الطيب والشرس واللعوب: إعادة زيارة لنجوم التسعينيات

تاريخ النشر: السبت، 5 أكتوبر، 2019 | آخر تحديث:
الطيب والشرس واللعوب

انتهى موسم عيد الأضحى السينمائي الذي لا زالت أفلامه تحقق الإيرادات وتحطم بعض الأرقام القياسية، وتأتي بعده في السنوات الأخيرة فترة من الهدوء السينمائي، فتُعرض بعض الأفلام التي عرضت في مهرجانات سابقة أو الأفلام منخفضة أو متوسطة الإنتاج التي لا يمكنها المنافسة في مواسم رئيسية، لحين موسم رأس السنة أو نصف العام الدراسي.

هكذا وقع الاختيار على فيلم ”الطيب والشرس واللعوب“ من إخراج رامي رزق الله ليُعرض في بداية شهر أكتوبر، الفيلم أبطاله من الممثلين اللذين عادة ما يحققوا نجاحًا في الأدوار الثانية، وميزانيته ليست كبيرة، وسيتيح له توقيت عرضه التواجد لفترة جيدة في دور العرض دون منافسة قوية من الأفلام المصرية على الأقل، ولكن ما المانع أن يصنع الفيلم مفاجأة ويحقق إيرادات جيدة في شباك التذاكر.

الأمر يعتمد على الكثير من العوامل التي سنناقشها في السطور التالية.

بارودي من التسعينيات

البارودي أو فن المحاكاة الساخرة، هو أحد أنواع الكوميديا التي ازداد استخدامها في مصر في السنوات الأخيرة سينمائيًا وتلفزيونيًا، ومن أشهر المسلسلات التي قدمته فوازير ”أبيض وأسود“ التي اعتمدت على إعادة تقديم مشاهد من أفلام قديمة برؤية ساخرة، بينما في السينما الأمريكية توجد الكثير من السلاسل التي تعتمد على نوع البارودي، أشهرها ”Scary Movie“ (فيلم مخيف) والتي تخصصت -كما هو واضح من اسمها- في السخرية من أفلام الرعب.

مؤخرًا انتشرت على صفحات الكوميكس على فيس بوك الكثير من المقاطع لأفلام ومسلسلات الثمانينيات والتسعينيات، وتحولت هذه المقاطع سريعًا إلى مادة كوميدية تتنافس الصفحات في عرض المزيد منها، ولا تحتاج أغلب هذه المقاطع إلى تعليق أو إعادة تقطيع، فهي مضحكة في حد ذاتها، لأسباب مختلفة، إما لأخطاء التصوير أو للأداء المبالغ فيه أو الحوار المصطنع، هكذا يبدو أن في هذه الأعمال مادة جيدة جدًا للباردوي، وهو ما استغله رأفت رضا مؤلف فيلم ”الطيب والشرس واللعوب“.

تبدأ الأحداث عام 1997 بمشاهد منفصلة لكل بطل على حدة، إبياري (محمد سلّام) وزيزي (مي كساب) وخلدون (أحمد فتحي) نجوم يتصدرون الأفيشات ونشاهد كل منهم داخل موقع التصوير يفرض سطوته على الجميع بصفته النجم وصاحب العمل، قبل أن ننتقل مباشرة للعام الحالي بعد أن انتهت نجومية الثلاثة تمامًا، فيحاولون التعاون معًا لإنتاج فيلم يعيدهم إلى النجومية مرة أخرى.

في مشاهد البداية نشاهد سخرية واضحة من بعض أعمال التسعينيات، فإبياري يبالغ في أدائه مثل الكثير من ممثلي هذه الفترة وخاصة الفنان أحمد عبد العزيز، وزيزي التي تهتم بمشهد الاغتصاب في فيلم الجاسوسية تذكرنا بأفلام الفنانة نادية الجندي، بينما خلدون لا يعيد إلى الأذهان ممثلًا بعينه وإن كان يعيد تجسيد الأعمال الصعيدية التي ا*تشرت أيضًا في هذه الفترة.

اختيار العام 97 لبداية الأحداث كان ذكيًا، إذ شهد هذا العام تحول السينما من مرحلة كان بها الكثير من الأفلام الضعيفة في مقابل بعض الأفلام الجيدة، بجانب وجوه ثابتة هي المسيطرة على البطولة، بينما بداية من 97 ظهر ما أُطلق عليه لاحقًا ”جيل المضحكين الجدد“، الذي انطلق مع ”إسماعيلية رايح جاي“ ثم ”صعيدي في الجامعة الأمريكية“ في العام التالي، ومن بعدهما تغير المشهد السينمائي في مصر تمامًا وتغير النجوم، ولم يمض وقت طويل حتى توقف الكثير من الممثلين الذين كانوا نجومًا عن تقديم أفلام جديدة. لهذا فالوضع الذي ظهر عليه أبطال الفيلم الثلاثة كان شديد القرب من الواقع.

بداية موفقة واختيار جيد للشخصيات، فكيف استمر الفيلم؟

لنصنع فيلمًا

نقضي الثلث الأول من الفيلم للتعرف على الحال الذي وصل إليه هؤلاء الممثلين، وأفول الأضواء عنهم تمامًا، وبينما اهتم المؤلف بعرض الوضع الحالي والظروف الصعبة التي يعاني منها الأبطال الثلاثة، لم يقدم لنا سبب التقاؤهم هم تحديدًا معًا، خاصة وهو لا يقدم لنا أي مشهد يجمع الثلاثة معًا في الماضي، وبالتالي اجتماعهم في الحاضر لم يكن له ما يبرره.

بينما يأتي الفصل الثاني كأفضل فصول الفيلم، وفيه يحاول الممثلون الثلاثة إنتاج فيلم، فبيدأون في البحث عن طريقة لتمويل هذا الفيلم، بالإضافة لطاقم العمل، وتحديدًا المخرج والمؤلف. يحتوي هذا الفصل على مساحة جيدة من الكوميديا الموظفة بشكل مناسب داخل الأحداث وأفكار جديدة للحصول على التمويل مثل مزاد مقتنيات الفنانين، يضيف إلى تميز هذا الفصل ظهور شخصية حسن الهلالي (بيومي فؤاد) السجين الذي يحلم بأن يصبح كاتب سيناريو، والذي يكتب لهم سيناريو فيلمهم.

لكننا يجب أن نتوقف هنا عند تراجع دور البارودي بشكل كبير، فالمؤلف والمخرج أبرزاه في البداية فقط بينا نقضي بقية الفيلم في كوميديا الكثير منها جيد كما ذكرنا ولكنها تبتعد عن الشكل الذي وعدنا به الفيلم في بدايته، رغم إن موضوع الفيلم وأبطاله يسمحون بالتأكيد بالمزيد منه.
تحذير بكشف نهاية الفيلم في السطور التالية.

لكن الفصل الثالث، والذي نشاهد فيه تنفيذ الفيلم والصعوبات المصاحبة لذلك، يتراجع بشكل كبير ليقدم لنا نهاية متواضعة وذلك لعدة أسباب، فمنذ البداية نشاهد أن طرق الخروج من مأزق الإنتاج قائمة أمام أعين الأبطال لكنهم يؤجلونها حتى النهاية بطريقة غير مبررة بشكل كافٍ، فزيزي تقرر أن تلجأ لسرقة ميراثها قرب النهاية رغم أن الأمر متاح لها منذ منتصف الفيلم، بل إن المخرج يضيف مشهدًا لم نكن في حاجة له للشاب الخليجي المعجب بزيزي والذي سيساعدها في الحصول على الميراث، رغم أن الخطة التي شاهدناها تنفذها لم تكن تحتاج إلى هذا الشاب تحديدًا أو إلى هذا التمهيد بمشهد إضافي من الأساس، خاصة وهم يتعاملون مع مجرم محترف هو حسن الهلالي كان يمكن أن يساعدها. بجانب هذا نجد أن بيتي إبياري وخلدون يكفيان في حالة بيعهما للحصول التمويل الكافي لصناعة الفيلم، وهو ما لم يرد ولو بشكل عابر على ألسنة الشخصيات.

أخيرًا نصل إلى نهاية الفيلم والتي تجعلنا نعيد نظر في فكرته من الأساس. الفيلم يتابع ثلاثة نجوم انتهى عصر نجوميتهم ويحاولون العودة مرة أخرى للصورة من خلال صناعة الفيلم، ليس الفيلم نفسه وعرضه هو هدفهم بل ما سيترتب عليه، وهذا ما لم يقدمه لنا ”الطيب والشرس واللعوب“ إذ بعد أن نشاهد الأبطال الثلاثة في السينما يشاهدون عرض الفيلم الذي يبدو ساذجًا كما هو متوقع بالطبع، نجدهم يقفون خارج قاعة العرض ليفاجئهم حسن الهلالي الذي يقترب منهم راكبًا سيارة مسروقة فيركبون معه وينتهي الفيلم، ثم ماذا؟ هل عاد هؤلاء الأبطال إلى الصورة مرة أخرى؟ هل نجح الفيلم الساذج في تحقيق إيرادات شجعتهم على إنتاج غيره؟ هل سيستمرون معًا؟ كلها أسئلة كان حري بالفيلم إجابتها بدلًا من تقديم النهاية بهذا الشكل المبتور.

فيلم ”الطيب والشرس واللعوب“ به كوميديا جيدة بالفعل، وتخرج من الشخصيات بشكل مناسب دون إقحام في الكثير من الأحيان، يشترك في هذا المؤلف وأبطال العمل بالتأكيد، وسيستطيع الاستمتاع به الجيل المتابع لصفحات الكوميكس على فيس بوك آكثر من الآخرين، لكنه أضاع فرصة سهلة لصناعة فيلم جيد ذو ميزانية بسيطة بسبب النهاية غير الموفقة.


اقرأ أيضا:

تعليق مي كساب بعد عرض فيلمها "الطيب والشرس واللعوب" بالسينمات

إياد نصار.. الطيب والشرس والقبيح في دور واحد