FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: الجمعة، 23 أكتوبر، 2009 | آخر تحديث: الجمعة، 23 أكتوبر، 2009
المؤلف والملحن محمد رفاعي

حوار:محمد عاشور

تصوير:محمد ممدوح




لا نزال حتى الآن نتحدث عن الفرق بين الملحن والموزع، ويكاد يكون معظمنا لا يعرف الفرق بينهما، والأمثلة على المشاكل التي يتسبب فيها هذا الخلط أو عدم الوضوح كثيرة، وآخرها أزمة الموزع الموسيقي وليد شراقي مع أغنية "كتر خيري" للفنانة شيرين، وكما عرض FilFa.com القضية، نحاول الآن في حوارنا مع الشاعر والملحن محمد رفاعي، توضيح الفرق بين التلحين والتوزيع، بالإضافة إلى تناول العديد من القضايا الموسيقية.



بصفتك أحد صناع الموسيقى في مصر وضح لنا دور الموزع الموسيقي وما أهميته للأغنية؟

التوزيع هو المرحلة الثالثة في صناعة الأغنية بعد كتابة الكلام وتلحينه، ويعتبر عاملا مهما في صناعة الأغنية ولا يمكن الاستغناء عنه.

فأولا يقوم الموزع بتحديد سرعة الأغنية، بعدها يقوم بتحديد الطبقة الصوتية التي سيقدم المطرب الأغنية من خلالها، ولذلك من الأفضل أن يكون الموزع دارسا للموسيقى، ويتقن العزف على عدة آلات، وبعدها يحدد الشكل الذي ستظهر به الأغنية، ويقوم بوضع الدخلات الموسيقية والفواصل اللحنية للعمل.



هل الدخلات والفواصل اللحنية من صناعة الموزع أم الملحن؟

معظم الملحنين لا يقدمون أكثر من اللحن المصاحب للكلام فقط، أما الدخول والفواصل الموسيقية فمن صناعة الموزع، بحسب وجهة نظره لشكل التوزيع الموسيقي للأغنية، ونجاح الأغنية يقع جزء كبير منه على الموزع الموسيقي.



ولماذا لا يتم الاعتراف بحق ودور الموزع حتى من قبل نقابة الموسيقيين؟

بالفعل ينسب العمل للشاعر والملحن فقط، أما الموزع فلا، فهو لا يملك حق التنازل عن أغنيته، وذلك لقصور نعيشه في الاعتراف بحق المبدع وحماية حقوق الملكية الفكرية بشكل عام، فالموزع مثلا له حق من العائد الذي يعود من تقديم الأغنية، وهو ما يعرف بحقوق الطبع الميكانيكي والأداء العلني، مثله مثل الشاعر والملحن، ولكنه لا يحصل عليه، هذا بخلاف الحق التجاري الذي تحصل عليه شركة الإنتاج لما تقدمه من تكاليف في صناعة الألبومات والدعاية له.



وكيف يمكن الاعتراف بحقوق الموزع الموسيقي؟

لقد قمت بالبحث والاطلاع على حقوق الملكية الفكرية، وكيفية تحصيلها من خلال القوانين الدولية الخاصة بهذا الشأن، واستشارة أصدقائي المحامين الأجانب، إلى أن توصلت لحقائق كثيرة غائبة.



مثل ماذا؟

مثلا الشاعر والملحن لهما ما يصل إلى 12% من حق الأداء العلني للأغنية، أو يتم الاتفاق مع الشركة المنتجة من البداية على مبلغ مالي نظير التنازل عن هذا الحق مسبقا، ويتم تحصيل هذه المبالغ من خلال البث المرئي والمسموع، أي الإذاعات والقنوات التليفزيونية التي تقدم هذه الأعمال، أو حتى استخدام هذه الموسيقى في السينما، أو فواصل البرامج، أو الموسيقى التصويرية، هذا بخلاف "الرينج تونز" والإنترنت وتشغيلها بالفنادق والمقاهي العامة، حتى السينمات.



وما دخل السينمات أيضا في هذا الشأن؟

السينمات تقوم بتحصيل ضريبة الملاهي وهي خاصة في الأساس بحقوق المبدع، وللعلم من الممكن، في حالة تحصيل هذه المبالغ، أن تمثل وبقوة مصدر مهم من مصادر الدخل القومي للدولة.



وكيف يمكن أن يحدث ذلك؟

لقد رصدت منظمة تابعة للأمم المتحدة تدعى IFBI تصدر تقارير عن حقوق العاملين في مجال الفن، في تقريرها لعام 2007، أن مصر يضيع عليها قرابة الـ2 مليار دولار سنويا، لعدم تطبيق حقوق الملكية الفكرية والسماح بقرصنة الإنترنت، لاحظ أن ذلك كان في عام 2007، فما بالك الآن؟

وحق الملكية الفكرية لا ينطبق على مجال الغناء فقط، بل يشترك معه السينما والأبحاث العلمية والمؤلفين والمفكرين وكل المبدعين، وهذا ما أقره القانون الدولي واعترفت به 120 دولة على مستوى العالم، ولكن لم يتم الاعتراف به في المجتمع العربي حتى الآن.



وما القانون الذي يحكم مصر في نسب التحصيل؟

جمعية المؤلفين والملحنين في مصر تتبع منظمة الـ"ساسام" في فرنسا، وبالتالي نحن نتبع نفس النظام الذي تتبعه، والذي ينص على أن الشاعر له 50% من نسبة التحصيل عن الأغنية، والتي ذكرناها في البداية وهي 12% من أرباح الأغنية بشكل عام، والملحن والموزع يتقاسما الـ50% الباقية، بحسب رؤية الملحن للدور الذي قدمه الموزع في الأغنية، ويكتب ذلك من خلال عقد يلتزم به الطرفان.



فعلى سبيل المثال أغنية "أكتر" للفنانة أصالة، التي حققت نجاحا كبيرا، من ألحان تامر علي ومن توزيع تميم الذي كان له دور مهم في صناعة هذا الأغنية، حيث أن الأغنية قدمت بشكل عكسي، حيث قام تميم بإعداد التوزيع الموسيقي أولا وأدخل عليه الفواصل والدخول، بعدها وضع تامر علي اللحن على التوزيع، وأنا قمت بكتابه الكلام بعد ذلك، في هذه الحالة من المفترض أن يكون لتميم الحق الأساسي والذي يقدر بـ50% من نسبة التحصيل للأغنية، ولكن الملحن رفض الاعتراف بذلك، وأنا كنت شاهدا على هذه الواقعة، وطرفا فيها مع الأسف الشديد.



وللعلم لقد قمت باعتماد تميم في جميع الأعمال التي شاركني فيها بالتوزيع، وقدمت أنا فيها الألحان، وعليه قامت جمعية المؤلفين والملحنين في فرنسا باعتماده كموزع موسيقي لديها، ويتم تحصيل نسبته من أعماله، وإدراجها في حسابه، على الرغم من عدم الاعتراف أو اعتماد الموزعين في مصر إلى الآن.



إذا الاعتراف بحق الموزع في النهاية يعود إلى الملحن؟

يجب في بداية التعاون بين الملحن والموزع أن يكتب بينهما عقد يحدد نسبة كل منهما في عائد حق الأداء العلني والطبع الميكانيكي ويلتزما به، وتقدر نسبة الموزع من 5 إلى 10% من نسبة، ويمكن للملحن أن يزيد من هذه النسبة لما يراه من دور ومشاركة الموزع، وذلك لأن الموزع يتحتم عليه شراء العديد من الأجهزة باهظة الثمن بالإضافة لتحديثها أولا بأول ومعرفة ما هو جديد دائما في صناعة الموسيقى، وهي أمور مكلفة للغاية، ولذلك الجمعيات في الخارج تدعم الموزعين وتحفزهم لدورهم المهم في هذه الصناعة.



ونحن لازلنا ننتظر مناقشة قانون الملكية الفكرية في الدورة البرلمانية المقبلة لمجلس الشعب، وأنا أوجه من خلالكم كل الشكر لكل من ساهم في تطبيق هذا القانون لما سيعود به من خير على جميع العاملين في المجال الفني وللدولة في المقام الأول.



ومن الذي يدعم تنفيذ قانون الملكية الفكرية حاليا؟

في اعتقادي أن لجنة السياسات برئاسة السيد جمال مبارك لها دور كبير في دعم وتفعيل القانون، وله كل التقدير على هذا الفكر الواعي للمستجدات والتطورات في النظريات الاقتصادية، خاصة أن هذه اللجان تضم نخبة من أساتذة الاقتصاد المتفهمين للتطورات الاقتصادية في العالم، كما تضم نخبة من خيرة أساتذة القانون أيضا ولهم أيضا الشكر لما قدموه من دور في دعم تفعيل القانون، خاصة أن قانون حماية حقوق المبدع وعدم احتكاره ضمن عدة قوانين تنص عليها اتفاقية التجارة العالمية، التي وقعت عليها مصر.



وهل يوجد في القانون الجديد حل لمشاكل القرصنة على الإنترنت؟

للعلم القرصنة على الإنترنت لا تدمر الصناعات الفنية فقط، بل تدمر شركات وبنوك ودول، لذلك يجب أن تصل دول العالم لاتفاقية شاملة تحاسب بشكل رادع كل سبل القرصنة، وهناك بالفعل مشروع ستتم مناقشته قريبا في فرنسا لمحاربة القرصنة.



وللعلم يوجد حاليا عدد كبير من الفنانين الكبار يمرون بظروف قاسية نظرا لضياع حقوقهم السابقة على الرغم من أنهم اثروا الصناعة الفنية على مدار سنوات كثيرة، ولكنهم الآن في طي النسيان، ولم يعد لديهم تواجد كما كان الحال سابقا، ولذلك معظم الفنانين يبحثون عم مصادر أخرى للدخل تكون أكثرا ثباتا من العمل في المجال الفني، نظرا لأن عائده غير مستقر ومتذبذب ومرتبط بتواجد الفنان على الساحة، أما في حالة تفعيل القانون فسيتطيع المبدع أن يضمن لنفسه عيشة كريمة حتى بعد خروجه من الساحة وحتى بعد وفاته سينتفع ورثته من حقه في هذه الأعمال.



نعود لمشكلة الموزعين الموسيقين من جديد ومتى يحق للموزع أن يقدم تنازلا عن عمل مثله مثل الملحن والشاعر؟

لا يمكن للموزع أن يقدم تنازلا، وذلك نظرا لوجود نوعين من الموزعين الموسيقيين، الأول هو فقط من له الحق وهو الذي يستطيع تأليف جمل لحنية تكون في بداية العمل أو نهايته أو داخله، لذلك يعتبر شريكا مع الملحن، أما الموزعين الذين لا يقدمون جديدا ويعتمدون فقط على الأصوات الإلكترونية، التي تضمها البرامج، فلا يعتبر شريكا مع الملحن، وفي هذه الحالة نسبة الموزع تقل كثيرا في حق الأداء ولا تزيد عن 5% فقط.



كما أن القانون الجديد سيضم عددا كبيرا من المبدعين أيضا على رأسهم صاحب الأداء أي المطرب أو الفنان، بالإضافة لمهندس الصوت الذي شارك في العمل أيضا، وللعلم توجد جمعية لحماية وتحصيل حقوق فنان الأداء "المطرب" وللعلم الفنانة الوحيدة العربية المدرجة في هذه الجمعية هي الفنانة لطيفة.



إذا نحن في انتظار تفعيل القانون وبعدها نقيم الوضع؟

حقيقة أنا متفائل جدا ومتأكد أننا لن ننتظر كثيرا وأن المشروع سينفذ أسرع مما يتخيل الكثيرون، وسيعود بالنفع على الكثيرين أيضا، وأول المنتفعين هي مصر بلدنا التي تستحق كل الدعم من مبدعيها وأبنائها.



شاهد لقاء محمد رفاعي مع FilFan.com