خالد يوسف
خالد يوسف تاريخ النشر: الأربعاء، 7 سبتمبر 2005 | آخر تحديث: الأربعاء، 7 سبتمبر 2005
لقطة من الفيلم تجمع بين قيص ناشف وعلى سليمان.

أكد المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد أن فيلمه "الجنة الآن" لا يمجد العمليات الاستشهادية التي تتبناها بعض فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الأهداف الإسرائيلية ، مشيراً إلى أن العمل يصف ما يحدث بالفعل على أرض الواقع بالأراضي المحتلة.

هاني أبو أسعد أكد أيضاً في حوار خاص مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن معالجة بعض القضايا الحساسة لا يعني بالضرورة تمجيدها أو الموافقة عليها ، قائلاً : "اعتقد أن فيلم (الأب الروحي) لا يمجد المافيا ، تماماُ كمسلسل (عائلة سوبرانو) الذي لا يمجد الجريمة ، وفيلمي أيضاً لا يبرر القيام بالعمليات الاستشهادية ،فأنا فقط أصف الأشياء كما هي".

وأضاف "كل ما يظهر في الفيلم ليس محض خيال ، فمعظم ما ستشاهدونه حدث بالفعل".

فيلم "الجنة الآن" - الذي تكلف مليونين فقط من الدولارات بإنتاج ألماني فرنسي هولندي مشترك ، يتناول قصة صديقي طفولة من مدينة نابلس المحتلة تضيق بهما سبل الحياة ، لينضما إلى كتائب شهداء الأقصى لتنفيذ عملية استشهادية ضد أهداف إسرائيلية ، إلا أن عمليتهما تتعرض للفشل في منتصفها ، حيث يقرر أحدهما العودة إلى نابلس خالي الوفاض ، فيما يحاول الثاني إكمالها بتفجير حافلة إسرائيلية ، إلا أن رؤيته لفتاة صغيرة تجبره على إلغاء العملية برمتها.

أبو أسعد أشار في حديثه إلى أن عملية تصوير الفيلم سبقتها مرحلة بحث طويلة قام بها منتجه بيرو بيير ، شملت إجراء مقابلات مع عائلات وأصدقاء بعض الاستشهاديين ، إلى جانب الحصول على تقارير إسرائيلية رسمية ، ومتعلقات متفرقة تخص بعض أعضاء المقاومة المعتقلين حالياً بالسجون الإسرائيلية.

الصحيفة الأمريكية أشارت في تقريرها عن "الجنة الآن" أن أبو أسعد قرر تصوير الفيلم في المواقع الحقيقية للأحداث ، وتحديداً بمدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة ، لكن يبدو أن الفكرة لم تكن عملية بالشكل الكافي ، خاصة في ظل المواجهات المسلحة التي طغت على شوارع المدينة أثناء الانتفاضة الفلسطينية ، حيث كان لهذه الخطوة تبعاتها المريرة كما يصفها أبو أسعد : "لقد كان قرارنا بالتصوير في نابلس قراراً ساذجاً ، لقد تعرضنا لخطر بالغ ، كنا على مشارف كارثة حقيقية".

أبو أسعد - 43 عاماً - نفي أن تكون السلطات الفلسطينية أو نظيرتها الإسرائيلية قد طلبتا تصريحاً منه بالتصوير ، إلا أن المواجهات المسلحة التي اندلعت بين الجانبين تسببت في بضعة مواقف عصيبة لفريق التصوير ، منها تعرض مدير إنتاج فلسطيني للاختطاف ، وانفجار لغم أرضي آخر يبعد 300 متراً فقط عن موقع التصوير ، مما دفع بستة ألمان من الطاقم للهروب ، قبل أن يقرر أبو أسعد الانتقال بفريقه إلى مدينة الناصرية في نهاية الأمر.

نيويورك تايمز ذكرت من جانبها بأن صورة الإستشهاديين في الغرب يغلب عليها تعرض مجموعة من الأشخاص لعملية "غسيل مخ" ، بينما يرى أبو أسعد من خلال أبحاثه الخاصة أن الأمر يتعدى هذا التوصيف بقوله : "التعرض للمهانة يجبر الناس على القيام بمثل هذه الأفعال ، عندما يصبح دافعك الأول هو شعورك بالعجز ، فأنت محاصر داخل مدينتك ، كما أنك غير قادر على الخروج من هدا الموقف ، إذن فأنت في حقيقة الأمر لا تساوي شيئاً في هذا العالم".

ويضيف : "الحل هو أن تهاجم عدوك ، أن تتحول من خاسر إلى رابح كبير ، أما الحديث عن غسيل المخ ، وحوريات الجنة فهو من وجهة نظري ليس إلا طقساً من الطقوس الدينية ، وهو رأي يشاركني فيه الكثيرون".

فوز فيلم "الجنة الآن" بثلاث جوائز دولية - منها جائزة "الملاك الأزرق" كأفضل فيلم أوروبي بمهرجان برلين السينمائي الفائت ، لم يكن مفاجئاً لأبي أسعد بقوله : "لقد كنت أتوقع هذا الاحتفاء بالفيلم ، فهو يحتوي على جهد بحثي واضح ، وشخصيات محكمة ، ودراما مؤثرة".

أما عن استقبال الفيلم في إسرائيل فقد كان إيجابياً على حد قول المخرج الفلسطيني ، مشيراً إلى موافقة الرقابة هناك عليه دون ملاحظات ، إضافة إلى اعتقاده بتواجد عدد كبير من الإسرائيليين الراغبين في الحكم علي الأشياء بحرية كاملة دون التأثر بالأسلوب الدعائي الذي تلجأ إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية في العادة.

ويضيف : "لقد كان رد الفعل النقدي الإسرائيلي على الفيلم إيجابياً للغاية ،ولكن انطلاقاً من مفهوم (انظر لعدوك من منظور إنساني) ، حتى يمكنك قتاله بشكل أفضل".

أبو أسعد ختم حواره مع نيويورك تايمز بتعليق يشوبه التشاؤم على الانسحاب الإسرائيلي الأخير من قطاع غزة ً : "أعتقد أنه بدون الإقرار بحق الفلسطينيين في اقتسام الأرض ، والمال ، والمياه لن يمكنك مطلقاً إيقاف هذا النزاع ، لن يتحقق سلام إذا جعلت من غزة سجناً أوسع وأفضل".

ويختم بقوله : "طالما ظل الموقف على حاله باعتبار الفلسطينيين في مرتبة أدنى ، والإسرائيليين على القمة ،<