحكومة بهذا الشكل ، لكن جاءت موافقة الرقابة ، وأنا تأكدن بذلك أن لدينا هوامش من الحرية وحرية التعبير ، والدليل هو موافقة الرقابة ووزارة الثقافة على نص يدين كل ممارسات الحكومة التي أصبحت كل إفرازتها تمثل مستنقعات ، فهى تحتوى على إسقاطات واضحة ، وبالتالي مضيت في العمل على هذا النص ، والحمد لله على الصدى الذي حققته ، ولكنها توقفت الآن بسبب مهرجان المسرح التجريبي ، إلا أننا سنستكمل عرضها على مسرح الجمهورية الذي أعتبره المسرح الأكثر إلتزاماً في مصر.

ولماذا وصفت مسرح الجمهورية بالمسرح "الملتزم" .. هل تري أن باقي المسارح غير ملتزمة؟!
هناك العديد من مسارح القطاع الخاص الجيدة ، ولوإستثنينا مسرح الفنان الجميل عادل إمام لأنه إنسان ملتزم يقدم من خلال فنه مشاكل وقضايا الفرد والإنسان ، فأنا أشعر أن مسرح الجمهورية هو مكاني.

ألا تخافي من وقف عرض مسرحيتك في أي وقت؟
من الممكن أن يحدث ذلك ، وأن يقولوا لي أن أبتعد عن هذه الحكايات ، لكن كما يقال "من شب على شىء شاب عليه" ، فانا أتمنى من كل قلبي أن يستمر عرض الرواية ، وقد قمنا بالفعل بتسجيلها للمسرح ولكن التليفزيون رفض أن يعرضها ، وأنا من خلال مسرحيتي لا أنافق الحكومة ، لأنها بها كمية كبيرة من الجرأة لطرح المشاكل الأساسية التي أساسها القهر الذي تمارسه السلطوية الحكومية على البني آدم.

وبالطبع هذا هو ما يقدمه النص ، ولكن مابالك أن يكون الشخص الذي يجسدها شخص ساخن بطبيعته ومتفاعل مع سخونة الأحداث التي توجد في المنطقة.

والمسرحية سياسية من الدرجة الأولى ، وعلى الرغم من أنني جبت كافة أنحاء الوطن العربي إلا أنني لم أجد مساحة الحرية المتواجدة في مصر ، ولكنني لا أستطيع ان أقول مساحات ولكن هى هوامش من الحرية!

ما الذي يميز شهرزاد 2005 ؟
هى شهرزاد متمردة على واقع ، غير آبهة من الموت ، فأول ظهور لها على المسرح أردد عبارة "أنا هنا من أجل الموت"!

نحن نسمع دائما عن تكريمك كفنانة ، ولكن الجديد في الموضوع أنه تم تكريمك منذ فترة قصيرة كشاعرة وأديبة!
هذا التكريم يعتبر أول تكريم لي ككاتبة ، فكان له طعم وفرحة خاصة ، لأني كنت في يوم من الأيام كنت أطمح في أن أكون في عالم الأدب ، وكان حلمي أن أصبح مثل غادة السمان وناظك الملايكة وفدوى توقات ، فكلهم عمالقة ومنذ طفولتي وأنا متشبعة للغاية بهم ، ومن أجل ذلك جئت مصر وحصلت على ماجيستير في آداب اللغة العربية من عشقي في هذه اللغة.

وبالطبع الإنسان يفعل ما يريد والله يفعل ما يشاء ، فإتجهت للفن ولكنى لم أنقطع عن الكتابة فكانت بدايتي في دار الهلال بالقطعة ، وظللت أكتب طوال الوقت ، ولم أحرم نفسي من الكتابة وتعاملت مع العديد من المجلات والجرائد كالشرق الأوسط لفترة والعديد من المجلات والمطبوعات السعودية والخليجية ، ومؤخراً عدت لكى أعمل بشكل محترف كصحفية.

كما أني أصدرت مطبوعة في عام 1983 عبارة عن ديوان شعر بعنوان "مواسم العشق" ، وبعد ذلك أصدرت مطبوعة أخرى في التسعينات بعنوان "يوميات جارية".

لماذا إبتعدتي عن السينما والتليفزيون؟
لا توجد سينما ، فالسينما توقفت بالنسبة لنا ، فنحن لم نعد مطلوبين في السينما كما كنا في بدايتنا ، أما التليفزيون فأقوم بعمل مسلسل واحد في السنة ، وأنا بوجه عام لا أحب ولا أفضل التليفزيون ، وأصبحت شبه متفرغة للكتابة ولدي الآن نتاج كبير بفضل الله سبحانه وتعالى سأقوم بإطلاقه مع بداية السنة الجديدة ، كما أن لدي الآن مقال أسبوعي في جريدة دار الصدى ، ولي مقال شهري في دبى الثقافية.

فيلم "الأمبراطور" كان نقله حقيقية لكِ ، وكان تمثيلك متقن للغاية مع الفنان أحمد زكي ، وتعايشتي مع الدور بطريقة كبيرة لدرجة أننا شعرنا أنكِ بالفعل مدمنة .. حدثينا عن هذا الدور ، وهل شعرت بالفرق في التعامل بين ممثل وآخر؟
بالطبع هناك فرق كبير للغاية في التعامل مع ممثل وممثل آخر لأن الوقوف بجوار العملاق أحمد زكي هذا الفنان المتوهج من الصعب أن أكون أمامه ضعيفة ، لذلك يجب أن أكون متوهجة أنا الأخرى أمامه في أداء الدور.

أما عن فيلم "الإمبراطور" فلقد رأيت العديد من حالات الإدمان لكي أستطيع أن أجسد الشخصية ، وتعايشت معهم وأجريت دراسة عليهم ، لذلك هذا الفيلم أرهقني للغاية ، وأذكر أنه في اليوم الواحد من التصوير كنت أضطر إلى إعادة المشهد مرات عديدة ، لدرجة أنها وصلت في مرة من المرات إلى 13 و14 مرة إعادة ، وأصبت بإنتفاخات في وجهي بسبب مشاهد الشم الكثيرة في الفيلم ، وهى ليست من البودرة التي كنت أستخدمها ، فهى لم يكن لها آثار جانبية على الإطلاق ، ولكن مجهود الشم الذي كنت أبذله أرهقني كثيرا ، وبعد إنتهاء الفيلم قمت بعلاج في ركبتي لفترة طويلة لكني في النهاية كنت سعيدة للغاية بنجاح الفيلم ، ونسيت كل المتاعب التي مررت بها.

ما تعليقك عن ما تردد حول زواجك من الفنان أحمد زكي؟
هذه بالطبع إشاعات ، ولكن ما الذي يمنعنا من الزواج وإعلانه إذا كنا نريد الزواج! ، فالجمهور أحبنا ونحن معاً ، بعض الأشخاص كانوا عندما يرونا معاً يسألونا متى ستشاركوا في فيلم واحد مرة أخرى.

وبشكل عام لا تصدقوا الإعلام و لا تصدقوا المانشيتات الكاذبة ، والجمهور لديه وعي كافي يستطيع من خلاله أن يميز ما بين المعلومات الصحيحة والمعلومات الخاطئة ، فالمسألة أصبحت "غاغة" والآن كل من يريد أن يكتب مانشيت يكتبه كما يريد ، ولابد أن نحكم هذه العملية أكثر من ذلك!

هناك نوعين من الممثلين ، الممثل الذي يضع خط أحمر بين شخصيته الحقيقية وشخصيته في الفيلم ، وهناك من يعيش في الشخصية بكل كيانه ولا يستطع الخروج منها ، ما تعليقك على ذلك؟
بالفعل هذا صحيح .. نور الشريف يملك من الإحتراف ما يجعله يضع خط ما بين شخصيته وتمثيله ، لكن الفنان أحمد زكي يغوص في العمق ويتقمص الشخصية ، فأثناء تجسيده لدور عبد الناصر وهو يرتدي البالطو والنظارة تعجبت عن أسباب إنتفاخ رقبته ، رغم أنه لم يفعل أي شىء لتكون منتفخة كل هذا الإنتفاخ ، ولكنه من النوع الذي يعيش مع الشخصية بدرجة كبيرة ، وتأخذ وقت كبير معه لكي تتركه ، وتبقى الرواسب التي نسعى بعدها إلى التخلص منها.

ما هو تعليقك على الأوضاع السياسية الحالية في سوريا بإعتبار أنكِ سورية الأصل؟
أنا أشعر دائماً أن أي مكان هو موطني ، لم أشعر ولو للحظة اني لست في موطني ، فكل البلاد التي ترددت عليها أشعر أنها بلدي وموطني ، ولا أستطيع أن أفصل بين حالة سوريا وحالة لبنان ، فأنا رجعت من لبنان منذ فترة قصيرة للغاية فوجدت هناك نتاج ضخم من القهر ، وحصاد طويل من الكسر في عمق المواطن ، لكنني في النهاية لا أتمنى بالطبع إستشعار أي أفق أمريكي في المنطقة.

ومن وجهة نظري سوريا مستهدفة ومخطط لها أن يتم تقسيمها وتوزيعها مرة أخرى ، وهى تحت المجهر منذ فترة طويلة فبالطبع أمريكا تريد أن تؤمن حدود إسرائيل ، وبعد ذلك تدخل في سوريا كما تشاء.

أيام حافظ الأسد على المستوى الخارجي كانت إسرائيل تريد ان تتفاوض معه ، ولكنه كان يأبى ذلك ، ولكن الآن الوضع إختلف تماما ، فالسوريون أصبحوا من يتحايلون من أجل التفاوض ، وهذه المرحلة هى مرحلة سقوط أمة ولسنا في مرحلة نهوض!

وماذا عن أبناءك .. هل منهم من يملك حس فني؟
أنا لدي بثينة وتميمة ومحمد ، إبنتي بثينة سافرت لتكمل دراستها بالخارج ، وهى تدرس تصميم الأزياء ، وهو نوع من أنواع الفن أيضاً.