"سميعة" من الدرجة الثالثة

تاريخ النشر: الخميس، 11 مارس، 2010 | آخر تحديث: الخميس، 11 مارس، 2010

ظاهرة جديدة قارب على أن تكون -للأسف- قاعدة بين مستمعي الغناء في مصر حاليا، فالكثير من محبي المطرب "س" ليس فقط لا يفضلون منافسه "ص" ولكن يعملون من أجل هدمه!

رغم أن هذه الطريقة قد تبدو غاية الحب لنجمهم المفضل، فإنها في حقيقة الأمر "بايخة"، ولا تصلح للفن، الذي يملك أكثر من قمة ويستوعب الجميع.

إذا كانت طبيعة الرياضة تفرض عليها ضرورة الفوز أو الهزيمة، فلفوز مَنْ تشجعه يجب أن يتلقى الكل الهزيمة، أما الفن فيمتلك طبيعة أخرى، حيث يمكن أن يفوز الجميع، ومن الأفضل أن يحتفظ الفن بهذه الميزة غير المتاحة لأي مجال آخر.

فالمثال حي في مطربي زمن آخر، فمن يفضلون فيروز لا يقللون من قدر أم كلثوم أو العكس، أما الآن فمحبي تامر حسني لابد أن يحاربوا عمرو دياب والعكس بالطبع، والأمثلة عديدة والاتهامات كثيرة ويمكن تأليفها.

صراحة هذا النوع من المستمعين المشجعين المائلين للكرة أكثر منهم للفن أصبحوا أكثرية ولكنها غير مفهومة، والغريب أنهم يقحمون أنفهم في خلافات محبيهم بدون أي مبرر، فبالرغم من وجود خلافات في الماضي مثلا بين فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، فإن مهووسي حليم لم يأبهوا بهذه الأزمة، مطالبين الأطرش بالاعتذار له أو اتهام المطرب السوري بـ"أنه مالووش فيها" وهذا للأسف ما يمكن ذكره من التطاول.

أصبح من الضروري في وجهة نظر البعض أن يتحول الفن إلى "أهلي" و"زمالك" و"إسماعيلي"، ليس للاستمتاع بالطرب أو الاستعراض ولكن لشعور غريزي بالانتصار والمنافسة.

الفن الكروي!

لم يكتف الفنانون بتحول مستمعيهم إلى طريقة مشجعي الدرجة الثالثة في مدرجات مباريات القدم، وهذا ليس إهانة لجماهير الدرجة الثالثة، ولكنه توصيف لحالة المستمع حاليا، بل حاولوا أيضا أن يكونوا "ملكيين أكثر من الملك" وكأنهم في مزايدة على الوطنية، فقدموا الأغاني الوطنية، التي لا تمت للوطنية، إلا في حال ارتداء الزي الرسمي للمنتخب المصري لكرة القدم.

فهي أغاني رياضية بالمقام الأول وليست وطنية، يقدمها البعض لإثبات الحضور في الاحتفال، ويستغلها آخرون لمزيد من الانتشار، خاصة في ظل طغيان أجواء كرة القدم على مصر في الوقت الحالي.

للأسف هذه الحالة تحولت إلى ظاهرة وللمطربين دخل في زيادتها، ربنا يطول في عمرها فيروز التي سئلت ذات مرة عن رأيها عمن على قمة الغناء العربي هي أم كوكب الشرق فأجابت أن القمة تتسع لهما معا!