آشورا: هل ماتت عروس النيل

تاريخ النشر: الاثنين، 28 يونيو، 2021 | آخر تحديث:
آشورا

حين خرجت لبني عبد العزيز في فيلم "عروس النيل" – 1963 لتؤدي دور هاميس آخر عروس النيل، بدا وكأن تلك الأخبار الواردة بشأن قرابين قد انتهت، وأن إنسان العصر الحديث لن يعرف عروسًا للنيل مجددًا، وقد جاءت كل الأفلام عن النيل تخلو من فكرة التضحية والقربان للنيل، حامي مصر وهبة الحياة لسكانها.

لكن فيلم آشورا – 2021 إخراج أسماء يعقوب يقدم دليلا جديدا على أن الفكرة لم تموت.

من بين فاعليات مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة في دورته الخامسة، تلك الورش التدريبية لتدريب الشباب في أسوان في مجال صناعة الأفلام، وجاء عرض نتاج ورش المهرجان من الأفلام خلال الدورة المنعقدة حاليًا 24-29 يونيه.

آشورا

فيلم "آشورا" أو عاشورة هو فيلم وثائقي إخراج أسماء يعقوب، يتناول الفيلم طقس احتفاء النوبيين بعاشوراء، الفيلم الذي تحدثت ضيفاته باللغة النوبية مع وجود ترجمة عربية قدم لغة سينمائية شديدة التميز والدفء عبر حكاية سيدتين يتحدثان عن كيف يقومان بإعداد عاشورا الخاصة بهم، لكن الطقوس لا تتم إلا بأن تذهب السيدتان نحو النيل، متجاوزات الصخور، والمنحدرات حتى تصلان إلى النيل ثم تقومان بطقس يُشبه ويتلاقى مع طقوس اعتادنا عليها في حيواتنا.

التجربة الأولى لأسماء يعقوب تُشير عن مشروع مخرجة تستطيع الإمساك بأدواتها، وتكوين نسق بصري ودرامي مشوق.

تصنع يعقوب أدوات جذبها من الأسئلة المرتبطة بالحياة، فتسأل الجدات ضيفات الفيلم عن الحب، في تلقائية تتحدثن عن كون الحب مرادف للحياة، تحكي إحدى الضيفات أن كثيرون أحببنها، وهي أيضًا أحبت.

تأخذ النساء ما تصنعنه، وتذهبن نحو النيل، وتقومن برمي سبع رميات، هل تذكرك ذلك بشيء؟

سبع رميات بما لرقم 7 من قدسية وأدعية تتضمن الخير والرزق والصحة، ومياه تجري تجمل الأمنيات، وطهي طبق في الهواء حتى تتصاعد أبخرته نحو السماء.

مهوس الإنسان بالتضحية والقربان منذ قابيل وهابيل، القربان طقس حياة مهما اختلفت الديانة، وأيًا كان شكل القرابين والتضحيات، في ثلاث عشر دقيقة حكي متماسك، لغة سينمائية مبهرة، وإعلان عن مخرجة شابة تبدأ طريقها بثبات.

ورش المهرجان قدمت أفلامًا أخرى منها "ناس البحر" لمخرجته زهراء يعقوب، والذي جاء متناولًا بعض طقوس النوبة عبر فتاة تتبع مسار الحب، الفيلم يقع في منطقة وسطى بين الوثائقي والروائي، وربما عدم وضوح نوعه قد يُربك قليلًا، توزعت مواطن الجذب بين مكان التصوير وتفاصيل قصة الحب.

أما فيلم "القاضي" لمحمد المصري فهو وثائقي يجمع بين السيرة الذاتية لأشهر حكاء لفن الكف، أحد الفنون التراثية الأدائية والآخذة في الانقراض، لكن الفيلم لم يقدم للمشاهد أية معلومات عن هذا الفن، واعتني بتقديم شخصية الحكاء الذي يُسمى قاضي، كما لم يُعرفنا هل "القاضي" هو اسم الشخص الذي يحكي سيرته، أو أنها كُنية لمن يقدم هذا الفن، قدم الفيلم لقطات أرشيفية من حفلات عُرس تعتني بتقديم فن الكف والرقصات المصاحبة.

بين الثلاث أفلام تبدو تجربة "آشورا" هي الأكثر وضوحًا وتماسكًا وجاذبية، لكن كل الأفلام تكشف عن مولد صُناع سينما يخرجن من جنوب مصر، وكأن ما تقومن به الجدات من أضحيات وقرابين للنيل تنعكس خيرًا وموهبة في أبنائها.

ورش المهرجان كانت تحت إشراف المخرجة نادين صليب والممثل سيد عبد الخالق، وتم تقديم نتاجها داخل برنامج ضم أفلامًا من جنسيات مختلفة.

لا يفوتك: يوسف حسين الإمام: أبويا كان "فيلسوف" حياة وأمي سحر رامي لم تعتزل وشجعتني أمثل في"لعبة نيوتن"

اقرأ أيضا للكاتب

أحمد عز وهند صبري الحب المستحيل

هل يسقط صبري فواز في الفخ؟

دينا الشربيني شريرة بطبعها

مني زكي التي أصبحت أخيرًا ممثلة