الوطنية ضد الجزائر: لو زادت عن حدها هتنقلب ضدنا!

تاريخ النشر: الثلاثاء، 24 نوفمبر، 2009 | آخر تحديث: الثلاثاء، 24 نوفمبر، 2009

ارتعدت خوفا عند مراجعة أحد الأخبار التي قمت بكتابتها أثناء عملي اليومي، فقد أخطأت عند كتابة الأخبار التي تتحدث عن فنانين يطالبون بطرد السفير الجزائري من مصر.. وكتبت كلمة الإسرائيلي بدلا من الجزائري.

التركيز الإعلامي الهائل على ما حدث بالسودان من اعتداءات قام بها الجزائريين على بعض الجماهير المصرية، كان يتم بشكل منطقي في البداية، ولكنه سرعان ما تحول إلى مجرد "كلام" بلا أي قيمة.

فمن الطبيعي أن يتصدر هذا الموضوع أجندات برامج "التوك شو" وبرامج الهواء ليوم أو اثنين عقب الواقعة، ولكن أن تحتل الحرب على الجزائر دور البطولة في موضوعات البرامج لأسبوع كامل، فإن هذا الأمر يستحق التوقف، خاصة مع عدم بيان الرؤية حول الانتهاء من هذا.

التناول الإعلامي من بدايته -رغم منطقيته- كان خاطئا، فالإعلام المصري عقب مباراة السودان مباشرة ركز على تعرض مصريين لاعتداء بأسلحة بيضاء ورشق بالحجارة من جانب جزائريين في شوارع الخرطوم، وحرص جميع مقدمي البرامج على التأكيد بأن المصريين تعرضوا للضرب والإهانة.

وهذا الأمر ساهم في زيادة الشحن لدى الجمهور المصري "المشحون أصلا"، وأصبح المشاهد الجالس أمام هذه القنوات يتلقى كلمات أغلبها يدور في فلك "البحث عن الكرامة المصرية" و"كيفية استرداد الحق المصري".

وتسابقت القنوات الفضائية في استضافة المشاهير الذين حضروا المباراة بالسودان، وشاهدوا الموت بأعينهم "بحسب وصفهم"، كما استضافت فنانين ومشاهير لمعرفة آرائهم في الأحداث.

آراء بعض الفنانين تلخص الحالة التي وصل إليها الإعلام، وهم البعض الذين تحدثوا عن واجبهم مع المواطنين في أخذ الثأر ورد كرامة مصر.

وهكذا فعل إعلام مصر ما فعلته بعض الصحف الجزائرية حين ذكرت أخبار غير صحيحة عن مقتل جزائريين في مصر بعد مباراة الفريقين بالقاهرة.

فبغض النظر عن تحدث الإعلام المصري عن وقائع حدثت بالفعل، على العكس ما فعلته صحف جزائرية، فإن أسلوب العرض وتكرار ألفاظ معينة وشحن المصريين ضد كل ماهو جزائري قد يؤدي إلى كارثة.

ومع زيادة القنوات الفضائية وانتشارها، وتسابق مقدمي البرامج على "تسخين" الأحداث، أصبح المواطن المصري مقتنعا بأنه مطالبا بأخذ حقه فيما حدث بيده، بعد أن أستمع لفنانين يطالبون بإرسال أبناء حي "شبرا" لأخذ الثأر المصري.

الغريب أن البعض أكد أنه ينتظر القرار الحكيم من القيادة السياسية في مصر للرد على ما حدث، إذن فلماذا يفعل الإعلام كل هذا مع اعترافه بأن حل الأزمة من اختصاص القيادة السياسية!!

ما يحدث حاليا بالبرامج التليفزيونية أمر مثير للاشمئزاز، لن أتحدث عن العروبة والقومية العربية التي أصبحت محل سخرية من البعض الآن، ولكن لا يصح أن نضع عناصر دولة كاملة في سلة واحدة بسبب بعض الأحداث، وأن نعامل دولة تضم بعض العناصر الغير مسئولة مثل دولة أخرى خضنا معها عدة حروب.

للأسف استغلت القنوات الفضائية الحدث لزيادة شعبيتها وعمل حالة "حراك" إعلامي يجلب مادة يستطعيون مليء برامجهم بها لأسابيع قادمة.

يبقى ذكر واقعة طريفة تجسد تأثر المصريين بما يحدث بالإعلام، رأيتها أثناء تصفحي لما يحدث على FaceBook هذه الأيام، هناك حملة يقودها البعض حاليا، ليس لمقاطعة الجزائر أو طرد سفيرها..ولكن لحذف دولة الجزائر من لعبة "بنك الحظ".