محمود مجدي
محمود مجدي تاريخ النشر: الثلاثاء، 17 سبتمبر، 2019 | آخر تحديث:
هاني سرحان

انتقلت من التدريس لكتابة السيناريو رغم اعتراض أسرتي

اكتئبت بسبب السخرية من "الأب الروحي"

قصص الإدمان التي قدمت في "لمس أكتاف" حقيقية

بعض السيناريستات يسيئون للمهنة بسبب ضعف شخصياتهم أمام النجوم

أتعاون مع ياسر جلال للمرة الثانية في رمضان 2020

"الأب الروحي 3" أقوى أجزاء المسلسل

السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دورًا أساسيًا في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي. واعترافًا منّا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حالياً، ونستضيف اليوم السيناريست هاني سرحان.

متى بدأ اهتمامك بالسيناريو؟

أحب مشاهدة الأفلام والمسلسلات منذ الطفولة، وكان هناك نادي فيديو في الشارع الذي كنت أعيش فيه، فكنت دائمًا ما أحضر منه شرائط الأفلام الجديدة، كما أنني أحب القراءة منذ طفولتي، ورحلتي مع الكتابة بدأت بأنني جربت أكتب كل شئ "شعر وأغانى، رواية، قصص قصيرة" إلى أن جاءت مرحلة الجامعة وكنت أحب زميلة لي هناك، ولم تكن لدي الشجاعة للتعرف عليها، فقررت أن أكتب سيناريو عنها يحكي عن قصة حب تخيلت أننا نعيشها سوياً، ومن هذا الموقف أدركت شغفي بالسيناريو وقررت أن أكمل فيه.

خلال فترة سعيك لاحتراف كتابة السيناريو، هل واجهت أي اعتراضات من الأسرة؟

اعترضوا جداً، أتذكر أنني أبلغت والدي برغبتي في ترك المنصورة والاستقرار في القاهرة لكي أحترف كتابة السيناريو، فاعترضت أسرتي كلها، ووصل الأمر إلى حد سماعي لكلام من نوعية "أنت اللي زيك دلوقتي متجوزين ومخلفين، وانت رايح تبدأ حياتك من الأول"، وأخي الأكبر أخبر والدي ووالدتي بأنني أصادق مجموعة شباب "بيحبوا الفن وهيضيعوا مستقبلى"، وكانوا مشفقين عليّ للغاية، لكنني كنت مؤمنًا بحلمي والحمد لله وفقت في تحقيقه في النهاية، وهم حاليا سعداء بى جدا.

كيف أفادك العمل في ورش الكتابة في بداياتك؟

رحلتي مع ورش الكتابة بدأت من خلال انضمامى لورشة كتابة تعليمية للكاتب الكبير تامر حبيب، وأتذكر أنه قال لي "أنت موهوب وماينفعش تشتغل غير سيناريست" هذه الجملة لا أنساها إلى الآن، وكانت سبباً في أنني أركز تماماً في كتابة السيناريو وأترك عملي الأصلي كمدرس، وانتقل للمعيشة في القاهرة بدلاً من المنصورة، ثم بعد ذلك بسنوات انضممت الى كلوك ورك، وكانت هى سبب تقديمى للسوق وتعلمت منها كيفية التعامل مع المنتجين والنجوم، كما أن هذه الورشة فيها ميزة كبرى أنها تعطيك حقك المعنوي قبل المادي وهذا شئ مهم جداً بالمناسبة، وعندما خرجت من الورشة كنت أمتلك خبرة كبيرة في التعامل مع السوق.

إذا انتقلنا لأهم أعمالك، مسلسل "الأب الروحي"، كيف استقبلت السخرية من الفكرة ذاتها بمجرد الإعلان عنها؟

في البداية كنت محبط جداً، وكنت مندهش من أن الجمهور على السوشيال يسخرون من المسلسل قبل أن يعطون أنفسهم فرصة لكي يرونه، واكتئبت في هذه الفترة وأتذكر أن المخرج بيتر ميمي حاول كثيراً إخراجي من هذه الحالة، ونجح بالفعل، وفي النهاية عرض المسلسل وحقق نجاحاً كبيراً الحمد الله.

هل كان موت الشخصيات في المسلسل بسبب طبيعته الدرامية؟ أم أنك متأثر بالكاتب جورج آل مارتن؟

بالتأكيد أنا متأثر بكتابات جورج آل مارتن لأنه من كتّابي المفضلين، لكن في النهاية ظروف المشروع كانت تسمح بتنفيذ هذا الأسلوب، فنحن نقدم مسلسلًا مستوحى من فيلم "الأب الروحي"، وفي هذا الفيلم توفي دون كولرليوني في بداية الأحداث ومن بعده ابنه، وفي المسلسل توفي النجم محمود حميدة في بداية الأحداث أيضاً، فمن هنا جاءت لي الفكرة ألا يكون هناك بطل للمسلسل، وأن يكون المؤلف والمخرج هما أبطال العمل الحقيقيين، وهو ما أظن أني استطعت إلى حد كبير فى تحقيقه.

لو انتقلنا لمسلسل "لمس أكتاف"، هل حالات الإدمان التي قدمت في المسلسل حقيقية؟

بالتأكيد، وكان معنا متعافون من إدمان الأستروكس أثناء كتابة وتنفيذ العمل، ففكرة المسلسل جاءت لي عندما كنت أجلس مع مجموعة من الشباب يتحدثون عن شرب الأستروكس، ويومها أدركت أن هناك مصيبة تحدث والناس لا تعلم عنها شيئا، وأن هذا العالم لم يتطرق إليه أحد من قبل بشكله الحقيقى ولا عن المشاكل والمصائب التي تحدث فيه يومياً، فقررت الكتابة عنه، والحمد لله أننا استطعنا أن نلفت نظر الجميع لخطورة الأستروكس وأضراره.

لماذا لم تكتب للسينما حتى الآن؟

أنا متحمس جداً لدخول السينما الفترة المقبلة، خصوصاً مع حالة الانتعاش التي تعيشها حالياً، وهناك أكثر من مشروع سينمائي أحضر له، وقد يرى أحدهم النور قريباً بإذن الله.

لماذا تفضّل دراما الحبكات المتعددة وليس الحبكة الواحدة؟

هذا حقيقي، فأنا أحب صناعة عوالم مختلفة وساحرة وجديدة على المشاهد العادي لم يرها من قبل، تجعل لي بصمه فى العمل الذى أقدمه، على سبيل المثال دار الأيتام فى الأب الروحي" وعزبة الحب والسلام فى "لمس أكتاف"، وهذا قد يعود لحبي للروايات وخصوصاً أعمال كاتبنا الكبير نجيب محفوظ بالإضافة لشغفي بمسلسلات السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة.

هل تحب في كتابة الشخصيات الشريرة أن تكون ساحرة وجذابة درامياً وبها أكثر من بعد درامي؟

بالتأكيد، يجب أن تكون شخصية الشرير ساحرة، ولابد أن استمتع أثناء كتابتها، فأنا أحب الشخصيات المعقدة والتي لديها صراع مع نفسها ومع الآخرين، ففكرة الشخصيات البيضاء أو السوداء في الدراما انتهت، فالبشر مزيج من التعقيدات والصراعات المتشابكة والمختلفة، كما أن هناك نقطة هامة أريد الحديث عنها أن الناس دائماً ما تحب الشخصية المشاغبة التي تخرج عن النص حتى لو أظهرت عكس ذلك، كما أن شخصية الشرير في السينما العالمية تتطور وتأخذ أبعاد كثيرة جداً، لذلك يجب أن نطور ونجدد في كتابتها دائماً.

كان لك تصريح نصه "أنا أحب الكتابة عن البني آدمين" فسر لنا هذا التصريح؟

أحب دائماً الكتابة عن الناس من داخلهم وليس من خارجهم، ولا يوجد نوع معين من البشر أحب الكتابة عنهم، فأنا مهووس بحكايات البشر عموماً، كما أنني مؤمن جداً بأن دراما الشخصيات هي الأكثر تأثيراً وبقاءً في وجدان الناس.

يتردد كثيرًا أن الجيل الجديد من الكتّاب ضعيف الشخصية أمام النجوم، ما ردك على هذا الأمر؟

هناك بعض الدخلاء على المهنة هم السبب في هذا الاتهام غير الحقيقي، فلو تحدثت عن نفسي فلم يتحدث معي أحد على الإطلاق في أن أكتب شيئاً لا يستهويني أو اكتب شيئا من أجل شخص، ومعروف عني أنني لا أكتب عمل إلا لو كنت أحب وأدرك تماماً أنني سأجيد كتابته وأدافع عن وجهة نظرى اذا كنت مقتنعًا بها ، لكنني أظن مع الوقت أن هذه السمعة ستنتهي والجيد سيفرض نفسه.


حدود تعامل الكاتب مع العملية الفنية" منتج، مخرج، نجم"، هل هي كتابة فقط أم هناك عوامل أخرى من وجهة نظرك؟

هناك عوامل أخرى بالتأكيد، فهذه المهنة تحتاج لذكاء اجتماعي ومرونة، ومهما كانت موهبة أي كاتب فلن يستطيع أي نجم أو مخرج أن يتعامل معه إذا لم يشعر بالراحة مع نفسياً من الأساس، وفي النهاية الكاتب الجيد سيفرض نفسه بكل تأكيد.

ما أهم مميزات جيل "هاني سرحان، بيتر ميمي، صلاح الجهيني، محمد سيد بشير"؟

نحن نحاول العمل في ظروف صعبة جداً لتقديم أفضل منتج، والجيل السابق لنا ساعدنا كثيراً في أنه فتح لنا آفاقًا وأبوابًا كثيرة، ولولاهم ما كنا اقتحمنا هذه الأبواب، لذلك نحن نحاول الاستمرار على ما بدأوه والدخول إلى أبواب جديدة لم تفتح بعد ، كما أننا في حالة تحدي مستمر مع ذوق الجمهور الذي يتغير سريعاً جداً، فطبيعة الجمهور حالياً غير قابلة للثبات، ما يعجبه اليوم، قد لا يعجبه غداً، لذلك نحاول تطوير نفسنا دائماً ومفاجأة الجمهور بأشياء لم يراها ولم يتوقعها من قبل.

هل ما حدث مع مي عز الدين ومحمد ممدوح في رمضان الماضي يدل على أن الجمهور انتقل من مرحلة النقد إلى مرحلة الذبح؟

الجمهور أصبح لا يرحم في أي شئ وليس في نقد الأفلام والمسلسلات فقط، والسوشيال ميديا أعطت الجمهور فرصة عظيمة كي يقول رأيه في كل شئ بكل صراحة، وجعلت عنده طاقة للاعتراض والسير دائماً عكس المألوف والسائد، وهذا الأمر أصبح سمة العصر بالتأكيد ولا مجال لتغييره أو حتى الاعتراض عليه من وجهة نظري.

على الرغم من النجاح الذي يحققه كاتب السيناريو، ما الأشياء التي يدفع ثمنها مقابل ذلك؟

حياته مختلفة عن باقي الناس، يسودها الوحدة والقلق والتوتر والانعزال وأحيانا الاكتئاب، ولا توجد له حياة اجتماعية مستقرة مثل الآخرين، فهو منغمس وغارق في عالمه وأحلامه وخياله دائماً.

ما سر علاقتك الطيبة بزملائك الكتّاب؟

أنا مؤمن تماماً أننا نعمل في مهنة قاسية جدًا وفي ظروف غاية الصعوبة، لذلك لا مجال للنفسنة أو الغيرة، خصوصاً أن الشغل نفسه صعب، فأنا أسعد كثيرًا بكل أعمال زملائي الكتّاب، لأنه عندما يقدم زميل لي عملًا جيدًا فمردود هذا العمل يعود على الجيل كله، كما أنني أسعد دائماً بأي شغل جيد حتى لو من كاتب هاوٍ وأحاول دائماً أن أشيد بأي عمل جيد أقرأه أو أشاهده سواء بشكل شخصي أو علني، فأنا متذوق للعبة الحلوة عموماً، وأحب وأسعى دائماُ لمساعدة أي شخص موهوب لو أتيحت لي الفرصة.

معظم من يعملون في هذه المهنة لديهم "الأنا" مرتفعة جداً، هل الأنا لديك عالية؟

إطلاقاً، فأنا شخص عارف إمكانياتي جيداً، وبسيب شغلي هو اللي يتكلم عني، وعمري ما بكلم بطريقة مبالغ فيها عن نفسى أو شغلى
وسط ظروف الصناعة المضطربة والغير آمنة.

هل تخشى أن يأتي يوم وتنقلب الأوضاع وتظهر أجيال جديدة من الكتاب و بالتالي قد تجلس في المنزل بلا عمل؟

بالتأكيد، وهذا الهاجس يطارد جميع من يعمل في هذه المهنة، لكنني أحاول التغلب على هذا الشعور بأنني أسعى دائماً لأن أطور من نفسي حتى لا تأتي علي لحظة وتكون كتاباتي "دقة قديمة"، لذلك أحاول مذاكرة ظروف الشغلانة وأحوال صناعها، وأقرأ كثيراً وأشاهد أفلام ومسلسلات بإستمرار، ولا أتوقف يوماً عن محاولة التطوير من نفسي وإمكانياتي.

ما هي طقوسك في الكتابة؟

لا يوجد لدى طقوس معينة، لكن مثلا أنا لا أكتب بدون موسيقى، وقبل بداية كتابتي لأي عمل، هناك أسبوع من عمري يضيع في البحث عن "تراكات" موسيقية مناسبة لحالة المسلسل الذي أكتبه، فأنا أختار دائماً التراك الموسيقى المناسب للموضوع الذي أكتبه، وأنا لا أكتب بدون أن يكون هناك شيئا بجانبي أشربه سواء قهوة أو شاي، وأحاول أن أكتب يوميا على الأقل عشرة صفحات إلا إذا كان هناك موعد لتسليم الحلقات فأننى أكتب أكثر من ذلك.

ما جديدك الفترة القادمة؟

بدأت فى كتابة مسلسل مع النجم ياسر جلال والمخرج حسين المنباوي ومن المنتظر عرضه في الموسم الرمضاني القادم بإذن الله، وهو مسلسل مختلف جداً عما كتبته من قبل أو قدمه ياسر جلال، وأحضر أيضا مسلسل "الأب الروحي 3"، ولأول مرة أكتب رواية ستنزل الى الأسواق فور انتهائي منها.

ما موقفك من تكرار التعاون مع ياسر جلال والمخرج حسين المنباوي؟

سعيد جداً بالتعاون للمرة الثانية معهم، ياسر جلال نجم مهم ومثقف وذكى و"بيفهم دراما كويس" ويعرف قيمة المؤلف جيداً ويحترم كتاباته وبسيط فى التعامل لذلك أرتاح فى التعامل معه وقد أصبحنا أصدقاء بعيداً عن العمل، أما المخرج حسين المنباوي فهو من أهم مخرجين مصر ويفهم جيداً فى السيناريو لكنه يعي قيمة المؤلف ويحترمه ويحترم كل جمله مكتوبة فى السيناريو بعد أن نصل سوياً الى الدرافت النهائي الذى نراه، وكنت أتمنى العمل معه وقد أضاف لى الكثير ليس فقط على المستوى الفنى بل والشخصى أيضاً وأتمنى أن نكرر النجاح سويا هذه السنة.

ما الجديد الذى ستقدمه فى "الأب الروحى 3"؟

نحكى باقى قصة العطارين، وكل الذى أستطيع قوله أننا نسعى أن يكون الجزء الثالث هو أقوى أجزاء المسلسل، وأظن أن الجمهور سيشاهد ذلك بنفسه.

الكتابة علمتك إيه؟

الصبر، وأن أضع نفسي مكان أي شخص آخر.

لو جاءك شاب يريد احتراف كتابة السيناريو، ماذا ستقول له؟

أنصحه بأن يتأكد من موهبته أولاً بعرض كتاباته على كتّاب موهوبين يثق في آرائهم أو نقاد، وألا يمل من القراءة والمشاهدة والكتابة، وأن تكون لديه مقدرة هائلة على الصبر وعدم التعجل، وألا يتكبر على أي شغل يعرض عليه.

اقرأ أيضا:

هشام هلال: انسحبت من "الطبال" بسبب الأخطاء.. وهكذا بدأت فكرة "كازابلانكا"

شريف بدر الدين: تعمّدنا إبعاد "طلعت روحي" عن النسخة الأمريكية.. ونصوصي السينمائية خط أحمر