أكرم "للي" ومنسي "الهلالية" .. القصة الكاملة للسطو على فولكلور الصعايدة

تاريخ النشر: الثلاثاء، 26 يوليو، 2022 | آخر تحديث:
هل يتحمل محمد منير مسئولية الورطة التي وضعه فيها أكرم حسني؟

حذف موقع يوتيوب فيديو أغنية "للي" للنجم الكبير محمد منير بعد الاتهامات التي وجهها المطرب والملحن محمود المنسي وقبله الشاعر عادل صادق للفنان أكرم حسني مؤلف وملحن الأغنية .

معركة جدلية طالت أكرم حسني عندما اتهمه الشاعر عادل صادق بالسطو على أحد أبياته في أغنية منير، وبرر أكرم المسألة بأنها قد تكون توارد أفكار ، والحقيقة أن التوارد وارد في حد ذاته، ولكن الأغرب في إشكالية أغنية "للي" الآن أننا دخلنا معها مستوى آخر من السطو الفني الذي تورط فيه أكرم ومن قبله المنسي .

تعامل يوتيوب مع الموقف من منطلق من طرح الأغنية أولًا ، ولكن خوارزميات اليوتيوب واداراته لا تعرف حقيقة السطو المعلن على الفلولكلور الصعيدي من محمود المنسي أولا ، ومن أكرم حسني ثانيًا، بل إن الأخير برر الموقف بجملة لا يمكن قبولها عندما قال في مداخلته مع عمرو أديب : الأغنية شبه لحن أغنية حمادة هلال مدد يارب ، وكل ده متاخد من جملة فولكلورية !

المفارقة أن الاعتراف بالاقتباس من الفولكلور دون الإشارة إليه صراحة على تيترات الأغاني يمثل في حد ذاته جريمة فنية ، ارتكبها محمود المنسي في أغنيته "ولد الهلالية" التي نسبها لنفسه لحنا وكلمات في البداية ، ثم جاء أكرم حسني لينسبها هو الآخر لنفسه مستهينا بتجاهل الاشارة للاقتباس الواضح إلى حد النقل التام.

أغنية "ولد الهلالية" ليست ملكًا لمحمود المنسي في الأصل ، ولم يبتكر أكرم حسني لحنها ، الأغنية الأصلية واحدة من روافد السيرة الهلالية التي غناها ملوك الموال الصعيدي على مر العصور.

اشتهرت الأغنية باسم "يونس خطر في السوق" ليغنيها مطربين الموال الصعيدي وورثها الريس متقال رغم عدم توفر تسجيل بصوته للأغنيه الآن ، ولكنه لم يكن الوحيد الذي غناها حيث قدمتها من قبل المطربة الشعبية الشهيرة خضرة محمد خضر .

الأغنية قدمها آخرون ممن حملوا لقب "الريس" قبل أساميهم ، ومنهم في العصر الحديث الريس أبو خميس ، والريس شحات البنجاوي ، والريس ناصر السيد ، والريس مبارك الصعيدي .

وبعد هؤلاء قدمت المطربة الجزائرية أمل وهبي نسخة جديدة من الأغنية ولكنها للأسف الشديد نسبتها للملحن والشاعر مدحت الخولي ، الذي اقتبس نفس اللحن وأضاف للكلمات الأصلية بعض المفردات المختلفة مع الالتزام التام بالفكرة ، وتولى خالد عبد الرحمن التوزيع وحملت الأغنية اسم "ولد الهلالية".

المثير للسخرية أن بعد كل هؤلاء جاء محمود المنسي لينسب اللحن لنفسه ، دون الاعتراف بالمصدر الأصلي للأغنية وهو الفولكلور ، بل وزاد من ذلك اصراره على فكرة سطو أكرم حسني ومحمد منير على ابداعه الفني دون وجه حق ، فالحقيقة أن أكرم حسني هو الآخر استخدم لحنا فولكلوريا ونسبه لنفسه دون أن يدرك مصدره الأصلي أو يمنح نفسه فرصة للمراجعة والتدقيق التزاما بالأمانة الفنية .

قصة أغنية "للي" تفتح جرحًا غائرًا في جسد صناعة الأغنية المصرية منذ زمن بعيد ، حقوق الملكية الفكرية التائهة تحت مسمى الفولكلور بسبب تجاهل المؤسسات المعنية لتوثيق هذا التراث والحفاظ عليه.

ما لايعرفه الكثيرون أن الفولكلور المصري يضم أكثر من 26 لونًا غنائيا وموسيقيًا شعبيًا من بحري لأقصى الصعيد ، ولم تتحرك وزارة الثقافة للحفاظ على هذا التراث الثري بتوثيقه دوليًا من خلال منظمة اليونسكو ، في حين أن المغرب خاضت معركة فنية طويلة على مدار عشر سنوات لتنجح في توثيق موسيقى "الكناوة كفن مغربي أصيل رغم تماس هويته مع دول الجوار .