إيمان مندور
إيمان مندور تاريخ النشر: الأربعاء، 23 أكتوبر، 2019 | آخر تحديث:
صلاح السعدني

في بعض الأحيان نجد فنانا لديه عدد كبير من الأعمال الفنية المميزة ولا يكون محبوبًا لدى الجمهور بالقدر الكافي، وأحيانا نجد آخر لا يملك سوى عدد قليل من الأعمال، لكن محبته في قلوب الجماهير لا ينافسه فيها منازع مثل الراحل علاء ولي الدين، وبين هذا وذاك نجد قلة قليلة تتربع على عرش النجومية والمحبة في آن واحد، على رأسهم العمدة صلاح السعدني.

76 عامًا مرت على ميلاد فنان صاحب رحلة صاخبة رغم التزامه الدائم للهدوء، وجه بشوش وابتسامة لا تفارقه، صدق في الآداء، وإخلاص في العلاقات، صداقات قوية لعقود طويلة مع نجوم كبار، تثبت أن الكبار "كبار" بحق حتى في محبتهم. ورغم ابتعاده منذ سنوات عن الأضواء وتفضيله للعزلة والهدوء عن الإعلام، إلا أن نبع المحبة لا يزال جاريا بينه وبين الجمهور، وكأنه يتكئ مطمئنًا على ميراث سنين السعي والإبداع التي تركها خلفه.

السعدني ذو الأصول الريفية بالمنوفية، الذي لم تمس قدمه أرضها سوى مرات معدودة، ولد فى حى المنيرة بوسط القاهرة، وأكثر من ثلثى عائلته ما زال يعيش على امتداد صعيد مصر من نجع حمادي وجزيرة شندويل حتى الإسكندرية، الأمر الذي جعله متشعب العلاقات، لا سيما مع جذوره الريفية التي ساهمته في إتقانه لدور "العمدة" الذي أجاده باقتدار.

التحق السعدني بكلية الزراعة، وهناك تعرف على صديق عمره عادل إمام، والذي كان له دور كبير في تشجيعه للوقوف على خشبة المسرح، وعنه قال السعدني في أحد حواراته: "عادل إمام كبير قوي ولم يأت مثله، يجمع بين الموهبة والإرادة.. وأستطيع الجزم بأنه صنع لى تجربتى كلها، من خلال حبه الجارف للتمثيل منذ صغرنا، ورغبته الشديدة في العمل في مجال التمثيل، كان جزءًا من تجربتى الشخصية، والحمد لله حققنا ما كنا نحلم به".

تألق صلاح السعدني في عدد كبير من العروض المسرحية بالجامعة، لكن مشوار الاحتراف بدأ حين شارك في مسلسل "الرحيل" و"الضحية"، تلاهم عدد من الأفلام الهامة في مشواره وفي تاريخ السينما عموما، مثل فيلم "الأرض"، وكذلك "الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"أغنية على الممر"، و"العملاق"، و"لعدم كفاية الأدلة"، و"طالع النخل"، و"زمن حاتم زهران".. وغيرهم.

لكن رغم نجاحه في السينما، إلا أن ما قدمه فيها لا يقارن بما حققه في التليفزيون وتربعه على عرش الدراما لعقود طويلة، خاصة في روائع الأعمال التى صنعها عمالقة الدراما أمثال أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ ومحمد صفاء عامر، وكانت مشاركته في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرا" عام 1979، بمثابة نقطة تحول كبيرة بينه وبين الجمهور.

أما لقب "العمدة" الذي لا يزال يتمتع به السعدني فلم يأت من فراغ، بل حصاد سنوات من تأدية الشخصية الريفية كما لم يقدمها أحد مثله من قبل، بدءًا من "ليالي الحلمية"، التي جسد في أجزائها الـ 5 شخصية "سليمان غانم"، العمدة المحب لوطنه والساخر من كل شيء حوله، والحاج عبد القادر في "الناس في كفر عسكر".

فمن ينسى نصر وهدان القط فى "حلم الجنوبى"؟! والدكتور عزيز محفوظ فى "الأصدقاء"؟ والمعلم إبراهيم العقاد فى "الباطنية"؟ وحسن النعماني في "أرابيسك"؟!، وغيرهم وغيرهم إلى أن انتهينا عام 2013 مع الحاج عبد القادر في مسلسل "القاصرات"، وقرر العمدة من بعده أن يأخذ استراحة محارب بعد سنوات العمل والعمر التي نالت من الصحة قدرا كبيرا، ولكنها تركت خلفه إرثا فنيا كبيرًا وذاخرا بكل ما هو إنساني وفني ولا يستطيع فعله سوى العمدة صلاح السعدني..

اقرأ أيضا:

بالصور- أحمد السعدني يصور والده صلاح السعدني "بالعافية".. والنتيجة "قفا" معتبر

صورة- صلاح السعدني مع زوجته وابنته.. ظهور بعد غياب طويل