حمو بيكا واختيار سكة الـ "باتو باليه"

تاريخ النشر: الأربعاء، 22 يوليو، 2020 | آخر تحديث: الأربعاء، 22 يوليو، 2020
حمو بيكا

اعتدنا عند الحديث عن الفن وتأثيره أن نقرأ عبارات مثل "الفن مرآة الشعوب" والتطرق إلى ما يعكسه الفن من قيمة المجتمع، أي أننا لا نستطيع أن نعزل نوع من الفنون ونصفه أنه فن للترفيه و"الفرفشة"، لأن ذلك يعكس المستوى الفكري للمجتمع في البحث عن طرق الترفيه، وكل من يقدم شكل من أشكال الفنون يعكس واقع جمهوره، لأنه منهم؛ يشبههم ويعكس أفكارهم.

يستثنى من ذلك الحالات التي يكون الفن دخيل على المجتمع، فيواجه أزمة في رفضه وصعوبة تقبله، قبل أن يبدأ في الانتشار ببطء، وببعض الدعاية بطرق غير مباشرة؛ يتحول إلى موضة، مثله مثل الملابس وتصفيفات الشعر التي تجد من يتبعها بسبب طريقة تسويقها وليس بسبب الاحتياج لها.

المهرجانات الغنائية هي أقرب مثال للنموذج السابق، فهي تتخذ شكل موسيقي يميل إلى الصخب والضجيج، ولا تعكس كلماتها أي حالة درامية أو تستخدم موسيقى من بيئة المطربين، إلى جانب أن عالم موسيقى المهرجانات نفسه ينقسم إلى شرائح مختلفة، فالجمهور الذي تقبل أغاني أوكا وأورتيجا –قبل انفصالهما- قد لا يتقبل أغاني حسن شاكوش أو عمر كمال، ونحن نذكر مثال لمؤديين المهرجانات الذي يمتلكوا الحد الأدنى للغناء وهما المتصدران للمشهد في الفترة الحالية.

يختلف الأمر عندما نتحدث عن حمو بيكا، الذي استمرت نجوميته لفترة قصيرة بعد ظهوره، وتأثر بظهور فنانين أخرين قدموا محتوى أكثر قدرة على جذب الجمهور، ليتراجع من مؤدي مهرجانات إلى أحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، يهتم بتقديم ما يلفت انتباه جمهور الإنترنت، الذي أصبح يتداول فيديوهاته من باب نشر المقاطع الطريفة والضحك على الإفيه، مثل فيديوهات البث المباشر الخاصة به التي يقول فيها تعليقات تتميز بخفة دم وعفوية، وأشهرها فيديو التوقع بانتهاء جائحة فيروس كورونا يوم السبت.
لفت حمو بيكا الأنظار مؤخرًا بسبب فيديو منتشر له أثناء محاولة تسجيل مهرجان جديد، لكنه كان يتلعثم كل مرة حاول فيها نطق جملة "باتون ساليه بالسمسم هات"، وهو ما استمر قرابة الدقيقتين، انتشار الفيديو أعاده للأضواء وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها تداول مقطع مصور لحمو بيكا وهو يواجه صعوبة في نطق كلمات أغانيه التي يمليها عليه الآخرين بعد فيديو "رب الكون ميزنا بميزة" الذي حقق شهرته الحقيقية لدى جمهور مواقع التواصل الاجتماعي من محبي الإفيهات والفيديوهات الساخرة، وكلها تحقق له الشهرة بعيدًا عن المهرجانات ومحتواها.

يُملي الآخرين كلمات الأغاني على حمو بيكا وهو واقف أمام الميكروفون، ليرددها كما سمعها، كونه لا يجيد القراءة والكتابة، وهو أمر لا يعيبه، لكنه يشير إلى أنه يغني كلمات لا يفهم معناها ولا يهتم بتغييرها أو تعديلها، من أجل صناعة تسجيل يرفعه عبر YouTube، يسعى من خلاله وراء أرباح المشاهدات، دون النظر إلى أنه يغني كلمات يستهدف بها جمهور يماثله في الثقافة، ولو اعتبرنا أن حمو بيكا يصنع المهرجانات من أجل الفن وليس أرباح المشاهدات، فكيف لفنان أن يغني كلمات لا يفهمها ولا يستطيع نطقها؟ كيف يصدقه الجمهور لو كان لا يصدق نفسه؟

ترديد حمو بيكا لكلمات عن "الباتون ساليه" الذي فشل في نطقه عدة مرات دون أن يبالي بسخرية المتواجدين في الاستوديو، جاء بعده توقفه عن الغناء هو وشريكه في المهرجان الذي فشل هو الآخر في قراءة كلمات المقطع التالي من المهرجان، الذي حمل عبارات عدائية يهدد بها الشخص الذي يغني له، ليتحول الفيديو المنتشر إلى رسالة مباشرة من حمو بيكا للجمهور بأن الكلمات لا تهم طالما هناك من سيضغط على رابط الفيديو القادم، وهو الذي أعترف بغناءه لعدد من المهرجانات التي حملت عبارات خارجة عن الآداب في رحلة سعيه للشهرة.

يبدو أن شيئًا لم ولن يتغير في اختياره لكلمات المهرجانات، ليكون مصير حمو بيكا متروكًا بين يد الجمهور الذي اعتاد مساندة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لفترات لا تطول قبل الإنصراف لمتابعة غيرهم، كونهم موضة مثل الملابس وتصفيفات الشعر، تجد من يتبعها بسبب طريقة تسويقها وليس بسبب الاحتياج لها.

اقرأ أيضا:
حوار- مدحت جمال طفل "الحفيد"... أشعر بحنين للتمثيل وجورج سيدهم إنسان لن يتكرر

بالصور والفيديو- 9 أعمال فنية لهديل خير الله لا يتذكر منها الجمهور سوى "بلية"