"سوتس بالعربي".. ليس مجرد نجاح أو كيف تصبح حصانا أسود؟

تاريخ النشر: الجمعة، 29 أبريل، 2022 | آخر تحديث:
بوستر سوتس بالعربي

في كل موسم يوجد عمل هو الحصان الأسود، مسلسل يأتي من بعيد ليحقق نجاحا غير متوقع، ولكن نحن لسنا أمام عمل حقق مجرد نجاح وسط المنافسة الرمضانية الشرسة، بل أمام عمل تفوق وهزم التوقعات التي كانت في أفضل الأحوال ترشحه للعرض خارج رمضان، وأصبح في المربع الذهبي لقائمة المشاهدات.

وسيكون مدعيا أغلب من يقول إنه توقع نجاح مسلسل "سوتس بالعربي"، بهذه المتابعة الكثيفة، التي جعلته في المركز الرابع بين الأكثر مشاهدة، حسب منصة واتش ات، بعد مسلسل "الاختيار" الذي يحظى بمتابعة كبيرة لأهمية المرحلة التي يتعرض لها سياسيا، فضلا عن عملين كوميديين هما "الكبير أوي" و"مكتوب عليا".

نرشح لك: الكوميديا التليفزيونية.. لماذا نسكت عن الضحك فجأة

ولذا فمسلسل سوتس بالعربي هو الثاني إذا أخرجت المسلسلات الكوميدية من المنافسة، ولم يكن هذا متوقعا لعدة أسباب أولها أنه نسخة مصرية لعمل أمريكي ناجح شاهده الكثير ولا يرغبون في رؤية نسخة مصرية يرجحون أنها أقل منه، فضلا عن وجود مخرج ما زال في خطواته الأولى.


"تيجي تصيده يصيدك" ربما هذا المثل الشهير هو معبر عن حالة نجاح مسلسل "سوتس بالعربي"، فالكثيرون بدأوا في مشاهدته من باب المقارنة مع المسلسل الأصلي، وربما من أجل "التريقة" على النسخة المصرية، لكن المسلسل، الذي شارك في بطولته آسر ياسين وأحمد داود وصبا مبارك ومحمد شاهين وتارا عماد وريم مصطفى، بإيقاعه المشدود وأحداثه السريعة استقطب جمهورا كبيرا وأجبره على استكمال المشاهدة.


كان المحك الأساسي لفريق كتابة سوتس بالعربي، الذي على رأسه محمد حفظي وياسر عبد المجيد، مع المخرج عصام عبد الحميد، هو تمصير المسلسل مع المحافظة على هويته، فهو نسخة رسمية وليس مجرد اقتباس للقصة الأصلية.

وكان نجاح صناع العمل أولا من خلال الشخصيات، فالتمصير الذي حدث للشخصيات دون أن تفقد جاذبيتها هو العنصر الأول لهذا النجاح، في مسلسل "بـ100 وش" الذي شارك في بطولته أيضا آسر ياسين كانت كلمة السر هي الارتباط بشخصيات العصابة، وهنا أيضا كان الرهان من صناع العمل، هو ارتباط الجمهور والوقوع في حب أبطاله، فبغض النظر عن مشاهدة النسخة الأمريكية من عدمه، فإنك ستقع، في أغلب الظن، بشخصيات النسخة المصرية.


لكن شخصيات العمل وحدها لن تصنع دراما، وبالتالي فإن وجود حدث جديد كل حلقة أو حلقتين بالكثير، كان العنصر الثاني الذي جعل الجمهور مرتبطا بالمسلسل يوميا، فكل يوم هناك الجديد، فمع الفارق بين العملين، فإن الجمهور مرتبط بشخصيات مسلسل "الكبير أوي"، لذا فلدى صناعه القدرة على تقديم 10 أجزاء دون أن يمل الجمهور طالما هناك حدث جديد، وهو الأمر نفسه بالنسبة لسوتس بالعربي، فلا يوجد حبكة رئيسة بمجرد حلها ينتهي العمل.


أما العنصر الثالث الذي كان سببا في نجاح العمل هو التمثيل، فرغم أن المسلسل خفيف، فإن عنصر التمثيل كان مميزا به للغاية خاصة لدى الممثلين الرجال آسر ياسين وأحمد داوود ومحمد شاهين، والأخير يقدم أحد أفضل أدواره، ثم يأتي من بعدهم الممثلات الثلاث الرئيسيات صبا مبارك وتارا عماد وريم مصطفى، خاصة الأخيرة التي تقدم أيضا أحد أفضل أدوارها.

وبالعودة للشخصيات مرة أخرى، فإن شخصية "زين ثابت/ آسر ياسين" البطل الذكي القادر على حل كل مشاكله أو قضاياه والاعتداد الشديد بنفسه، عنصر جاذب للجمهور، فالبطل بالنسبة للجمهور هو "هيرو" الذي يحقق في حياته ما لا يقدرون عليه، والبطل الآخر "آدم منصور/ أحمد داوود" بعفويته وذكائه وحنانه على من حواله وخفة دمه واستخدام الإيفيات والإجالة إلى الأفلام بحياته غير المنضبطة أيضا عنصر جذب، أما "قدري الزيات/ محمد شاهين" فمن الصعوبة أن تكتب شخصية قد تبدو شريرة دون أن يكرهها الجمهور، والكتابة أولا ثم أداء محمد شاهين المميز للشخصية جعل منها شخصية تقف أمامها حائرا هل تكرهها أم تتعاطف معها؟ بسبب التناقضات في شخصيته.

فريق الكتابة بالعمل كان مضطرا للسير على الشكل العام للمسلسل وشكل شركة المحاماة غير المعمول به في مصر، ورغم أن هذا قد يكون سببا في عدم التعامل مع المسلسل على أنه مسلسل مصري خالص، فإنه كان عنصر جذب أيضا، فنحن نشاهد أجواء محاماة غير معتادة في مصر، مسلسل تدور أحداثه عن محامين دون أن نرى المحكمة إلا في مرات معدودة، لذا كان الجمهور متشوقا لمشاهدة حيل وقدرات خاصة من المحامين/ الممثلين لكي لا يذهبوا إلى قاعات المحاكم، كما لم يكتف صناع العمل بأن هذه الأجواء مفروضة بحكم النسخة الأمريكية، بل قدموا مبررا دراميا لها بأن "فريدة/ صبا مبارك" درست في أمريكا وعادت لتطبيق هذا النموذج في مصر داخل شركة والدها.

لا يخلو مسلسل أو أي عمل في الغالب من قصة حب، لكن صناعة قصص حب قادرة على جذب المشاهدين والانفعال معها أمر ليس سهلا، وهو أمر آخر نجح فيه صناع العمل من خلال قصص الحب المختلفة سواء الواضحة بين "آدم وليلى (تارا عماد)" أو تلك الصامتة بين "زين وكاميليا (ريم مصطفى)"، أو حتى فريدة التي يبدو عليها الغرق في الإعجاب بزين ثابت.


لم يكن أيضا من المتوقع أن يقدم المخرج عصام عبد الحميد "صاحب تجربتي الغسالة وكله بالحب" بالتعاون مع مدير التصوير مصطفى أشرف فهمي، هذه الصورة الجيدة للغاية وأيضا النجاح في الشقين التراجيدي والكوميدي، يمكنك مراجعة مشاهد الفلاش الباك بالمسلسل ولحظة إخبار زين ثابت بوفاة والده أو مشاهد وفاة جدة آدم على سبيل المثال، وكذلك الكثير والكثير من المشاهد الباعثة على الضحك النابعة من المواقف داخل العمل، خاصة لقدري الزيات، التي لعب في الإخراج والتصوير دورا كبيرا.

أمر آخر جَنَب الجمهور الشعور بالملل، فرغم أن شركة المسيري زيدان للمحاماة هي المحور الرئيسي للأحداث، فإن اللجوء إلى المشاهد الخارجية الكثيرة كسر الشعور بالملل من مشاهدة المكان نفسه، فضلا عن استخدام العديد من أماكن التصوير داخل الشركة نفسها لكسر الرتابة.

لا يخلو أي عمل من بعض الهفوات، لكل كل هذه الأسباب جعلت من مسلسل سوتس العربي أحد أهم الأعمال الرمضانية في موسم 2022، ودفعته للمقدمة في قائمة المشاهدات، وهو رهان يحسب لمنتج العمل طارق الجنايني ولكل صناعه.

اقرأ أيضا للكاتب:

"أبو صدام".. أسطورة الذكورة المدمرة
سيكودراما "محمود ياسين".. بعيدا عن فخ التكرار والمبالغة
"حكيم" الدراما المصرية.. لسان الكاتب وتأكيد المعنى

لا يفوتك: سلمى أبو ضيف تتحدث لـ في الفن عن كواليس دورها بمسلسل راجعين يا هوى وعلاقتها بخالد النبوي

حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)

جوجل بلاي| https://bit.ly/36husBt

آب ستور|https://apple.co/3sZI7oJ

هواوي آب جاليري| https://bit.ly/3LRWFz5