القطة التي أكلت محمود المليجي وأسامة أنور عكاشة!

تاريخ النشر: الخميس، 12 سبتمبر، 2019 | آخر تحديث:
أسامة أنور عكاشة ومحمود المليجي

مخطيء من يظن أن هناك في مصر زمنًا جميلًا، فكل الأوقات كانت "غبرة" لمن عاصروها، ثم أصبحت جميلة لمن جاءوا بعدهم واكتشفوا أن للون الأسود درجات أكثر قتامة. هي فقط فروقات في الدرجات، لكننا منذ أن وقفنا دقيقة حداد حتى حُبسنا فيها، ولم نخرج من ثوانيها الأطول من الدهر حتى الآن.

قرأت مقالًا لصانع أدب الدراما التليفزيونية أسامة أنور عكاشة بمجلة الكواكب في التسعينات فوجدته يقول:"فنحن أيها السادة في غمار عصر التخلف الجميل الذي نعيش أزهى سنواته، نأكل لحم أبنائنا كالقطط"!

العصر الذي نعتبره زمن الفن الجميل ونترحم على أيامه إذن، كان في نظر رواده ومبدعيه "تخلف" وهم يترحمون بالمثل على زمن سبقهم، رغم أن المليجي أرسل لهم رسالة من ماضي أسبق سأل فيها:"وعايزني أكسبها؟!".

وقبل اختراع الصحافة التي يؤكد أرشيفها أكذوبة زمن الفن الجميل كلما غُصت في أزمان أبعد، ورأيت كيف تحسّر المبدعون في كل عصر على ما أصبحت عليه "الشغلانة"، كان هناك أرشيف آخر من الحوائط والمسلات التي نحت عليها أجدادنا نفس المأساة، لكننا لم نصدق أبا الهول حين كُسرت أنفه من صوت الاعتراض!

كل نغمة إبداع خالفت زمنها وجعلتنا نظنه جميلًا ونحن نسمعها عبر التاريخ، كانت مجرد نشازًا للنشاز، كتلك القاعدة التي تقول أن نفي النفي إثبات، تمامًا مثل صوت العقل الذي نعتقده أحيانًا جنونًا لأنه يخالف الجنون العام، ولا نكتشف ما فيه من تعقّل، إلا حين يرحل المجانين ويأتي من هم "أجنّ منهم".

فالزجاجة التي نُمنّي أنفسنا بالخروج من عنقها يومًا، لم تكن على مدار تاريخنا سوى "شاليمو"! والأزمنة الجميلة لم تصبح كذلك إلا لأنها مجرد ماضي.

اقرأ أيضا:

"خيال مآته".. حلمي يصاب بالشيخوخة المبكرة!

7 أيام من مذكرات محمود المليجي