Snowpiercer... المناضلة من أجل الحياة

تاريخ النشر: الثلاثاء، 19 مايو، 2020 | آخر تحديث:
Snowpiercer

أيام قليلة وتطرح Netflix مسلسلها الجديد "قطار الحياة" Snowpiercer، مأخوذ عن سلسلة الروايات المصورة وفيلم المخرج الحائز على جائزة الأوسكار بون جون مخرج فيلم Parasite.

تنطلق أحداث المسلسل بعد سبع سنوات من تحول العالم إلى أرض قاحلة مجمدة بالكامل، ويركز مسلسل قطار الحياة (Snowpiercer) على ما تبقى من البشر الذين يسكنون قطار يجر 1001 عربة ويدور بلا انقطاع حول الكرة الأرضية.

في البداية نحن أمام قصة تتناسب مع أجواء ما نعيشه من انتشار فيروس كورونا والمخاوف منه ومن تأثيره على الإنسان، وأنت تشاهد العمل ستكون مشاعرك مختلفة عما إذا كنت تشاهده في وقت آخر، لكن هنا الأمر أكثر قسوة، تخيل أن العالم من حولك أصبح مجمدا لا أثر لبلد أو مدينة الثلوج في كل مكان، فقط 1001 عربة عليها ما تبقى من البشرية، يواجهون الفناء.

تعيش على مدار 10 حلقات في عالم قطار "سنوبيرسر" الذي شيده "ويلفرد" القائد والملهم لكل من على القطار.

صراع طبقي

تبدأ القصة بعرض سريع لما حدث حتى نصل لنقطة أن الحياة أصبحت داخل عربات قطار، كان موفقا اختيار الرسوم المتحركة، خاصة لأن المسلسل مأخوذ عن الرواية الفرنسية المصورة le transperceneige، ليس المهم ما حدث بقدر المهم هو ما نعيشه الآن لذا الانتقال سريعا إلى داخل القطار ومرور 7 سنوات لنبدأ قصتنا.

يعكس المسلسل الصراع الدائم بين الطبقات والظلم الاجتماعي، لكن تخيل الأمر عندما تعيش داخل عربة القطار الذي يتكون من 3 درجات، الدرجة الأولى لأغنياء العالم، لم تتغير حياتهم كثيرا، مشاكلهم لا زالت عن السونا والتنمر فيما بينهم، الطبقة الثانية أفضل حظا، أما الطبقة الثالثة هي العمالة، كان الأمر سيكون مقبولا والصراع أقل لو كان توقف عند هذا الحد لكن مع وجود العربة الأخيرة يسوء الوضع، هذه العربة مكونة من المئات ممن لم يشتروا تذكرة للصعود على القطار، لكن في اللحظات الأخيرة وبعد نزاعات تمكنوا من الصعود إليه، والآن أصبح لا حق لهم في الحياة، لمدة 7 سنوات يعيشون على قدر قليل من المؤن، لا ضوء يدخل لهم، لا حياة تُذكر، تحولوا للحظات إلى أكلي لحوم بشر، ثم عادوا إلى طبيعتهم، قاموا بثورات من أجل التغيير لكن في النهاية لا يتخطوا سوى باب واحد من أبواب القطار.

المميز في المسلسل هو الانتقال السلس بين الأحداث تتعرف على معاناة العربة الأخيرة من دون مشاهد صعبة، بل من خلال قصص يحكيها سكانها، فيما تكتشف العربة الأولى من خلال عجرفة سكانها وطريقة تعاملهم فيما بينهم، كل باب يفتح من أبواب القطار يدخلك في عالم آخر تكتشف من خلاله طبيعة كل المتواجدين فيه.

أداء متميز

أبطال القصة أو من سنتحدث عنهم بالتحديد هما "لايتون" Daveed Diggs المناضل من العربة الأخيرة ، و"ميلاني كافيل" Jennifer Connelly رئيسة قسم الضيافة، والذراع الأيمن لـ"ويلفيرد"، يتقابل العالمان "العربة الأخيرة" و"العربة الأولى" من خلال "لايتون" الذي كان يعمل محققا جنائيا قبل أزمة الجليد، وهو آخر محقق في القطار، يتم الاستعانة به لكشف لغز جريمة قتل، على أن يمنح امتيازا ويصعد للدرجة الثالثة، يستغل "لايتون" الأمر ويحاول المقايضة، وهي العملة المستخدمة لكل شيء على متن "سنوبيرسر"، يحل اللغز على أن يمنح بعض الحقوق للعربة الأخيرة.

التميز هنا كان في أداء "لايتون" أو Daveed Diggs تصدق مشاعره الواضحة من نظارت عيونه خوفة من أن يظن أصدقائه أنه خانهم بعد خروجه من جحيم العربة الأخيرة، ولمعة عينيه عندما يسير في القطار واكتشاف عالم آخر، أناس يعيشون بينما هم مئات مدفونون في عربة صغيرة، تشعر بالمعناة في تفصيله مثل أول مرة يتذوق طعاما طبيعيا، ابتسامه على الشفاه وكأنه امتلك العالم، لتدرك كم المعاناة التي كان يعيشها، اللحظة الأولى التي يري فيها ضوء قوي وعيناه لا تتحمله، بعد ظلام وعتمة العربة الأخيرة.

أما "ميلاني كافيل" فهي المرأة القوية التي تخفي وراء ابتساماتها الكثير من الأسرار، تتعاطف معها في البداية عندما تكتشف سريعا أنه لا وجود لـ"ويلفيرد" وأنها من تدير "سنوبيرسر" وتتحمل على عاتقها الكثير، لكن سرعان ما يقل تعاطفك عندما تجدها تصدر القرارات الصارمة، مثل معاقبة أي متمرد بقطع يده، التقليل دائما من مؤن العربة الأخيرة على حساب رفاهية الدرجة الأولى، لكن المميز فيها هي نظرات عينها استطاعت jennifer connelly بنظراتها أن تجعلك في حيرة من أمرك، أهي طيبة القلب لكن الظروف دفعتها للقسوة؟

تمر الأحداث دون الدخول في تفاصيلها وحرقها، لكن كعادة الصراع بين الطبقات يصل الأمر إلى انفجار الطبقة الفقيرة في وجه الأغنياء، وتكاتف الطبقات المتوسطة خاصة عندما يقع ظلم كبير محاباة للدرجة الأولى، الثورة تعني الكثير من الدماء، والكثير من الأسرار تنكشف.

أسرار وثورة

"لايتون" قائد الثورة يكشف سر "ميلاني" وأنها من تدير القطار لتفجر العربة الأولى غضبا، وهي الفرصة التي تسمح باندلاع الثورة، دماء وقتلى وجرحى بين الفريقين، لكن متى ينتصر الجانب الأضعف، عندما يجد له حليفا قويا، رغم كل ما فعلته "ميلاني" لكنها كانت أخيرا السند للثورة من أجل مصلحة "سنوبيرسر" للحفاظ على ما تبقى من البشرية وعدم الفناء.

يضعك المسلسل في كثير من المواقف في حيرة، هل الثورة والقتل هو الحل الأمثل، خاصة بعدما تحدث سرقات ونهب، هل السلطة كانت مخطئة ببعض القرارات القاسية، التي قد يتخذها الثوار أيضا في لحظة تجد نفسك أمام خيارات صعبة.

تميز إخراج المسلسل ليجعلك تعيش في الأجواء، بداية من الشعور بالاختناق خلال مشاهد "العربة الأخيرة"، وجعل الكاميرا تصور من زاوية ضيقة لتشعر أكثر بما يعانوه، أو بالإضاءة القوية والألوان الناصعة في مشاهد "الدرجة الأولى"، ثم التنقل داخل عربات القطار لترى التكدس في عربات الدرجة الثالثة، كلها تجعلك تعيش في حالة من بداخل القطار، تشتاق للحياة الخارجية حيث الطبيعة والانطلاق.

طوال الوقت تشعر بالضيق لا وجود لمساحات فأنت تسير داخل قطار تتنقل بين عرباته لا مساحة شاسعة، يأتيك الضوء من خلال الزجاج لكنك لن تتمكن من ملامسه الهواء، إذ حدث ذلك معناه الفناء.

مع تطور الأحداث تصل لفكرة أن هناك قرارات تتخذها وتكون خاطئة وتندم عليها وتتمنى أن يعود بك الزمن لتتراجع لكنه لا يعود وهو ما حدث مع "ميلاني"، وأن هناك لحظات تتخلى عن أفكار ومبادئ آمنت بها، بل تتخلى عن أشخاص وتضحي بهم من أجل استمرار الحياة وهو ما حدث مع "لايتون" الذي ضحى ببعض معاونيه من أجل استمرار الحياة، هنا قيمة القرار والاختيار بين الصعب والأصعب.

في المجمل المسلسل يستحق المتابعة، سيجعلك تعيش مع عالمه وتتضامن مع المظلومين وتكره المتعالين، وستجذبك كل الحلقات وستشوقك الحلقة الأخيرة لأجزاء جديدة.

اقرأ أيضا:

Extraction... أن تمزج بين الأكشن والإنسانية

في الجزء الرابع من La Casa De Papel... الحب يغير كل شيء