حكاية آخر ظهور ... وقلب خالد صالح الذي لم يخذله حتى الموت

تاريخ النشر: الجمعة، 25 سبتمبر، 2020 | آخر تحديث:
خالد صالح

تمر اليوم الذكرى السادسة لوفاة الفنان خالد صالح، الذي رحل عن عالمنا يوم 25 سبتمبر 2014، في سن التاسعة والأربعون آثر ‏معاناته مع مرض بالقلب.‏

قلب خالد صالح لم يك‏ن فقط سبب متاعبه الصحية بل كان السبب الحقيقي لبقاءه خالدا في ذاكرة الملايين ممن صدقوا فنه وإحساسه ‏بكل ما قدم من أدوار التي قدمها بأداء أقل ما يمكن أن نصفه به هو أنه من القلب.‏

دقات قلب المسرح


نبض قلب خالد صالح بحب المسرح، كان عشقه الذي لم يبعده عنه سوى بداية النجومية في السينما بعد لفته للأنظار في فيلم "محامي ‏خلع"، وهي المحطة التي أنطلق بعدها ليقدم قرابة الـ40 عمل خلال 12 عامًا، حتى وفاته. ‏

تحدث خالد صالح باستفاضة عن حبه للمسرح في إحدى حلقات برنامج "معكم منى الشاذلي" قبل أشهر من وفاته، حيث اصطحب ‏فريق العمل إلى مسرح الهناجر، المكان الذي اعتز به كثيرا، وقال خلال حديثه مع الإعلامية منى الشاذلي إنه يعتبر المسرح بمثابة ‏أستاذ له علمه الكثير، موضحا "المسرح هو أستاذي الذي علمني استخدام صوتي في هذا الفراغ.. استخدام جسدي في هذا الفراغ.. ‏أستاذي وأنا أفرد ذراعي على الخشبة ويدي تحتوي الجمهور".‏

قالت منى الشاذلي أثناء تقديم الحلقة إن خالد صالح تحول تماما فور صعوده فوق خشبة مسرح الهناجر، وبدأ يظهر حماسه وعشقه ‏للمسرح، وتذكر أول جملة قدمها كممثل فوق خشبة مسرح الهناجر، "أنا متهيألي أن هو ده الإيقاع المناسب لطلوع السلم.. أسرع من ‏كده ممكن الواحد ينهج.. ممكن يتخبط ويرجع تاني لأول باسطة.. أبطأ من كده لا الوقت اللي فاضل يكفي بطء الإيقاع زائد إن السلم ‏ممكن يبان عالي جدا..". قدم خالد صالح المشهد وكأنه يختصر قصته، مشوار كفاحه للوصول إلى النجومية بخطى ثابتة، واتخاذه ‏للخطوات الموفقة للصعود لدرجات أعلى في سلم النجومية.‏

مسرح الحياة أم حياة المسرح؟
تحدث خالد صالح عن ضرورة تحلي ممثل المسرح بالتركيز بنسبة 20% وأن يستعد للطواريء التي تحدث أثناء العرض، وهو ما ‏يأتي نتيجة التدرب على الارتجال دون الإخلال بالنص، وهو ما يعتمد على ثقافة الممثل ومستوى تعليمه، مؤكدا أن الخروج عن ‏النص يعتبر بمثابة خروج عن الحياء.‏

أكدت منى الشاذلي في التعليق الصوتي لفقرتها مع خالد صالح في مسرح الهناجر، أنه واصل اللعب والإندماج فوق خشبة المسرح ‏حتى قرر أن يقدم لفريق العمل عرض خاص، ووقف يتحدث إلى رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، ومن ضمن ما قاله "أنا يا ‏رسول الله لم أعرف مع الدجل الرخيص.. حكايتي من أكون..ماذا أكون.. أمام قبري مدينتي وأموت في نفسي أموت..أموت في خوفي ‏أموت.. أموت في صمتي أموت.. أنا يا رسول الله أحيا كي أموت.. قالوا أن الموت موت واحد.. وأمام كل دقيقة قلبي يموت"، وهو ‏نص للشاعر فاروق جويدة من أول عرض قدمه على المسرح، وأكد لمنى الشاذلي أنه يرى حواره من الواقع الذي نعيشه، حيث ‏نواري كل الأشياء الجميلة خلفنا ولا نلتفت إليها بحثا عن سعادة لا نجدها.‏

قلب خالد صالح لم يخذله حتى وفاته، ولأنه كان علته، لم يمنع خالد صالح نفسه من أن يطلق لقلبه العنان وتحدث دائمًا بما جال في ‏داخله. ظل قلبه يقود عقله المليء بالفلسفة إلى مناطق ومغامرات، منحت فنه جزءًا من اسمه.‏

توقف قلب خالد صالح في 2014، لكنه ترك حبا في قلوب محبي الفن، جعله غائب حاضر بأعماله وأدواره مختلفه، كما أصبح ‏حاضر غائب بحب الجمهور لابنه أحمد، الذي ورث عن والده الملامح والموهبة، ولا يتبقى له سوى أن يتبع قلبه ويكتب قصته.‏