لماذا أحببنا الشيف أسامة السيد؟ "النَفَس" ليس مجرد طبخة

تاريخ النشر: الأربعاء، 2 نوفمبر، 2022 | آخر تحديث: الأربعاء، 2 نوفمبر، 2022
الشيف الراحل أسامة السيد

في مطلع التسعينات كانت أمي تخصص ساعة يومية من نهارها لمتابعة برنامجه على شاشة mbc ، تلك الأيام الجميلة الهادئة التي كانت واجباتنا المدسية هي أكبر همومنا، أيام عرفنا فيها برامج "الطبخ" ، التطور الطبيعي لكتب أبلة نظيرة، وأول من أعاد صياغة هذا التطور ورسم ملامحه كان الشيف أسامة السيد.

يحجز الرجل في قلب كل منا مساحة خاصة، حدودها ابتسامته الهادئة، ومودته، ورحابة صدرة وهو يسمع تساؤلات المتصلين ، ويرد عليهم بصبر، مُعلم يمنح دروسًا في فنون الطبخ لفتاة مقبلة على الزواج، أو أم ملت من روتين المائدة، أو شاب مغترب لم يُجرب سلق المكرونة من قبل.

سر هذا الحزن الممزوج بالمحبة على رحيلة يكمن في "النَفَس" الذي ميز برنامجه وشخصيته، لم يكن مجرد شيف يسعى لزيادة رصيدة في البنك عبر دخول عالم التليفزيون، بل كمن يطهو أكلة بحب و"نَفَس" يميز مذاقه عن الآخرين .

أسامة السيد كان المسئول عن مائدة الرئيس الأمريكي لسنوات

حول برنامجه إلى محاضرة في التدبير المنزلي تفك ألغاز سفرة كل بيت ، أول من قسم أيام الأسبوع لحصص في الوجبات ، يوم للحوم، ويوم للسندوتشات، ويوم للمبتدئين في المعجنات، ويوم اقتصادي، مد من عادات البيوت المصرية البسيطة جسرًا يوصله بهم عبر شاشة التليفزيون، لم يخترع ما لذ وضاق به جيوب الناس، علمهم كيف يحبون الأكل ويحترموه ويديروه، وانطلق إلى عالم الكتب فقدم عشرات المؤلفات التي تلونت صفحاتها بين الحلو والحادق والشرقي والغربي والهندي .

تخرج الشيف أسامة السيد من معهد السياحة والفنادق عام 1979 ، ثم سافر إلى الولايات المتحدة مطلع الثمانينات ، وشق طريقة هناك كرئيس لطهاة واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في تنظيم الحفلات والولائم في البيت الأبيض ، حتى أصبح الشيف المسئول عن إعداد مأدبة الرئيس الأمريكي.

بدأ رحلته في أمريكا وانتقل لنجومية التليفزيون مطلع التسعينات

من برنامج "بالهنا والشفا" وصولا إلى "مطبخ سي السيد" وغيرها من البرامج التي حملت بصمته الخاصة حفر أسامة السيد كل هذه المحبة في قلوب وعيون المشاهدين ، ظلت الأمهات والفتيات والشابات يتابعن أخباره حتى بعد اختفائه خلال سنوات مرضه الأخيرة حيث استقر في الولايات المتحدة قاطعا رحلة شاقة في مواجهة السرطان اللعين.

رحل أسامة السيد الذي أحببنا معه برامج الطبخ التي تشبهنا، رحل وترك أثرًا كبيرًا في كل بيت عربي ببساطة ونَفَس وذوق نادر التكرار.

اقرأ أيضًا :

"ندرا عليا لأدبح خروف" ... هل أنقذتم بهاء سلطان من نصر محروس حقًا؟

معارك التسعينات – علاء عبد الخالق وحميد الشاعري .. صداقة على خط النار

لماذا تجد النساء الحُب في أغاني كاظم الساهر؟

معارك التسعينات – حسن الأسمر وحكيم .. سنوات الحرب الباردة على عرش الأغنية الشعبية