نظرة على جوائز مهرجان الجونة السينمائي.. من الفائز الأكبر؟

تاريخ النشر: السبت، 28 سبتمبر، 2019 | آخر تحديث:
مهرجان الجونة

انتهت بالأمس فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته الثالثة، بإعلان الجوائز التي جاء بعضها داخل حيز التوقعات، بينما شكل البعض الآخر مفاجأة، في حين كان الفائز الأكبر هو السينما العربية بوجه عام، والسودانية بوجه خاص كما سنذكر في السطور التالية.

مسابقة الأفلام الروائية الطويلة

ربما يشكل فوز فيلم ”ستموت في العشرين“ للمخرج أمجد أبو العلاء بجائزة نجمة الجونة الذهبية المفاجأة الأكبر في الحفل، إذ أن الفيلم بالفعل هو أحد أبرز الأفلام العربية خلال العام، وجاء تتويجه بجائزة العمل الأول في مهرجان فينيسيا منذ قرابة الشهر بمثابة تتويج لعمل فني مميز، يعد بمخرج قادم. ولكن الأمر يختلف إذا ما نظرنا إلى الفيلم وسط مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الجونة والتي ضمت 15 فيلمًا من عدة دول، حصد أغلبها جوائز مهمة من مهرجانات أخرى، والكثير منها يتفوق في المستوى الفني على الفيلم لكنها خرجت صفر اليدين من الجوائز مثل فيلمي ”The Father“ (الأب) إخراج كرستينا جروزيفا وبيتر فالجانوف و”White on White“ (أبيض على أبيض) للمخرج ثيو كورت.

في المرتبة الثانية جاء الفيلم البولندي ”Corpus Christi“ (عيد القربان) إخراج يان كوماسا، وهو تجربة يمكن التوقف عندها بالتأكيد، فرغم أن الفيلم مبني على فكرة شاهدناها من قبل، وهي الغريب الذي ينتحل شخصية في أحد المقاطعات الصغيرة فيصدقه الناس ليتغير ويغير فيهم، فإننا شاهدنا معالجة مختلفة لهذه الفكرة، وجاءت نهاية الفيلم بشكل شديد التميز لا نبالغ إن قلنا إنها رفعت الفيلم لمستوى آخر. حصل الفيلم أيضًا على جائزة نجمة الجونة لأفضل ممثل بارتوش بيلينا، وهي جائزة متوقعة ومستحقة إذ قدم الممثل أداءً مميزًا لشخصية صعبة تمر بالكثير من التغيرات داخليًا وخارجيًا، وربما كان المنافس الأبرز له بطل فيلم ”The Father“ إيفان بارنيف الذي لعب دور الابن.

ذهبت النجمة البرونزية إلى فيلم ”آدم“ المغربي من إخراج مريم التوزاني، في عملها الإخراجي الأول أيضًا، وهي مفاجأة أخرى، إذ أن الفيلم من الأفلام الجيدة التي شهدتها المسابقة خاصة على مستوى التمثيل من بطلتيه لبنى أزبال ونسرين الراضي، لكن حصوله على الجائزة البرونزية وتجاهل الأفلام التي ذكرناها سابقًا أيضًا أمر غير مفهوم، خاصة والفيلم -رغم تميزه- يحتوي على بعض المشاهد المكررة للمرأة التي تعيد استكشاف نفسها وتتحرر من ماضيها. بل إن البعض يمكن أن يجد في الفيلم التونسي ”نورة تحلم“ أو ”حلم نورا“ من إخراج هند بوجمعة فيلمًا أقوى وأكثر تماسكًا، خاصة مع فصله الأخير الذي احتوى على الكثير من التقلبات والمفاجآت في السيناريو، لكن لجنة التحكيم اكتفت بمنحه جائزة نجمة الجونة لأفضل ممثلة والتي ذهبت لهند صبري، فحتى جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي روائي طويل لم تذهب إليه بل إلى فيلم ”بابيشا“ الجزائري والذي قدم رؤية مختفة لفترة العشرية السوداء.

قبل أن نترك جوائز الأفلام الروائية الطويلة يجب أن نتوقف عند جائزة لجنة تحكيم الفيبريسي (FIPRESCI) والتي ذهبت للفيلم اللبناني ”1982“ في اختيار غريب، إذ يمكن اعتباره أضعف الأفلام العربية المشاركة في المسابقة، وبالتأكيد لن يصمد عند النظر إليه في وسط بقية أفلام المسابقة الطويلة، وتزداد الجائزة غرابة عندما نجد أن الفيلم الذي اختارته لجنة الفيبريسي لم يحصد أية جائزة من الجوائز الأساسية للجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة من الأساس، وهذا عكس الشائع.

مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة

السينما السودانية تحصد ذهبية المسابقة الوثائقية أيضًا من خلال فيلم ”حديث عن الأشجار“ للمخرج صهيب قاسم الباري، وهو ما لا يعد مفاجأة هنا إذ أن الفيلم بالفعل من أفضل الأفلام التسجيلية في المسابقة وسبق له وحصد جائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين في دورته الـ69. أكثر ما ميز هذا الفيلم هو أنه عرض الكثير من الأفكار بهدوء ودون فرض لأي فكرة على حساب الأخرى، فهو فيلم عن تاريخ السينما السودانية وأهم مخرجيها، وعن الوضع الحالي للعروض السينمائية في السودان، فنيًا وسياسيًا، وفوق كل هذا هو فيلم عن حب السينما.

بينما ذهبت نجمة الجونة الفضية للفيلم الوثائقي لفيلم عربي آخر هو الجزائري ”143 طريق الصحراء“، وبهذا تصبح كلًا من الجزائر والسودان قد حققا العلامة الكاملة، إذ عرض لكل منهما فيلمان في المهرجان وحصدت جميعها جوائز. يستعرض الفيلم الجزائري الكثير من ملامح الجزائر المعاصرة من خلال متابعة مليكة التي تمتلك مطعمًا معزولًا على طريق السفر.

يأتي بعده الفيلم الأفغاني ”Kabul, City in the Wind“ (كابل، مدينة في الريح) الذي يعد الفيلم الطويل الأول لمخرجه أبوزار أميني، والذي كان فيلم افتتاح مهرجان IDFA في العام الماضي. اهتم هذا الفيلم بالشكل الفني على حساب موضوعه قليلًا فهو يعرض عدة شخصيات مختلفة في مدينة كابل المميزة بأسلوب شاعري ومختلف عن اللقائات المعتادة في الأفلام التسجيلية، وإن كان اعتمد على مشاهد طويلة في بعض الأحيان لم تكن موظفة جيدًا، ولكنه يبقى في النهاية تجربة مختلفة ونظرة مغايرة لمدينة لا نرى منها إلا وجهًا واحدًا في نشرات الأخبار، وقد حصل الفيلم أيضًا على جائزة نيتباك لأفضل فيلم آسيوي. وبهذا الاختيار نجد أن الجوائز الثلاثة تحمل صدىً سياسيًا بنسب متفاوتة، وحتى بعض الأفلام المميزة التي لم تفز كانت السياسة حاضرة فيها، مثل الأمريكي ”The Kingmaker“ (صانعة الملك) للمخرجة لورين جرينفيلد.

أما جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي وثائقي طويل فذهبت لفيلم ”إبراهيم، إلى أجل غير مسمى“ اللبناني الفلسطيني من إخراج لينا العبد والذي تبحث فيه مخرجته وراء قصة اختفاء والدها إبراهيم العبد الذي كان عضوًا في إحدى الجماعات السياسية الفلسطينية واختفى منذ عام 1987 ولم يعد.

وبهذا تصبح جميع الأفلام العربية التي شاركت في مسابقة الأفلام الوثائقية قد حصلت على جوائز باستثناء الأردني ”أرواح صغيرة“ للمخرجة دينا ناصر.

مسابقة الأفلام القصيرة

ذهبت نجمة الجونة الذهبية للفيلم القصير للإيراني ”Exam“ (امتحان) للمخرجة سونيا ك. حداد، وكعادة السينما الإيرانية، نجد فيلمًا ذو فكرة بسيطة لكنها مقدمة بأسلوب سرد محكم. بينما ذهبت النجمة الفضية للبناني ”أمي“ للمخرج وسيم جعجع، واحد من أجمل أفلام المسابقة بالتأكيد والذي نجح فيه المخرج في التعبير عن صراع روحاني وإيماني كبير يحدث داخل طفل فقد أمه دون أن يحمل الفيلم أكثر مما يحتمل ليقدم تجربة شديدة التميز. بينما ذهبت النجمة البرونزية إلى فيلم “Flesh” (امتحان) البرازيلي من إخراج كاميلا كاتر، وهو التسجيلي الوحيد في قائمة جوائز الأفلام القصيرة.

حصد نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي قصير ”سلام“ للمخرجة زين دريعي، وهو فيلم عن واحدة من المشكلات المتكررة للمرأة في المجتمع الشرقي وهي النظرة للمرأة التي لا تنجب، وإن كنا نجد هنا معالجة مكررة ولا يوجد فيها جديد يذكر، رغم الإخراج والأداء التمثيلي الجيدين.

وأخيرًا حصل فيلم ”16 December“ على تنويه خاص. وقبل أن نختتم هذه السطور تجدر الإشارة أن مسابقة الأفلام الطويلة هي الوحيدة التي ضمت فيلمين مصريين، وهما ”هذه ليلتي“ من إخراج يوسف نعمان و“عمى ألوان“ من إخراج منة إكرام، وإن لم يكن غريبًا خروجهما صفر اليدين نظرًا لاحتياجهما للكثير من العناصر حتى يستطيعا منافسة الأفلام الأخرى القوية التي ضمتها المسابقة، فالأول بمثابة فيلم توعوي عن الأطفال المنغول، والثاني نظرة مكررة للرجل الشرقي وإن انتقلت الأحداث إلى لندن هذه المرة.

اقرأ أيضا:

بالبكاء.. هند صبري تتسلم جائزة نجمة الجونة لأحسن ممثلة

نجيب ساويرس : الدعوات المغرضة سبب غياب نجوم هوليود عن الجونة