"لص بغداد "... الأكشن في البر والبحر والجو

تاريخ النشر: الخميس، 23 يناير، 2020 | آخر تحديث:
فيلم "لص بغداد"

انتظر الجمهور عرض فيلم "لص بغداد" للفنان محمد أمام، خاصة بعد طرح "التريللر" الخاص بإعلان الفيلم، الذي احتوي علي كل عناصر الجذب والإبهار، وهو ما يجعلك مهيئ نفسيا لمشاهده فيلم مكتمل العناصر بنسبة 100%، وغير قابل لوجود أي نسبة خطأ بسيطة باعتبار أن صناع العمل من كبار الأسماء في عالم صناعة السينما سواء علي مستوى الإنتاج أو التمثيل أو حتي الكتابة والإخراج.

بمجرد عرض الفيلم، اختلفت الآراء حوله بين الإيجاب والسلب، بين من يروا فيه عمل مبهر وآخرون يروا أنه عمل مبالغ فيه، ولكن من وجه نظري، أن البطل الأول في فيلم "لص بغداد" هو الإنتاج، الذي يتضح حضوره مع كل مشهد من الفيلم، سواء علي مستوى الجرافيك المنفذ بحرفية كبيرة وبالتحديد مشاهد النهاية بالفيلم وأيضا مشاهد "الأكشن" بجانب تكاليف السفر إلي الخارج، يعتبر الفيلم من الأعمال القليلة التي تم تصويرها بين أربع دول هي كينيا وبغداد وإسبانيا واليونان بخلاف السفر إلي "سيوة" لتصوير مشاهد النهاية، وهو ما منح العمل إبهار بصري كبير ومتنوع كان بالـتأكيد في صالح الفيلم.

تعرف على دور عرض فيلم "لص بغداد" لمحمد إمام

وكعادة كل الأفلام التي تحمل الطابع "الهوليودي" يري البعض أن هذه الأفلام مقتبسة، ولكن حتي إذا كان "لص بغداد" يواجه هذا الاتهام، يحسب لفريق عمله اتقانهم تنفيذ العمل وبالتحديد مشاهد الحركة والمطاردات، التي تحسب لمنفذها "عمرو ماكيفر" وهيثم حسني مدير تصوير الفيلم ومخرجه.

‎وربما تكون الربع ساعة الأولي من أحداث الفيلم هي الأهم فيه علي الإطلاق، لأنها تجعلك في حالة ارتباك للحكم علي مستوى الفيلم، تتابع مشاهد أكشن غير مألوفة علي السينما المصرية، مشاهد الحركة داخل الطائرة تأخذك تجاه الفيلم الأميركي "اختطاف طائره الرئيس" بجانب المطارادات داخل "كينيا " والتي تستوقفك للحظات وتسأل نفسك هل هذا أكشن كيني!! أم هو نوع جديد علي السينما المصرية؟! أم أن الجرافيك الذى تم صناعته لم يخدم جيدا فقط في هذه الجزئية من أحداث الفيلم، لتجد نفسك مع مرور الوقت تستوعب ما يحدث وتعرف أنها المرة الأولي في السينما العربية التي تشاهد فيلما يحمل بداخله كل هذه التقنيات وعناصر الإبهار البصرية.

‎وربما يكون من أصعب مشاهد الفيلم تنفيذا هو ما حدث داخل إحدي السيارات بين أحمد العوضي وعمرو ماكيفر ومحمد أمام. لتتنقل الكاميرا بينهم في بساطة وانسيابية لا تزعجك وتذكرك ببعض مشاهد فيلم "اشتباك" والتي كانت تدور أحداثه بالكامل داخل سيارة ترحيلات.

‎وربما كنت كمشاهد تقتنع أن مشهد الأكشن الأكثر صعوبة في تاريخ السينما المصرية هو في قفزه أمير كرارة في فيلم "كازبلانكا" بالسيارة علي قطعه خشبيه وسط مياه البحر... ليأتي فيلم "لص بغداد " ويضع سقفا جديدا للأكشن والخطورة وصعوبة المشاهد وتنفيذها، فالفيلم يقدم "الأكشن" في البر والبحر والجو. ويؤكد جملة محمد إمام علي صفحته الشخصية بموقع Facebook "إللي جاي مجاش زيه" .

‎ووسط هذا الابهار والتقنيات الحديثة تجد إفيهات محمد عبد الرحمن وببساطة شديدة يعطي المخرج أحمد خالد موسي، مساحة للكوميديا وسط المعارك، وتتضح خبرة عبد الرحمن في تمهيد الإفيه بينه وبين محمد أمام طوال أحداث الفيلم ولم تكن الإفيهات قاصرة علي مرحلة عمرية واحدة فقد تم توظفيها لتناسب الأطفال والشباب ، لجذب فئات كبيرة من الجمهور تزيد من إيرادات الفيلم.

‎ويبقي فتحي عبدالوهاب "الحاوي" الذي لا يفرغ جرابه من أدوات التمثيل، جوكر جديد يضحك ويقفز ويبكي ويبكيك معه ويجعلك تستمتع بكل حركاته لا تعرف من أين يأتي بتاريخ وجذور الشخصيات التي يؤديها، فخبرة السنين تطغي في كل مشاهده.

‎وتعيد ياسمين رئيس اكتشاف نفسها في دور الفتاة الكوميدية الشعبية، وظهرت أمينه خليل بحضور أقل خاصة أن طبيعة دورها فرض عليها الطابع الأوروبي بصبغه الشعر الشقراء وارتداء الملابس الجلد السوداء بمختلف تفصيلاتها طوال العمل... ولكنها منطقة تمثيل جديد لها.

ويأتي مجهود محمد إمام علي مدار 18 شهرًا، بذل من خلالها مجهودًا كبيرًا، تحديدًا مشاهد الأكشن، المرهقة وخاصة التصوير "تحت الماء" والتي استغرقت أكثر من 48 ساعة متواصلة إلي جانب حفاظه علي الخط الدرامي العاطفي بينه وبين ياسمين رئيس.

‎ورغم ذلك يظل محمد إمام مهما تطور وقدم من أعمال فنية ومجهود وخضوعه لتدريبات عنيفه لمشاهده في فيلم "لص بغداد" وطرح فيلمه في 300 دار عرض علي مستوى الوطن العربي تلتصق به تهمه تقليد النجم الكبير عادل أمام وكأننا نتناسى الجينات الوراثية التي يملكها ولا دخل له فيها، والتي اتضحت في فيلم "لص بغداد" ليس في حركاته التلقائية وأيضاَ في نبره صوته.


‎وسواء اتفقنا أو اختلفنا علي فيلم "لص بغداد" فهو نقله جديده للإنتاج في اتجاه مغاير وبالتحديد في التقنية السينمائية التي ترفع سقف التطور والتكنولوجيا والحرفية في بعض المهن الفنية في المجال السينمائي، ولكن علي التجارب القادمة في السوق السينمائي الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الميزان بين التطور التكنولوجي والدراما الفنيه حتى لا نتحول مع الوقت إلى أجهزة وتقنيات فقط دون روح أو فن خاصة في ظل المضاربة والمخاطرة بحياة الفنانين والدوبلير لأداء المشاهد التي تجعلك أمام فيلم أجنبي ونحن لا نملك نصف أدواته، حتى في ظل وجود الميزانيات الإنتاجية الضخمة.


‎عفوا رغم خبرتي المتواضعة وشهادتي المجروحة إلي أن ترك صناع الأفلام في "العروض الخاص" لشركات الرعاية ، شركات الاتصالات تضفي تأثير سلبي على العرض الأول للفيلم خاصة في تجارب عديدة حدثت في الأونة الأخيرة في كثير من الأفلام الروح السلبية التي تضغي علي العرض وتنظيمه وتعاملاتهم مع الإعلام واختيار المكان وتنسيقه تؤثر علي ردود الفعل لدي المتلقي في المشاهده الأولى للفيلم.