محمد الأمير
محمد الأمير تاريخ النشر: الاثنين، 8 أغسطس، 2005 | آخر تحديث: الاثنين، 8 أغسطس، 2005
نصير ومجموعة بيت العود العربي

وسط حضور لم يتجاوز 300 فرد قدم عازف العود العراقي نصير شمة ومجموعته من عازفي بيت العود ، حفلاً مساء الأحد بالمسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية ، استمر لثلاث ساعات ، وشمل مجموعة متنوعة من المقطوعات الموسيقية على آلة العود.

شهد الحفل خليطاً ملحوظاً من الأعمار والأجناس ، ما بين الشباب الذي لم يكمل عامه الثلاثين ، وبين أصحاب سنوات الستين ، الى جانب قطاع من الأجانب المقيمين في مصر ، و الذين لم يزد عددهم عن ربع جمهور الحاضر بالمسرح في أمسية الأحد.

نصير بدأ الحفل بمفاجأة تغيير برنامج العزف المنفرد الذي كان مقرراً، وتحويله إلى حفل عزف جماعي برفقة طلبة "بيت العود" ، مبرراً ذلك للجمهور بقوله "لقد قررنا تقديم نصف الحفل الأول سوياً ، إحتفالاً بجولتنا الناجحة بمهرجاني قرطاج والرباط ، وبعد ذلك سنلتقي بمفردنا كما كان مقرراً".

بدأ العازف العراقي حفلته بمقطوعة فلسطينية ، قبل أن يتوقف للحظات في بداية العزف مطالباًً بكتم صوت جهاز الإنذار للبوابة الإلكترونية ، " نريد فقط بعض التركيز ، لا داعي لها في الأصل!!".

وما لبث التوتر أن اختفى تماماً بعد دقائق من المقطوعة الأولى ، التي تبادل فيها البسمات مع أعضاء فرقته ، قبل أن تتحول إلى ضحكات بمقطوعته الثانية "جولة في الأسواق العربية" ، طاف بها أجواء الوطن العربي من المغرب إلى الشام ، ما بين عكاظ إلى قاهرة المعز. في الوقت الذي شاركه العزف عازف البزق السوري "مجوار" ، بعد تقديم شخصي من نصير ، "نحن نقدم لكم الليلة كل أشكال العود ، فالبزق آلة وليدة من العود ، والتي تعود إلى سنة 2355 قبل الميلاد ، أخذها غير العرب قبل أن يقوموا بإطالتة رقبتها ، والعزف عليها بأساليب مختلفة،.

" سأقدم الآن عاشق الروح".. بهذه الجملة بدأ نصير تقديم المقطوعة التالية مبتسماً، أتبعها بمقطوعة ذكريات أخرى مع "كان في الأندلس". يحكي فيها قصة نهوض الفكر العربي ، والنهاية القاتمة لحضارة الموحدين بالأندلس ، في فقرة أبكت عدداً من الحضور في نهايتها ، وقوبلت بتصفيق حار.

مع الفقرة الجماعية الأخيرة تراقصت الفرقة التي أرتدت زياً يجمع الأسود بالأبيض مع مقطوعة "الفالس في التراث العربي" ، قبل أن يتولى نصير تقديم النصف الثاني من الحفل بمفرده ، بزي مشابه لزي فرقته قائلاً "أننى هم جميعاً ، لكن بعود واحد وقلب واحد" ، ليبدأ بعزف مقطوعة "رقصة الأنامل" للمرة الأولى على مسرح مصري ، على الرغم من أنها تعود إلى عام 1982.

تابع نصير فتح صندوق ذكرياته ، وبدأ صوته يتهدج مع تقديم مقطوعة "بنفسج أرواحهم" قائلاً "قمت بتأليف تلك المعزوفة أثناء دفاع مجموعة محاصرة من الجنود العراقيون في أم قصر ببسالة عن وطنهم ، ولكني الآن أقدمها للمرة الأولى هنا في مصر ، وأهديها لكل من تذهب روحه في العراق ، سواء على يد الإرهابيين أو يد قوات الإحتلال أو شهداء المقاومة الحقيقية".

وأضاف قبل الشروع في فقرته التالية "بغداد لن تموت وستبقى لتنجب أولياء وفنانين وشعراء ومفكرين ، إلى الأرواح التي مضت ، والأرواح التي ستأتي" ، وساد الصمت قبل أن تفجره قنبلة في أم قصر قدمها من جديد بعوده ، الذي سجل أيضاً حوارات الجنود الهامسة ، وطلقات بنادقهم ، وأمواج الخليج في أم قصر وهي تموج ، قبل أن يدفن نصير وجهه في عوده مع نهاية المقطوعة.

الذكريات الموسيقية الأولى عادت إلى المسرح المكشوف مع أول لحن عرفته نوتة نصير ، "حب العصافير" والتي صفق من يعرفونها بعد إعلانه عنها ، ليتبعها بتقديم أقدم ذكريات آلة العود نفسه في مقطوعة "من آشور إلى أشبيلية" ، والتي عزف فيها كل أساليب العود المختلفة ، مع التنويع في المقامات الموسيقية وطرق العزف ، مؤدياً فقرته تارة بأصابعه العشر دون ريشة ، وتارة بيد واحدة فقط ، في عرض نال صيحات الإعجاب والتقدير قرب نهاية الحفل.

وعلى غير عادته قرر نصير الابتعاد عن الذكريات وإنهاء حفله بارتجال حر نال تصفيق الحاضرين بعد ثلاث ساعات كاملة ، لم يتحرك فيها أحد عقب نهاية الإرتجال ، إلا بعد توجه نصير إلى غرفته ، وتقبيله لعوده قبلة طويلة.