مش فاضل غير المسلسلات الصيني

تاريخ النشر: الاثنين، 7 سبتمبر، 2009 | آخر تحديث: الاثنين، 7 سبتمبر، 2009

مما لا شك فيه أن الأعمال الدرامية التلفزيونية لها تأثير قوي على المشاهد، وخاصة المشاهد العربي في كل مكان الذي يتفاعل مع هذه الأعمال ويتوحد معها في حالة كونها أعمال جيدة.

ولاحظت هذا العام وخلال شهر رمضان 2009 أن عدد الأعمال الدرامية تجاوز الـ 40 عملا وهو رقم ضخم للغاية، من المؤكد أنه أصاب الكثيرين بتخمة من أعمال الدراما ولم يستطيعوا متابعة معظمها، فما السر وراء تقديم هذا الكم في فترة وجيزة، ومن الممكن أن نقدم هذه الأعمال على مدار عام كامل فيتمكن المشاهد من متابعتها بشكل أفضل؟.

وما يزيد تعجبي هو أن هذه الأعمال القليل منها ما يستحق المتابعة، وأن معظم الأعمال ليست بالقدر الكاف من الجودة سواء في موضوعاها أو تنفيذها أو حتى مضمونها فلما التعجل بتقديمها، أم أصبح شهر رمضان هو "السبوبة" التي ينتظرها الكثيرين للحصول على أكبر قدر من المنفعة دون الاهتمام بالمضمون، وأن التواجد فقط خلال الشهر الكريم هو ما يبحث عنه هؤلاء.

واعتقد أن ما وصلت له حالة الدراما المصرية غير المرضية كانت السبب في ظهور أعمال أخرى من بلدان كثيرة تعلق بها المشاهد العربي لما وجده فيها من دقة في التنفيذ والأداء وموضوعات جديدة جذبت المشاهد العربي، بالإضافة لأن الدول التي تقدم هذه الأعمال لا تصيبنا بالتخمة التي نصاب بها, وفي حالة ما يزيد الموضوع عن حدة ينقلب ضده بكل تأكيد.

وكان ارتباط المشاهد العربي بالدراما الخارجية يحدث دائما في أوقات مماثلة فمثلا أرطبت الكثيرون بأعمال درامية من قبل مثل "نوتس لاندينج" knots landing و "فالكون كرست" falcon crest في فترة الثمانييات و"بولد أند ذا بيوتفل" bold and the beautiful في مطلع التسعينيات وحتى المسلسل الياباني الشهير "أوشين" oshin إلى أن وصلنا إلى المسلسلات التركية وخاصة مسلسل "نور" في عام 2008، وهو ما يؤكد أن حالة الملل التي يصاب بها المشاهد العربي تجعله يبحث عن أعمال من الخارج لتعويض النقص الذي يجده في درامته العربية، وما يثبت كلامي أن هذه الأعمال عندما يتم المبالغة فيها لا يتابعها أحد، وهو ما حدث مع مسلسل "بولد أند ذا بيوتفل" bold and the beautiful الذي يذاع حتى الآن ولا يتابعه أحد بنفس القدر الذي بدأ به، أو حتى الأعمال التركية المستحدثة بمجرد أن امتلأ بها التلفزيون العربي لم يتابعها أحد، وهو ما يؤكد أن المواطن العربي على قدر عال من الثقافة والوعي والارتباط بالأعمال الدرامية وأنها متنفسه الوحيد، فلماذا لا نهتم بهذه الصناعة ونجعلها مصدرا من مصادر الدخل القومي وتعود بالنفع على الجميع.

أعمال هذا العام أقل ما يقال عنها أنها تم "سلقها" سريعا للتواجد فقط وللكسب المادي من ورائها ليس إلا، بغض النظر عن 3 أو 4 مسلسلات من 40 فهل هذه نسبة جيدة؟.

أتذكر جيدا فترة منتصف الثمانينيات والتسعينيات لتي أثرت فيها الدراما المصرية العالم العربي أجمع، وتعلق بها الكثيرون في الخارج من الجاليات العربية أيضا، ولكن ليس للأسماء التي تقدمها أو التكلفة المادية الضخمة لهذه الأعمال بقدر ما هو مضمون هذه الأعمال التي تهم الشارع العربي وتدور في جميع منازلهم.

كما أن الأعمال الدرامية المصرية من المفترض أن تخاطب القعدة العريضة من الشارع المصري، ولكن للأسف منذ أكثر من ثلاثة أعوام وأن ألاحظ أن الأعمال بدأت تتحدث عن رجال الأعمال الذين يعيشون في قصور فخمة وفيلات مبهرة ومشاكلهم أو مشاكل البسطاء مع هذه الشريحة مع التركيز الأماكن التي يعيش فيها هؤلاء الأثرياء وأسلوبهم، وهذه الشريحة لا تمثل أكثر من 10 أو 20% من الجمهور فلما الإصرار على إعادة تقدمها كل مرة، بالإضافة لأعمال أخرى لم تكتمل ويسارع أصحابها لاستكمالها أثناء عرضها مما يضر القائمين عليها للتغاضي عن أمور كثيرة لمجرد العرض، فهل يصح ذلك.

أتمنى من القائمين على هذه الصناعة الاهتمام بها أكثر من ذلك، لتظل الدراما المصرية والعربية في المقدمة، لكي لا نخسر المشاهد العربي، وإلا في النهاية سنضطر لمتابعة الدراما الصينية مع احترامي للفن الصيني، ولكن من المؤكد أن الغزو الصيني الذي امتد لكل شيء من السهل أن يدخل في المسلسلات أيضا ما دمنا غير قادرين على صناعة مسلسلاتنا بشكل جيد.