وسقط الإعلام المصري

تاريخ النشر: الأحد، 7 فبراير، 2010 | آخر تحديث: الأحد، 7 فبراير، 2010
لاعبو المنتخب يحتفلون بالفوز

قبل الدخول في صلب الموضوع، أعترف أنني لا أفقه أي شيء في كرة القدم، سوى "الهيصة" بعد أي هدف يحرزه المنتخب المصري، وبعد موقعة الجزائر في "أم درمان" أعترف أنني لم ولن أكره الجزائر، سواء شعب أو بلد، وسأظل مؤمنة بالقومية العربية.

ولكن ما رأيته من الإعلام المصري، سواء بعد هزيمتنا من الجزائر في مباراة التأهل لكأس العالم بالسودان، أو بعد فوزنا عليهم في نصف نهائي الأمم الإفريقية 2010، شيء مخز ومحزن، آسف أننا وصلنا إليه، أعلم أن بعضكم سينصحني أن أنظر لإعلامهم لأرى أنهم البادئين والظالمين الجناة، ولكن ديننا يأمرنا بالمعاملة الطيبة ويجب علينا جميعا، مصريين وجزائريين، أن نلتزم به.

استطاع المنتخب المصري أن يعود بالأزمة لمكانها الأصلي في الملعب، وألحق بنظيره الجزائري هزيمة ساحقة بأربعة أهداف نظيفة وثلاثة كروت حمراء، وهذا ما رأيناه كلنا نتيجة مذلة لهم، وشعرت بشكل شخصي أن المباراة كانت طريقة مثالية لاسترداد حقوقنا والرد على كل الإساءات وهجومهم العجيب علينا.

لكن ما وجدته من إعلامنا، أثار ضيقي وأفسد سعادتي بالفوز على الجزائر والتأهل لنهائي البطولة، لم أتخيل أبدا أن ننحدر لهذه الدرجة!!! فكيف يقوم معلق رياضي شهير ومتحدث رسمي باسم اتحاد الكرة المصري بالإشارة بإصبعه بطريقة مشينة وخادشة للحياء على الهواء، كيف استطاع فعلها وهو يعلم جيدا أنه في ليلة كهذه مراقب من كل وسائل الإعلام العالمية التي تريد رصد رد فعل مصر بعد انتصارها؟!

وللأسف لم يكتف بذلك فقط، بل واصل التطاول على الجزائريين قائلا: "ارقصي يا خضرا لأ مش قادرة"، حتى لو هذه الكلمة يتداولها المجتمع المصري، فإن هذه تصرفات الجماهير في الشارع، وعليك يا إعلامي أن تنصحهم أن هذا شعب شقيق شئنا أم أبينا، نحن أو هم، سنظل عربا.

وفي حلقة الأربعاء 3 فبراير 2010 من نفس البرنامج، وهي تعد حلقة احتفالية بفوز مصر بكأس الأمم الأفريقية، استضاف المذيع الكبير كابتن المنتخب اللاعب أحمد حسن وأعد له تقريرا خاصا ليوضح كيف كان دوره مؤثرا مع المنتخب وركز في تقريره "السخيف" على خسارة الجزائر من خلال كلمات لا تمت للإعلام الصحيح بصلة مثل السخرية من اسم المدير الفني للجزائر رابح سعدان ليقول "رابح حبهان" وبدلا من 1 2 3 viva Algerie قال 1 2 3 حسن مفتريي.

فلماذا نسي البرنامج أن حسن شارك في خمس مباريات أخرى حقق فيها اللاعب إنجازات شخصية كثيرة وحصل بناء عليها على لقب أحسن لاعب في البطولة؟!

وفي برنامج آخر على قناة أخرى، يستقبل فيه المذيع -وهو صحفي في الأصل- رسائل قصيرة SMS، وبالطبع لا يقرأ كل الرسائل، بحجة أن الوقت لم يتسع لذلك، ولكنه انتقى من ضمنها رسالة تحمل "نكتة" ابتدعها المصريون على الشعب الجزائري، أنا لست ضد "النكت" فعلى العكس نحن شعب "ابن نكتة"، فليطلق المصريون النكات ويرسلونها عبر المحمول لبعضهم وإلى البرنامج في تصرف غير مسئول، ولكن أن يقرأها المذيع فهذه سقطة له وللبرنامج.

فالإعلام المصري لم يلتزم بريادته الذي ظللنا نفتخر بها على مر الأجيال، وإذا اعتبرنا أن الإعلام الجزائري "سقط" في إدارة الأزمة، فليس علينا أن نجاريه في سقطاته ونسقط مثله، ولا يجب علينا من الأصل أن نلعن ونسب في دولة شقيقة تتحدث لغة "الضاد".

ولا يحق لنا أو لهم أن نشبه بعضنا البعض بإسرائيل العدو الأساسي لنا، والذي ننادي الآن بالسلام بيننا، فالأولى أن نمد يدينا للجزائرين ونعتبر تجاوزاتهم، التي لن ننساها ولن يمحوها التاريخ مجرد سقطات كالتي سقطناها.

فالإعلام المصري سقط ليتكسر قبل انطلاق البطولة، فعندما فشل في الحصول على حق عرض المباريات على تليفزيونه، لم يجد رد فعل سوى الهجوم على محتكري البطولة!

فكلنا فانيين ولكن الوطن باق والحب باق والكره والمعاداة أيضا، ولا يصح أن تأتي أجيال من بعدنا تكره بعضها بسبب مباراة كرة قدم، وعندما يذكر التاريخ أنهم ضربونا بعد المباراة بعد 20 عاما سنشعر بهيافة الموقف.