مازن فوزي
مازن فوزي تاريخ النشر: الثلاثاء، 10 سبتمبر، 2019 | آخر تحديث:
ثنائيات في السينما المصرية

نجاح كبير يحققه الثنائي المخرج مروان حامد والمؤلف أحمد مراد في فيلمهما "الفيل الأزرق 2" رابع تعاون بينهما، مما دفعهما للاستمرار في التعاون معا في أفلام جديدة الفترة المقبلة.

نجاح مخرج ومؤلف واستمرار تعاونهما معا ليس بجديد على السينما المصرية، إذ تكرر هذا الأمر أكثر من مرة، وفي هذا التقرير يرصد FilFan أبرز ثنائيات الكتابة والإخراج في السينما المصرية.


العمل السينمائي هو عمل فني، لكن ما يفرق بينه وبين أي نوع آخر من الفنون، أنه عمل جماعي، يتطلب وجود فريق عمل، يبدأ كاتب لديه سيناريو، ومخرج يرغب بحكي هذا السيناريو ولكي يفعل ذلك يتطلب وجود منتج وممثلين ومدير تصوير وغيرهم من أعضاء فريق العمل السينمائي.

لذلك فالفيلم الواحد يحمل بين طياته جهد العديد من الأفراد، ولكي ينجح العمل، يجب حدوث حالة التناغم والتفاهم بين كل أعضاء هذا الفريق، ومن هنا أتت فكرة الثنائيات المشتركة، فاذا نجحت التجربة مرة، لم لا تتكرر مرة ومرتين وأكثر، فلما المخاطرة بالتجريب مع أحد آخر، طالما وجد التفاهم الذي توج بالنجاح في المرة الأولى.

الثنائيات قد تكون بين كاتب وممثل، مخرج وممثل أو كاتب ومخرج أو الثلاثة معاً فيكون ثلاثي متكرر، ثنائي الكاتب والمخرج هو الأكثر بروزاً لأنهم هم يصنعوا الحكاية من الأساس، وبخلاف مخرجين كانوا هم نفسهم كتاب أفلامهم، فالأكثر انتشارا هو وجود كاتب ومخرج في العمل، ويمكن القول إن ثنائي الكاتب والمخرج هو الأشد حساسية وتعقيداً في نفس الوقت، فالكاتب يتمنى تنفيذ مشروعه كما تخيله، والمخرج يبحث عن سيناريو يحقق له طموحه ووجهة نظره، لذلك فإذا حدث التوافق، غالبا ما بتكرر ويستمر عدة مرات.

السينما المصرية حظيت بالعديد من ثنائيات الكتابة والإخراج، وكما قلنا بأن هذا الثنائي هو الثنائي الأكثر بديهية وأهمية، فلكثرته حاولنا حصر أبرز الثنائيات التي حظيت على أكثر من أربع مشاركات سينمائية بين كاتب ومخرج.

المخرج نيازي مصطفي والكاتب أبو السعود الإبياري:

من أول ثنائيات الكتابة والإخراج في السينما المصرية هو هذا الثنائي والذي يمكن اعتباره الثنائي الأطول زمنياً فقد بدأ من الأربعينيات واستمر حتى بداية السبعينات، أي ما يقرب من الثلاثين عاماً، صنع بها الثنائي عشرات الأفلام التي صارت علامات في تاريخ الكوميدياً.

من أبرز أعمالهم: (طاقية الإخفا – شارع محمد علي – الآنسة بوسي – إسماعيل يس طرزان - صغيرة على الحب – البحث عن فضيحة).

المخرج فطين عبد الوهاب والكاتب أبو السعود الإبياري:


شراكة الإبياري مع نيازي مصطفى لم تكن الشراكة الوحيدة في حياته، ولا عجب فهو يعتبر أبرز كتاب الكوميديا في القرن العشرين سواء سينما أو مسرح أو حتى صحافة، وبجانب شراكته مع نيازي مصطفى، فقد شارك أنور وجدي في العديد من الأفلام، لكن لعل أبرز شراكة له كانت مع إسماعيل يس الذي صنعا معاً سلسلة "إسماعيل يس في"، وخلال هذه الشراكة حصل التعارف بين الإبياري والمخرج فطين عبد الوهاب.

الإبياري قد يكون الكاتب الكوميدي الأهم، لكن بلا شك فأن فطين عبد الوهاب هو الآخر، المخرج الكوميدي الأهم في القرن العشرين، وشراكته مع الأبياري هي ما أطلقت عنانه.

من أبرز أعمالهم: (إسماعيل يس في الطيران – الفرسان الـ3 – الفانوس السحري – الزوجة الـ13 – امسك حرامي).

المخرج فطين عبد الوهاب والكاتب علي الزرقاني:

من الغريب أن أبرز أعمال عبد الوهاب لم تكن مع الإبياري بل كانت مع علي الزرقاني، واللذان صنعا معاً حوالي خمسة عشر فيلماً من علامات السينما الكوميدية في الخمسينات والستينات، وهي أعمال مازالت عالقة في ذهن الجمهور حتى يومنا هذا.

من أبرز أعمالهم: (عفريت مراتي – إشاعة حب – إسماعيل يس بوليس حربي - إسماعيل يس بوليس سري – كلمة الحق).

المخرج كمال الشيخ والكاتب علي الزرقاني:

الزرقاني لم يكن كاتباً كوميدياً فذاً فقط بل كان أيضاً كاتب بوليسي ودرامي من الدرجة الأولي، فبجانب شراكته مع عبد الوهاب، شارك المخرج كمال الشيخ في كل أعماله الاولي تقريباً، إما بكتابة أفلامه وحده أو بمشاركة الشيخ معه، ومعاً صنعوا أفلاماً شكلت بداية الأفلام الجدية في السينما المصرية.

من أبرز أعمالهم: (حياة أو موت – اللص والكلاب – المنزل رقم 13 – الرجل الذي فقد ظله -مؤامرة).

المخرج صلاح أبو سيف والكاتب نجيب محفوظ:

محفوظ لعب نفس الدور مع أبو سيف، الذي لعبه الزرقاني مع الشيخ، فقد كان يشارك في كتابة سيناريوهات أبو سيف حتى لو لم تكن مقتبسه عن روايته.

نجيب محفوظ هو بلا شك الأديب الأبرز في مصر، لكنه كان يدرك الاختلاف بين الوسيط الأدبي والوسيط السينمائي، وبأن الوسيط السينمائي هو وجهة نظر مشتركة بين الكاتب والمخرج، لذلك كأن يفصل بين وجهة نظره في روايته، ويطوعها في كتابة سيناريوهات أبو سيف أو حتى يقوم بدور ترجمة أفكاره ووجهة نظره إلى سيناريوهات وأفكار أصلية، فهو أدرك أن سينما أبو سيف التي كانت تعني بقيمة المكان ونفسية الشخصيات، هي سينما قريبة من وجهة نظره أصلاً، وهنا حدث التوافق، الذي كان نتيجته حوالي أحد عشر فيلماً، شكلوا، مع أعمال شاهين والشيخ، بداية السينما الواقعية في مصر.

من أبرز أعمالهم: (ريا وسكينة – شباب امرأة – أنا حرة – بين السما والأرض).

المخرج حسين كمال والكاتب إحسان عبد القدوس:


على النقيض من محفوظ، لم يكن عبد القدوس يؤمن بأن صاحب العمل الأدبي الأصلي لا علاقة له بالفيلم الذي يعد من عمله الأدبي، لذلك شارك في صياغة وكتابة حوار كل الأفلام المعدة من روايته تقريباً.

ومع حسين كمال، صنعا حوالي تسعة أفلام، جمعت بين القيمة الفنية والنجاح التجاري، من خلال عرض القصص الرومانسية بإسقاط سياسي اجتماعي.

من أبرز أعمالهم: (أبي فوق الشجرة - إمبراطورية ميم – دمي ودموعي وابتسامتي - أنف وثلاثة عيون - العذراء والشعر الأبيض).

المخرج عاطف الطيب والكاتب بشير الديك:


استكمالاً لموجة الواقعية التي بدأت على استحياء في عقدي الستينيات والسبعينيات، تبلورت مرة أخرى على يد مخرجي الثمانينيات علي يد مخرجين مثل عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وكتاب مثل وحيد حامد وبشير الديك، لذلك ليس من الغريب، أن مشاركة أغلبهم في أعمال الآخر، ولعل من أبرز هذه المشاركات، مشاركة بشير الديك مع عاطف الطيب.

صنع الطيب عددا كبيرا من الأفلام في فترة حياته القصيرة، شكل خلالها عدداً من الثنائيات مع مختلف الكتاب، سواء وحيد حامد أو مصطفى محرم، لكن أبرز أعماله كانت مع بشير الديك، ومعاً صنعاً عدد من الأفلام التي حصلت على الإعجاب المحلي والدولي بسبب واقعيتها ومناقشتها لقضايا المهمشين.

أعمالهم المشتركة: (سواق الأتوبيس – ضربة معلم – ناجي العلي - ضد الحكومة – كشف المستور).

المخرج محمد خان والكاتب بشير الديك:

مشاركة الديك مع خان، لم تكن مثل مشاركته مع الطيب، بل هي أقرب إلى مشاركات الزرقاني مع الشيخ أو محفوظ مع أبو سيف.

خان صنع ثنائيات مع عدد من الكتاب منهم فايز غالي ورؤوف توفيق ووسام سليمان بجانب الديك بالطبع، إلا أنه يمكن بسهولة إيجاد سمات وروابط مشتركة بين سيناريوهات جميع تلك الأفلام باختلاف كتابها.

لذلك فبعكس ثنائيات، كونها الديك مع مخرجين آخرين مثل عاطف الطيب ونادر جلال، فإن ثنائيته مع خان مختلفة، فهي أقرب لأن تكون ترجمة لعوالم وشخصيات خان منها إلى كتابة منفردة منه.

وعلى الرغم من ذلك، فأن تعاون خان مع الديك هو التعاون الأهم له مع كاتب، وصنعاً معاً أهم أفلامهما، والتي تزداد قيمتها وتعلق المشاهدين بها مع الوقت ومع اختلاف الأجيال.

أعمالهم المشتركة هي: (الرغبة – طائر على الطريق – موعد على العشاء – نص أرنب – الحريف).

المخرج شريف عرفة والكاتب وحيد حامد:


وحيد حامد هو كاتب السيناريو الأهم في الثمانينيات والتسعينيات، فقد صنع ثنائيات مع أغلب مخرجي تلك الحقبة، سواء عاطف الطيب أو سمير سيف وغيرهم، لكن أبرز مشاركاته كانت مع شريف عرفة، الذي وجد ضالته مع حامد بعد شراكة ناجحة نقدياً لكن محبطة جماهيرياً مع الكاتب الموهوب ماهر عواد.

للمفاجأة فأن عدد الأفلام التي صنعها حامد مع عرفة ليست الأكثر عددا في شراكاته المختلفة مع المخرجين، فقد صنع مع سمير سيف ثمان أفلام بينما صنع ستة أفلام مع عرفة.

ولعل ما يجعل تلك المعلومة غريبة على السمع، هو شهرة كل أفلام حامد وعرفة الستة، واحتلال كل منها قيمة فنية وتجارية في آن واحد، ولعل أسباب النجاح التجاري، يمكن إرجاع سببه إلى كون عادل إمام هو بطل جميع أفلامهم معاً عدا فيلماً واحداً.

ولذلك فأن أفلام الثلاثي كانت أقرب إلى فكرة السلسلة، التي ينتظرها الجمهور بسبب اشتراكها في عوامل فنية، هي تميز أفكارها وحبكاتها وجمعها بين المتعة القيمة الفنية والإسقاطات الاجتماعية والسياسية.

أعمالهم المشتركة هي: (اللعب مع الكبار – الإرهاب والكباب – المنسي – طيور الظلام – النوم في العسل – إضحك الصورة تطلع حلوة).

المخرج مروان حامد والكاتب أحمد مراد:

وبعد ما يقرب من العقدين من ثنائية عرفة وحامد، لم تظهر ثنائية بين كاتب ومخرج استمرت أكثر من أربعة أفلام.

كان ذلك قبل أن يعلن منذ فترة بداية العمل على فيلم (كيرة والجن)، للمخرج مروان حامد والكاتب أحمد مراد، وهو الفيلم الذي يشكل التعاون الخامس بينهما.

ثنائية حامد ومراد المتكررة حازت على استغراب الكثيرين على الرغم من بديهيتها، فهي مثلها مثل أي ثنائية هنا، احتوت على نفس العوامل، نجاح كل عمل من أعمال الثنائي ووجود تفاهم وتقارب بين الرؤي ووجهات النظر.

فمروان تعلم الدرس من ثنائية معلمه شريف عرفة ووالده وحيد حامد، بضرورة وجود أرضية مشتركة بين الكاتب والمخرج، فمراد وجد ضالته في مروان كمخرج، فضمن خروج سيناريوهاته في أجود صورها، ومروان كذلك وجد ضالته في سيناريوهات مراد التي ترضي طموحه الفني وتسمح له بالتجريب.

ومما لا شك فيه أن ثنائي حامد ومراد هو ثنائي ناجح، على الأقل جماهيريا، فكل فيلم من أفلامهما يعتبر نوعية جديدة ومختلفة عن السائد، ولذلك ليس من الغريب أن يحصد كل منهم إيرادات ضخمة وقت نزوله دور العرض.

أعمالها المشتركة هي: (الفيل الأزرق –الأصليين – تراب الماس – الفيل الأزرق 2 – كيرة والجن).

من الملاحظ في القائمة، ارتباط ثنائية الكاتب والمخرج في الغالب بممثل واحد، يكون مشترك في أغلب أعمال الثنائي إن لم يكن جميعها، ومن الملاحظ أيضا، أن عدد الثنائيات قل كثيرا مع الوقت عن بداية السينما المصرية، ففي البداية كانت هناك ثنائيات تنتج نحو خمسة عشر فيما، أما الآن فقد صار رقم خمسة أعمال مشتركة، رقما غريبا، وقلة الثنائيات نتيجة تبعية لقلة إنتاج الأفلام نفسها، فوجود ثنائيات الكتابة والإخراج من عدمها ليست مشكلة، بقدر عدد إنتاج وجودة الأفلام نفسها، بل على العكس، فأن غياب الثنائيات قد يعطي فرص، لكتاب أو مخرجين جدد.

اقرأ أيضا:

الفيل الأزرق 2 ... جزء ثان ناجح أم فرصة مهدرة؟

"خيال مآته" يجمع بينهما مجددًا.. تاريخ التعاون بين حلمي وخالد مرعي