لماذا لا يشاهد المصريون الدراما المغربية؟

تاريخ النشر: الاثنين، 4 مايو، 2020 | آخر تحديث:
الملصق الدعائي للمسلسل المغربي "سلامات أبو البنات"

الجمهور المصري الأكثر تعدادا بالوطن العربي، جمهور ذواق حريص على مشاهدة الأعمال الفنية المختلفة، وأصبح الفن جزء من روتينه اليومي وطقوسه الموسمية فتجد السينمات كاملة العدد بالأعياد، وتجد المسلسلات يتابعها الملايين في رمضان، وهذا بالطبع عامل إيجابي يجعل صناع الدراما حول العربي حريصون على عرض انتجاتهم المختلفة على الجمهور المصري ولكن هل يتقبلها الجمهور ؟

الجمهور المصري مغلق على ذاته لا يتابع الأعمال الدرامية الأخري ، متعصب للدراما المصرية أو يجد بها كفايته ، لا يفهم الدارجة " العامية " المغاربية ، ولا يحاول أن يفهمها ، مهووس بالسينما الأمريكية ولا يشاهد مدارس أخرى سينمائية مهمة في أوروبا مثلا ، كل هذه الانتقادات توجه للجمهور المصري ولكن هل هذه هي الحقيقة ؟

قد يكون بعضها حقيقي ففائض الإنتاج الدرامي والسينمائي في مصر خاصة في شهر رمضان يجعل من الصعب جدا على أي جمهور متابعة مسلسلات  لا تتحدث بلهجته المحلية ، ولكن هذا لا يحدث في كل أرجاء الوطن العربي فنجد أن الدراما المصرية يشاهدها الملايين من المحيط الى الخليج ، وبالطبع تفوق الدراما المصرية وتطورها يلعب دور كبير في ذلك ولكن أيضا رغبة الجمهور  وقدرته عل الاطلاع على فن آخر ومجتمع مختلف ولهجة قد تكون صعبة بعض الشيء في البداية فقط تحتاج الى وقت لفهمها بشكل كامل ولكنها في النهاية قريبة الى العربية الفصحى.

عشرة أفلام مغربية جاءت ضمن قائمة أهم مائة فيلم عربي والتي صدرت عن مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013 من أهمها على زاو للمخرج المثير للجدل نبيل عيوش ، حلاق درب الفقراء للمخرج محمد الركاب ، ألف شهر للمخرج فوزي بنسعيدي ، وغيرها من الأفلام التي تستحق حقا نظرة من المشاهد المصري والشرق الأوسطي.

حملت القنوات المغربية العمومية " الحكومية " على عاتقها مسألة إنتاج المسلسلات التلفزيونية على مدار سنوات طويلة ، وقدمت هذه القنوات مئات المسلسلات التي حقق بعضها نجاح كبير سواء داخل المغرب أو على مستوى الدول المغاربية " ليبيا ، تونس ، الجزائر ، موريتانيا " وبالطبع حققت نسب مشاهدة عالية في أوروبا نظرا لكثافة أعداد الجاليات المغاربية في أوروبا ، ولكن هذه القنوات تظل ذات قدرة تمويلية محدودة لا تستطيع في ظل إنتاج خمسة أو ستة مسلسلات سنوية أن تتحول الدراما الى صناعة كما حدث في مصر ، ولذلك فإن تجربة تطوير الدراما المغربية فقط تحتاج الى وقت مع وجود منافسة وانتاج .

وجود قناة مثل mbc5 هي فرصة متعددة الزوايا ، الأولي للدراما المغاربية لخلق جو من المنافسة الذي سوف ينتج بالطبع تطور كبير في صناعة الدراما خلال السنوات القادمة ، الثانية هي فرصة للجمهور المصري والخليجي لمعرفة المزيد عن المغرب العربي ، وتغيير الصور النمطية الخاطئة في معظمها عن هذه الدول والتي يستقيها المعظم من خلافات مباريات كرة القدم التافهة ، وهي بالطبع فرصة لاكتشاف مزيد من الوجوه الشابة وفتح فرص لعملهم سواء في الأعمال العربية أو العالمية والتي يمتلكون بها حظوظ أوفر من الجنسيات الأخرى من وجهة نظري نظرا لتمكن معظمهم من لغات أوروبية متعددة بحكم التقارب الجغرافي الكبير .

يعرض خلال رمضان 2020 عدة مسلسلات مغربية متميزة ، أرشح لكم عدد منها لمتابعته سواء من خلال موقع شاهد . نت مثل مسلسل سلامات أبو البنات ، والذي ينقل صورة واقعية وحقيقية عن الأسرة المغربية وطريقة تربية الفتيات فيها ، وأيضا مسلسل " ياقوت وعنبر " والذي يعرض على شاشة القناة الأولى المغربية و يحلل ظاهرة تفضيل الأسر المغربية لانجاب الذكور على الإناث وهي مشكلة مشتركة بين كل المجتمعات العربية ، وأخيرا مسلسل " السر المدفون " والذي يعرض على القناة الثانية المغربية ويتوافر أيضا عبر موقع اليوتيوب وتقوم ببطولته الفنانة نادية كوندة والتي شاركت من قبل في مسلسل " أبو عمر المصري " وحققت نجاح كبير في مصر والمسلسل يقترب من سيدة مغربية تعيش عدد من الصراعات الأسرية بين ابنها وأخيها .

 قد يكون ايقاع المسلسلات المغربية مختلف أو أبطئ من ايقاع وتطور الأحداث بالمسلسلات المصرية ، ولكنه بالطبع ليس أبطأ من الدراما التركية ، إذا أردت التعرف على  شعب فانظر الى فنونه وهذا هو ما أدعو المصريين إليه أن يتعرفوا على شعب يعشق اسم مصر ،وأخيرا أنقل للقارئ تجربتي الشخصية في التأكيد على أن فهم الدارجة " العامية " المغربية ليس مستحيلا فقط يحتاج الى رغبة وتعود .