محمود مجدي
محمود مجدي تاريخ النشر: الثلاثاء، 10 سبتمبر، 2019 | آخر تحديث:
هشام هلال

لا أطلب ودّ النجوم مثل بعض الكتّاب

مسلسل "أنا عشقت" ظلم في طريقه عرضه

انسحبت من "الطبال" لأن الأخطاء أساءت للعمل ككل

خيال السيناريست المصري مقيد بفكر الرقابة العقيم

لا أجزم بتحويل "كازابلانكا" لسلسلة أفلام

أحلم بتقديم قصص إنسانية خاصة بالمهمشين

السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دورًا أساسيًا في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي. واعترافًا منّا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حالياً، ونستضيف اليوم السيناريست هشام هلال.

متى بدأ اهتمامك بالسيناريو؟

اهتمامي بالسيناريو بدأ من المرحلة الثانوية حيث كنت أشاهد الأفلام بكثرة، وبدأت أتأمل عناصر صناعة الفيلم من تمثيل وإخراج وتصوير، ووجدت نفسي منجذبًا بشكل أكبر ناحية السيناريو فهو الأساس والعمود الفقري لأي فيلم سينمائي.

لماذا لم تلتحق مباشرة بالمعهد العالي للسينما، وفضلت الالتحاق بكلية الأداب؟

بسبب اعتراضات أهلي على هذا الأمر، فمسألة دخولي معهد سينما بالنسبة لهم، شئ غير مضمون وليس له ملامح، فاستسلمت لرغبتهم ودخلت كلية تجارة في البداية، لكن كانت لدي رغبة قوية في ممارسة الشيء الذي أعشقه، فكنت أحضر ندوات ومسرحيات وأشاهد الأفلام في السينما باستمرار، وكانت النتيجة أن هناك سنتين ضاعوا من عمري بسبب هذا الأمر، حيث رسبت أول سنة في كلية تجارة، ثم حولت من تجارة إلى حقوق، ورسبت أيضاً، ثم حولت من حقوق إلى أداب، وتخرجت منها في النهاية.

بعد تخرجك من الجامعة، هل واجهت أي احباطات قبل كتابتك للسيناريو بشكل احترافي؟

بالعكس، فأنا والسيناريست والمخرج محمد حماد، والسيناريست وليد خيري كنا مجموعة واحدة، وكنت أطلق على هذه المجموعة "أصدقاء الحلم المشترك"، وأسسنا أول ورشة للسيناريو في مصر، وأطلقنا على هذه الورشة اسم "عيال بتحب السيما" وكنا نمارس الموضوع بشغف وحب شديدين، وكتبنا فيلم اسمه "مرسال المراسيل" وكان بطولة ماجدة الخطيب، وفتحي عبد الوهاب، والفيلم فاز بجائزة التميز في مهرجان الإذاعة والتلفزيون.

كيف أفادك العمل في ورش كتابة مسلسلات السيت كوم في بداياتك، على المستوى العملي والشخصي؟

أدركت أن الاحتكاك شيء هام للغاية، وأخذت خبرة كبيرة جداً حيث عرفت كيف تولد الأفكار، وكيف يفكر زملائي الكتّاب، وكيفية الكتابة الجماعية، وهذه الأشياء لم أكن سأعرفها إن كنت أكتب وحدي في صومعة مغلقة.

لو انتقلنا لأهم أعمالك، مسلسل "طرف ثالث"، ماذا تقول عنه؟

المسلسل كان يعبر عن روح البلد في هذا الوقت حيث الثورة والأمل والحلم في التغيير، وهذه الروح انعكست علينا نحن صناع المسلسل ككل ونجحنا في نقلها للناس وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً.

هل تعتقد أن مسلسل "أنا عشقت" لم يأخذ حقه إعلامياً؟

هذا العمل من أجمل الأعمال التي كتبتها حتى الآن، وأعتقد أنه ظلم في طريقة عرضه.

مسلسل "الطبال" حدثت به أزمة أدت لاعتذارك عن كتابة الحلقات الأخيرة، للعمل، حدثنا عن كواليس هذه الأزمة؟

هناك عدة أخطاء حدثت أساءت للعمل ككل، والمخرج لم يحسن استغلال العناصر التي كانت موجودة تحت يديه، لذلك اكتفيت بكتابة 12 حلقة فقط، وانسحبت بعدها.

فيلم "كازابلانكا" فكرتك أم فكرة أمير كرارة؟

كازبلانكا فكرتي بالتأكيد، لكن حدث تلاقي رغبات بيني وبين أمير، ففي 2015 جاءت لي فكرة فيلم كازابلانكا، وأثناء تصوير مسلسل "حواري بوخارست"، تحدث معي أمير وقال لي أنه في رأسه فكرة فيلم يبدأ بمشهد لشخص جالس في بار "مدي ضهره للناس" والجالسون في البار يتحدثون عنه، فقط هذا كل ما كان في رأس أمير عن الفيلم، فقلت له أنا عندي فيلم عالمه يتشابه مع العالم الذي تحكيه، وعرضت عليه فكرة كازابلانكا، ونالت قبوله، وظهر الفيلم كما شاهده الناس في السينمات.

كيف جاء التعامل مع بيتر ميمي؟

تعرفت على بيتر قبل تصوير كازابلانكا ووجدته شخص محترم جدًا، وتكونت علاقة طيبة بيننا بعيداً عن العمل، ووقت عملنا في كازابلانكا، وجدت أن بيتر من أكثر المخرجين الذين يحافظون على النص ولا يقبل التعدي عليه من أي طرف في المنظومة، كما أنه يحترم جمل الحوار، وكانت جملته الدائمة لي "أنت عندك جمل حوار مميزة، أنا عايزها تطلع زي ما هي للناس"، وكان التعامل بيننا سلسًا ورائعًا للغاية.

أشعر أن هناك كيمياء خاصة بينك وبين أمير كرارة، هل هذا صحيح؟

صحيح، فأنا أرتاح في التعامل معه نفسيًا، ودائماً عندما يكتب الكاتب أي نص يكون في ذهنه بطل يليق بالدور بالتأكيد ويرتاح له نفسياً، وهذا ما أجده في أمير دائماً، كما أن هناك نقطة هامة أريد الحديث عنها فأنا لست من الكتّاب الذين يطلبون ود النجوم دائماً، أو يطلبونهم لعرض نصوص عليهم، هذه ليست شخصيتي، أنا أحب دائمًا أنشغل بعملي فقط، وأطلب من الأطراف الأخرى لكن لا أفرض نفسي على أحد.

بما تشعر وأنت أول مؤلف مصري يعرض له مسلسل على منصة "نتفليكس"؟

حاجة رائعة للغاية، والفضل فيها يعود للمنتج صادق الصباح، وهذا المسلسل كان سينفذ منذ سبع أعوام، وقتها كلمني المنتج صادق الصباح، للتعاون في عمل، وذهبت إلى مكتبه ووجدت هناك كتّابين سوريين، وقال لي أن أحدهما لديه فكرة يريد عملها بشكل مصري، رحبت بشدة، ووقتها كان المسلسل اسمه "خمسة جنيه"، وبدأنا في الكتابة لكن توقف المشروع، وفي العام الماضي، تحدثت منصة نتفليكس مع المنتج صادق الصباح، فتحدث معي لكتابة المسلسل مرة أخرى لكن بواقع لبناني وليس مصري، وهو ما حدث بالفعل.

هل كانت لك سيطرة مباشرة على العمل؟

الحقيقة لا، بسبب أن المشروع كله كان يصور في لبنان، وبالتالي لم أتمكن من حضور التصوير للأسف الشديد.

البعض يقولون إنك تعبر بصدق عن روح الحارة المصرية، ما رأيك في هذا الأمر؟

أنا من مواليد السيدة زينب، وعشت فترة من طفولتي هناك، وانتماءاتي كلها تتجه ناحية الحارة والأحياء الشعبية والناس البسطاء عموماً.

أشعر أنك تولي اهتماماً خاصاً بالشخصيات المهمشة، كأنك تريد أن تعطيهم قدرهم الحقيقي على الشاشة وتبرز حكاياتهم وقصصهم؟

بالتأكيد، فأنا أرى أنه لا يوجد بطل أو شخصية رئيسية دون أن يكون حوله شخصيات مهمشة، فهم الذين ينورون أي بطل أو متحقق في كل المجالات، هم الذين يحترقون من أجل أن ينور أي شخص ناجح، هم ملح الأرض الحقيقي ولولاهم لما رأينا أي بطل أو شخصية ناجحة.

ما مواصفات الدراما التي تحلم بتقديمها؟

أحلم بتقديم قصص إنسانية خاصة بالمهمشين، لأن لديهم حكايات عظيمة تستحق أن تروى وتحكى بالفعل.

هل تتنازل في عملك، أم لديك خطوط حمراء لا تتراجع عنها؟

أنا مرن في عملي، لكن هذه المرونة تحدث في أشياء مقبولة تدفع العمل للأفضل، لكن عندما يكون هناك تدمير للمشروع عن جهل، فهنا العلامة الفارقة بالنسبة لي، فالمشروع ينجح عندما يوجد تلاقي رؤى بين السيناريست والمخرج والمنتج والنجم، فإذا كانت رؤيتي %60 والمخرج أضاف على هذه الرؤية، هنا ينجح العمل، فأنا مؤمن تماماً بالعمل الجماعي، وخطوطي الحمراء في العمل "إن المشروع ميبوظش".

هل خيال السيناريست في مصر محكوم ومقيد؟

بالتأكيد، محكوم بالرقابة بفكرها العقيم الذي يعيق من خيال أي مبدع.

ما سر تراجع شخصية كتاب السيناريو عن جيل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد وبشير الديك من وجهة نظرك؟

هذا يعود لوجود بعض الكتاب الذين يتمتعون بشخصيات ضعيفة جداً وباهتة توافق على أي شيء في سبيل أن تعمل وتستمر، وهؤلاء يسيئون لبقية الكتاب بالمناسبة، ووجود هؤلاء أعطى انطباعًا للنجوم وللمنتجين أن كل كتاب السيناريو مثل هؤلاء الكتاب شخصياتهم ضعيفة ويجب أن يوافقوا على رغباتهم وطلباتهم.

هل غياب الأيدلوجية عند بعض الأجيال من الكتاب تراها ميزة أم عيب؟

عيب بالتأكيد، لأن الكاتب يعبر عن مجتمعه في النهاية، وبالتأكيد لا يجب أن تنحصر الأفلام والمسلسلات في الأكشن والكوميدي فقط، يجب أن يكون هناك قضايا تطرح من خلال الأعمال السينمائية والدرامية.

هل من الممكن أن يتحول فيلم "كازابلانكا" إلى عالم سينمائي كامل ومستقل؟

نحن متفقون بالفعل على صناعة جزء ثانٍ، أما فكرة أن يتحول إلى سلسلة لا أستطيع أن أجزم بهذا الأمر في الوقت الحالي.

هل السوق السينمائي ينتعش بالفعل أم هذه الإيرادات الكبيرة تعود إلى لفارق التضخم وثمن التذكرة المرتفع؟

عندما تحقق أفلام عيد الفطر والأضحى هذا الكم من الإيرادات في خمسين يوم يبقى أكيد هناك انتعاشة كبرى تعيشها السينما المصرية.

هل تعتقد أن حال السينما حالياً يمنع إتاحة الفرص للأفلام المستقلة والشابة؟

على الرغم من أن هناك انتعاشة حقيقية يعيشها السوق السينمائي حالياً، لكن يظل نوع واحد هو الذي يقدم ألا وهو الأفلام باهظة التكاليف المبهرة في تفاصيلها وطريقة تصويرها، وقد يعود هذا إلى تخوف بعض المنتجين من أنهم لو أنتجوا أفلامًا بسيطة شابة أمام هذه الأفلام الضخمة، سيلاقون فشلًا ذريعًا، وبالتالي يصرفون نظر عن الإنتاج منذ البداية.

هل أصبح من الطبيعي أن تكون شخصية المنتج السينمائي تبحث عن الربح دائماً وتخاف من التجربة وتلعب دائماً في المضمون؟

من واقع تجربتي في فيلم "كازابلانكا"، فالمنتج وليد منصور لم يبخل عن الفيلم بأي شئ، وكان من الممكن أن أي منتج آخر يقلل تكلفة الفيلم ويصور في أي مدينة ساحلية داخل مصر، لكن لكي يظهر الفيلم في أفضل صورة، صور الفيلم في المغرب، ولم يخش التجربة أو المغامرة، وهو ما يشكر عليه بالفعل.

هل أصبحت تفضل الكتابة للسينما حالياً؟

السينما والمنصات، لأن الفضائيات عددها محدود وبالتالي السوق ضيق جداً، وأنا في النهاية أريد أن أستمتع عندما أعمل ولا أشغل رأسي بشئ آخر غير الكتابة.

هل ما حدث مع مي عز الدين ومحمد ممدوح في رمضان الماضي يدل على أن الجمهور انتقل من مرحلة النقد إلى مرحلة الذبح؟

هناك غضب داخلي عند مجموعة من الجمهور يريد أي موقف أو لحظة كي يخرج فيها للنور، وتزايد هذا الغضب مع وجود السوشيال ميديا.

هل تخاف من السوشيال ميديا؟

لا، ولا أضعها في حساباتي عندما أكتب.

كيف ترى حالة التكالب على الكتابة من قبل الكثيرين حالياً؟

هذه مشكلة في رأيي، لأنها تدفع للسوق كتابًا قد يكونوا موهوبين جداً لكن ليس لديهم خبرة كافية، وقد تدفع كتابا آخرين بلا خبرة ولا موهبة.

هل تخشى أن يأتي يوم وتنقلب الأوضاع وتظهر أجيال جديدة من الكتاب، وبالتالي قد تجلس في المنزل بلا عمل؟

مشاعر القلق وعدم الاطمئنان للغد موجودة عند جميع من يعمل في هذه المهنة، وبالمناسبة هناك كتاب موهوبون لم ينالوا حظهم إلى الآن وكانت لديهم أحلامهم وعوالمهم الخاصة جداً، وفي النهاية قادتهم ظروف الصناعة القاسية للعمل في مهن أخرى بعيدة تماماً عن الكتابة.

هل حياة السيناريست ممتلئة بالقلق؟

بالتأكيد، القلق يسيطر على السيناريست دائماً، القلق وقت البحث عن فكرة، والقلق عند تسويقها، والقلق وقت تنفيذها، والقلق بعد تنفيذها وعرضها على الناس، فحياة السيناريست سلسلة من التوتر الدائم.

كيف تتغلب على هذا التوتر المستمر؟

بالقراءة ومشاهدة الأفلام والمسلسلات باستمرار، والتعايش مع الأمر الواقع.

ما جديدك الفترة القادمة؟

رواية "بير الوطاويط"، والجزء الثاني من كازبلانكا.

حدثنا عن تفاصيل كتابتك؟

أميل لفكرة التكليف أكثر بمعنى أن أكلف بمشروع وأعمل عليه، والهواية والشغف في الكتابة موجودة بالتأكيد لكن قد تستغرق مني وقتاً أطول في الكتابة.

الكتابة علمتك إيه؟

علمتني أن لا شئ متوقع، وأن كل شئ في الحياة قابل للتغيير.

لو جاءك شاب يريد احتراف كتابة السيناريو، ماذا ستقول له؟

سأقول له ما قاله لي أهلي منذ عشرين عاما "خد شهادة واشتغل في مهنة ثابتة وبعدين اكتب براحتك".

اقرأ أيضا:

إبراهيم عيسى: أحمد زكي اتحايل عليّ في فيلم "السادات".. ولن أكرر تجربة التمثيل

شريف بدر الدين: تعمّدنا إبعاد "طلعت روحي" عن النسخة الأمريكية.. ونصوصي السينمائية خط أحمر