FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: الأربعاء، 11 فبراير، 2009 | آخر تحديث: الأربعاء، 11 فبراير، 2009
تامر حسني - تصوير - شريف صبري

إعداد: محمد صالح

فوجئ جمهور الفنان الكبير عمرو دياب في الوقت الذي ينتظرون فيه طرح ألبومه بأربعة أغنيات جديدة على الإنترنت، وقبل مرور ساعات قليلة كان صوت عمرو دياب يصدح بالأغنيات الجديدة من المحلات ونوافذ السيارات، ومع تصاعد صوت "الهضبة" تصاعد سؤال قد يبدو منطقيا من غير المتابعين للأحداث، "هو شريط دياب نزل؟"، ليكتشفوا أنهم أمام مصطلح "سخيف" اسمه التسريب!

يختلف معنى كلمة "تسريب" في الوسط الفني عن ذلك الذي نسمعه في النشرات حيث أخبار النفط والغاز، ويعني أن يتم طرح أغنيات من ألبوم مطرب لايزال في مرحلة الإعداد، أو طرحه كاملا بشكل غير رسمي قبل أن تطرحه الشركة المنتجة بأيام قليلة، ويختلف هذا المصطلح في معناه عن "سرقة" الأغنيات وطرحها بشكل غير رسمي على الإنترنت، والذي انتشر في السنوات الأخيرة في الدول العربية وخارجها.

وقائع عديدة..والتسريب واحد

ضرب شبح "التسريب" عددا من مطربي مصر والعرب في الخمس سنوات الأخيرة، وارتبط اللفظ بالنجم عمرو دياب، الذي عاني لأكثر من مرة من هذه المشكلة، كان أولها أثناء التحضير لألبوم "علم قلبي" عام 2003، حيث تم طرح عدد من الأغاني قبل الموعد الرسمي لصدور الألبوم، الأمر الذي دفع دياب لإعادة العمل على أغاني الألبوم مرة أخرى، حيث قام بتغيير بعض كلمات وألحان الأغاني التي تم تسريبها، ومنها أغنية الهيد "علم قلبي".

وبينما يستعد "الديابية" لصدور ألبوم "الليلادي" منتصف 2007، فوجئوا بطرح أغلفة الألبوم كاملة على الإنترنت، ثم تم تسريب الألبوم كاملا بجودة صوت جيدة بعد عدة أيام، قبل صدوره رسميا بعدها بأسبوع، محتويا على نفس الأغاني التي تم تسريبها.

نفس الشيء عانى منه كاظم الساهر في ألبوم "يوميات رجل مهزوم" ولكن بطريقة مختلفة، حيث انتهى الساهر من العمل على ألبومه وقام بتسليم "الماستر" للشركة المنتجة، وقامت الشركة بطبعه وتوزيعه على الدول التي سيتم تسويق الألبوم بها، وطرح أحد الموزعين الألبوم في إحدى دول الخليج قبل الموعد المتفق عليه، ليتم تداول الأغنيات على الإنترنت وانتشارها قبل الطرح الرسمي للألبوم، والذي أعقب التسريب ببضعة أيام قليلة.

أما المطرب الشاب تامر حسني فكان على موعد مع التسريب في ألبومه "يا بنت الإيه"، حيث تم طرح الألبوم بشكل كامل وبنفس الجودة الأصلية للنسخة "الماستر"، بعد أن قام أحد مهندسي الصيانة بالاستوديو بسرقة الألبوم أثناء صيانته للجهاز الذي يضم نسخة الألبوم.

مطرب شاب آخر عانى من نفس المشكلة، حيث فوجيء رامي صبري بتسريب سبع أغاني من ألبومه الجديد الذي كان يستعد لطرحه، وبسبب ما حدث اضطر لإضافة عدد من الأغاني الجديدة عند طرح الألبوم بشكل رسمي، وبالفعل أضاف للألبوم سبع أغاني، بالإضافة لمقطوعة موسيقية، ليصدر ألبومه "غمضت عيني" بعد واقعة التسريب بأربعة أشهر متضمنا 15 أغنية.

"تسريب الأغاني" كيف يراه الجمهور؟

يقول أحمد سعيد - 24 سنة - أنه يتفاعل مع تلك الأغاني التي يتم تسريبها وطرحها على الإنترنت، وأنه لا يوجد أي لوم على الجمهور الذي يستمع لتلك الأغنيات، ويضيف: "المتسبب في تسريب هذه الأغنيات معندوش ضمير، والمطرب والمنتج خارج عملية التسريب من الناحية المنطقية، ومن الممكن أن يقوم مطرب بتسريب هذه الأغنيات ليقوم بالضغط على المنتج لخلاف بينهما، باعتبار المنتج المتضرر الوحيد من هذا، كما أن المنتج قد يقوم بتسريب أجزاء صغيرة من أغنيات بغرض الدعاية للألبوم وتهيئة المناخ للطرح الرسمي".

ولا يعتقد أحمد محمود - 19سنة - أن المطرب قد يقوم بتسريب أغنياته بنفسه، ويقول: "التسريب بالنسبة للمطرب شيء محبط جدا، لأن الأغنيات التي تم طرحها بشكل غير رسمي بذل فيها جهدا كبيرا، وانتشار الإنترنت بشكل كبير ساهم في زيادة هذه الظاهرة مع المطربين باختلاف أعمارهم".

وحول إمكانية إيجاد حلول لهذه الظاهرة، قال عمرو سعيد - 21سنة -: "هذه المشكلة من الصعب أن يوجد لها حل حاليا، فمطرب مثل عمرو دياب برغم حذره وذكائه، عانى من التسريب أكثر من مرة، وبعد أن تم تسريب ألبوم "الليلادي" بشكل كامل، تسربت أيضا أربع أغنيات من ألبومه الجديد".

المشكلة في عيون بائعي الكاسيت؟

ولأنهم جزء أساسي في المنظومة، سألناهم عن تأثير ظاهرة التسريب على تجارتهم فقال محمود شعبان -42 سنة- صاحب محل كاسيت، إن الظاهرة تُعد بالنسبة لهم "خراب بيوت"، ويضيف: "نحن في الأصل نعاني معاناة شديدة بسبب طرح الأغاني على الإنترنت، وبالطبع هذه الظاهرة تسببت لنا في خسائر عديدة".

وأضاف: "قد نستفيد من النسخ الغير الأصلية التي تصدر بعد عمليات التسريب، مثلما حدث مع ألبوم عمرو دياب "الليلادي"، حيث تم بيع نسخ عديدة منه فور تسريبه، ولكن الأفضل لنا أن يتم طرح الألبوم بشكل رسمي، فالجمهور يتلهف للألبوم الذي لا يعرف شيئا عنه، وبالتالي ستزيد نسبة البيع".

وعن مدى تأثير الظاهرة على عمليات البيع، قال: "التسريب يؤذي المطرب الجديد تحديدا لأنه لا يملك قاعدة جماهيرية بعد تُصر على شراء ألبومه حتى ولو كان تم تسريبه، وبرغم أن الظاهرة قد تؤثر سلبا على المطربين الكبار، إلا أن جمهورهم الكبير يأتي لشراء الألبوم حتى لو تم تسريبه".

مشكلة عالمية!

يصر البعض على ربط ظاهرة تسريب الألبومات بالوطن العربي، وقصرها عليه، وسط اتهامات بالإهمال وعدم والحرفية في التعامل على عكس الخارج، ولكن الواقع يقول شيء آخر.

الظاهرة موجودة بالخارج ولا تقتصر على الدول العربية فقط، فقد عانى الكثيرين من الظاهرة اللعينة في دول أوروبا وأمريكا مع انتشار الإنترنت.

حيث تم تسريب ألبوم "السيرك" Circus لمطربة البوب الشابة بريتني سبيرز عام 2008، كما عانت النجمة بيونسيه من نفس المشكلة في ألبومها الأخير "أنا ساشا فيرس" I am Sasha Fierce، وذلك قبل أن يتم السيطرة على تسريبهما ومحو أغانيهما تماما من على الإنترنت، ثم طرحهما بشكل رسمي.

ما مدى تأثير التسريب على شركات الإنتاج؟

ويعتبر عنصر الإنتاج أهم العناصر في عملية البيع والشراء في سوق الكاسيت، فهم الذين يحددون موعد صدور الألبوم، ويقدرون أرباحه، ويستفيدون من مبيعاته، ويحققون خسارة إذا فشلوا في تسويقه، وبالتالي يتأثرون بمثل هذه الظاهرة، لذلك فإن كان لابد من معرفة آرائهم.

يقول المتحدث الإعلامي لشركة "جود نيوز فور ميوزيك" في تصريحات خاصة لــ FilFan.com: الحمد لله حتى الآن لم تحدث حالة تسريب واحدة في الشركة، وهذا يرجع لحرصنا الدائم للحفاظ على الأغاني التي يتم تسجيلها، لدرجة أن المطرب نفسه لا يملك نسخة من تلك الأغاني، وذلك لأن هذا العمل تم بذل جهد كبير فيه، لذلك علينا أن نحافظ عليه بكل ما نملك".

ويرى المصدر أن تدخل الدولة في هذه المشكلة أصبح أمر ضروري، حيث يقول: "لابد أن تبحث الحكومة عن حل لهذه المشكلة، لأنها تؤثر على صناعة كبيرة قد تنهار وتختفي مع مرور الوقت بسبب ما يحدث لها، وعلى الدولة أن تقوم بتقدير هذا".

وعن رأيه ما إذا كانت هذه الظاهرة يتسبب فيها المطرب أم شركة الإنتاج قال: "بالتأكيد المطرب، لأن الشركة لا مصلحة لها في أن تتكبد الخسارة التي ستلحق بها من حصول الجمهور على الأغاني بدون مقابل، ولكن مالا يراه المطرب في تلك الحالة هو أن الشركة المنتجة إذا لم تحصل من وراءه على عائد فلن تتمكن من إنتاج أعماله الفنية في المستقبل".

"المطرب يهوى تسريب أغانيه!"، هذا ما أكده علي عبد الفتاح المتحدث الإعلامي باسم شركة "عالم الفن" في تصريحات خاصة لــ FilFan.com، حيث قال إن التسريب مصادره مختلفة ومتعددة، ولكن المطرب قد يقدم على تسريب أغنياته بنفسه لعمل حالة من الرواج لها قبل طرحها بشكل رسمي.

وأضاف: "المطرب يضمن أمواله من الشركة بغض النظر عن تسريب أغاني ألبومه من عدمه، وفي الحالتين فهو يأخذ المبلغ المتفق عليه من الشركة، لذلك فهو لا يتأثر بعملية التسريب".

وعن تعمد شركات الإنتاج تسريب أغنيات بعض النجوم بسبب خلافات معهم، قال عبد الفتاح إنه من المستحيل أن يحدث هذا من جانب الشركة، لأن الخسارة هى النتيجة الوحيدة التي تجنيها الشركة من هذه الظاهرة، وبالطبع لا توجد شركة ترغب في ذلك.

وأضاف: "لدينا خطة مُحكمة يتم تنفيذها لمنع مثل هذه التسريبات، حيث يوجد لدينا نظام مختلف في الأمن، وفي جانب إدارة الإنتاج، كما يوجد سرية في التعاون مع الأشخاص داخل الاستوديو، ولا نتعامل إلا مع أشخاص ثقة".

من ناحية أخرى، فإن المطرب نفسه يُضر من هذا الأمر على المدى الطويل، هذا ما تراه أميرة محروس المتحدثة الإعلامية باسم شركة "فري ميوزيك"، التي قالت في تصريحات خاصة لـــ FilFan.com: "شركات الإنتاج لا تحصد إلا الخسارة من هذه الظاهرة، وإذا كان المطرب يستفيد منها وينظر إليها على سبيل الدعاية، فإنه سيخسر بعد ذلك، لأنه مع خسارة الشركات لن يجد منتج له، والشركة التي تنتج 10 ألبومات ستكتفي بإنتاج 4 فقط، لذلك فالمطرب سيخسر لا محالة".

وعن حالات التسريب داخل الشركة وكيفية معالجتها، قالت أميرة: "حدثت حالة تسريب قبل ذلك لألبوم تامر حسني "يابنت الإيه"، وكانت ناتجة عن عدم أمانة أحد مهندسي الصيانة بالاستوديو، الذي أخذ نسخة من "ماستر" الألبوم أثناء صيانة جهاز كمبيوتر بالاستوديو، وبخلاف هذه الحالة الوحيدة فإننا نكون حريصين كل الحرص على عدم حدوث هذه الظاهرة داخل الشركة".

تعاني صناعة الكاسيت كثيرا منذ انتشار الإنترنت، وتداول الأغنيات والألبومات من خلاله، وجاءت ظاهرة التسريب كالطعنة في جسد إنسان يصارع من أجل الحياة، ولكن بالتأكيد هناك حل لمنع أو تحجيم مثل هذه الظواهر السيئة، التي تضر صناعة كبيرة من أهم الصناعات التي تعتمد عليها الدول.

هذه كانت آرائنا وآراء بعضا من الجمهور والموزعين والمنتجين، فماذا عن رأيك أنت؟