2008 فنيا "يوم حلو ويوم مر"

تاريخ النشر: الأحد، 21 ديسمبر، 2008 | آخر تحديث: الأحد، 21 ديسمبر، 2008
المخرج العالمي يوسف شاهين ونظرة الوداع من محبيه وتلامذته

أيام قليلة ويرحل عام 2008، بأيامه الجميلة ونجاحاته، وبأيامه السوداء وإخفاقاته، قد تتكرر الأحداث وتتشابه بين "يوم حلو ويوم مر" لكن -على الأقل- في أيام تنتمى لعام جديد يحمل اسم 2009.

لا أتحدث عن أهم أحداث 2008 الفنية، خاصة أن معظم هذه الأحداث تنوعت بين المشاكل الشخصية أو حالات الطلاق والزواج والانفصال والارتباط والشائعات، التي تقتصر أهميتها على الفنان صاحبها فقط، ولا يهمنا منها سوى خبر صغير يتابعه محبوا هذا الفنان أو ذاك، بالإضافة إلى أن مكان هذه الأحداث هو "الأرشيف".

لكن بين هذه الأحداث التي أفرد لها الإعلام الفني صفحات، أحداث مهمة بالفعل لأن نتيجتها لم تقتصر على صاحبها فقط، بل تأثر بها الفن نفسه، ومن وجهة نظري أرى أهما:

رحيل المخرج العبقري يوسف شاهين

رحيل صاحب "سعفة كان" السينمائية، لم يكن خسارة للفن المصري أو العربي فحسب، ولا أبالغ إذا قلت إنه خسارة للعالم كله، ولما لا وهو أحد ثلاثة مخرجين على مستوى العالم العربي نجحوا في تقديم سينما عربية صناعة وفكرا للغرب، ونجاحهم لم يكن بشهادتهم هم الشخصية، أو شهادة منتجين من النوعية المنتشرة حاليا التي تهتم بالترويج الكاذب لأعمالها، بل كان نجاحهم بشهادة العالم كله سواء من كبار نقاد السينما في العالم أو من خلال أكبر المهرجانات، والثلاثي الذي أقصده هو: "يوسف شاهين – مصطفى العقاد – يسري نصر الله".

تجديد تعاقد عمرو دياب وشركة "روتانا"

ومن الأحداث التي أرى أنها يمتد تأثيرها أيضا للفن، ولا يقتصر على شخص بعينه، تجديد تعاقد الفنان الكبير عمرو دياب مع شركة "روتانا"، فتفاصيل تجديد تعاقد "الهضبة" مع "روتانا" تكشف أننا أمام حالة خاصة في تعامل شركة الإنتاج -الأكبر في المنطقة- مع نجمها.

خاصة إذا عرفنا أن عمرو تحرر في عقده الجديد من قيود يفرضها أي منتج على نجمه، ولأول مرة نسمع عن عقد من طرفين لا من طرف واحد كما يحدث مع باقي النجوم.

غيَّر عمرو دياب مفهوم تعاقد النجم مع شركة الإنتاج، قلل من قيود الاحتكار، ووسع من نشاطة مع الشركة ليشمل بجوار إنتاج الألبومات إنتاج أفلام سينمائية، وإطلاق موقع رسمي يمثل أرشيفا لتاريخه الفني الطويل، وفي بند الإنتاج السينمائي يحق لعمرو التعامل مع شركات أخرى إذا حصل على عرض جاد وقوي.

حريق المسرح القومي بمصر

استعراض سريع لتاريخ المسرح القومي بالقاهرة يكشف مدى أهميته، ومدى الخسارة الفنية والثقافية والتاريخية التي فقدناها في 2008 باحتراق مبناه التاريخي.

يطل المسرح القومي بالقاهرة على حديقة الأزبكية، التي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وعندما شاهد نابليون بونابرت أثناء حملته على مصر، لاعبي "خيال الظل" يقدمون عروضهم للجمهور في الحديقة قرر إنشاء مسرح للترفيه عن جنوده.

وبعد رحيل الحملة، أمر محمد علي بتجفيف البركة وتحويلها إلى حديقة عامة، ثم قام الخديوي إسماعيل في إطار التجهيز لحفل افتتاح قناة السويس عام 1869 ببناء مبنى في الطرف الجنوبي من الحديقة، خصصه للمسرح الكوميدي الفرنسي "الكوميدي فرانسيز" بجوار مبنى الأوبرا الذي أُنشيء في العام ذاته، بهدف استقبال الوفود المشاركة في احتفالاته الأسطورية بافتتاح القناة.

شهد "تياترو" الأزبكية تأسس أول مسرح مصري، وقدم أول مواسمه عام 1885 بعرض لفرقة أبو خليل القباني بالقاهرة، كما قدمت فرقة اسكندر فرح وبطلها سلامة حجازي أشهر أعمالها على خشبته من عام 1891 إلى 1905.

ثم بعد ذلك وفي إطار تنامي الشعور الوطني المصري، بعد الحرب العالمية الأولى، تزايدت الدعوة لإنشاء مسرح وطني، وبالفعل تأسس "المسرح الوطني" عام 1921 في مبنى "تياترو" الخديوي بحديقة الأزبكية،وبدأ في عرض أربع مسرحيات يومية.

وفي عام 1935 أنشئت الفرقة القومية المصرية بقيادة الشاعر خليل مطران لتقديم عروضها على خشبة المسرح الوطني، إلى أن تم حلها عام 1942 لتقديمها أعمالا ضد الاحتلال.

وبقيام ثورة 23 يوليو عام 1952، تحول اسم المسرح إلى "المسرح القومي"، وتأسست به فرقتان مسرحيتان هما: "الفرقة القومية المصرية" و"فرقة المسرح المصري الحديث"، وهى الفترة التي شهدت طفرة فنية مسرحية في مصر حمل لواءها كوكبة من الكتاب المسرحيين والمبدعين مثل: يوسف إدريس، ونعمان عاشور، وسعد الدين وهبة، وألفريد فرج، ولطفي الخولي، ومن المخرجين عبد الرحيم الزرقاني، وسعد أردش، ونبيل الألفي، وكرم مطاوع، ومن الممثلين سيدة المسرح العربي الفنانة سميحة أيوب، وعبد الله غيث، وحمدي غيث، وشفيق نور الدين، وحمدي أحمد، وغيرهم.

بعد كل هذا لست بحاجة للحديث عن خسارتنا بحريق المسرح القومي.

العودة القوية لكبار المطربين بعد غياب طويل

لا شك أننا جميعا فوجئنا بالعودة القوية لكبار المطربين المصريين والعرب في 2008، واستمعنا إلى عدة ألبومات رائعة لفنانين كبار للأسف يفتح باب غيابهم الطريق أمام أنصاف المواهب، وأهم هذه الألبومات:

بعد غياب سنوات عادت الفنانة التونسية لطيفة بألبوم أكثر من رائع "في الكام يوم اللي فاتوا"، لتفتح به صفحة جديدة في مشوارها الفني الطويل، بعدما بدأت مشوار التغيير في ألبومها السابق "معلومات أكيدة" 2007 الذي تعاونت فيه مع "العبقري" زياد الرحباني، وفي رأيي فإن ألبوم لطيفة كان أفضل ألبوم لعام 2008، وكان مفاجأة كبرى.

"أيام حياتي"، كعادتها دائما تألقت الفنانة المغربية الكبيرة سميرة سعيد وعادت بألبوم رائع، أثبتت فيه أن الإحساس الصادق والصوت الحقيقي يظل حاضرا مهما غاب ومهما تأخر على الجمهور بأعماله، فجمهور سميرة انتظرها منذ ألبوم "قويني بيك" 2004، ولم تخذله وعادت في 2008 بألبوم "أيام حياتي" الذي عوض غياب أربع سنوات.

"الملك" محمد منير أطلق في 2008 عملا عبقريا أضاف خطوة لمشواره الرائع بألبومه "طعم البيوت"، بعد غياب حوالي ثلاثة أعوام منذ ألبوم "امبارح كان عمري عشرين" 2005، دائما ما ينافس منير نفسه، يتحرك في منطقة لم ولن يدخلها غيره، وسيظل وحده -فقط- يحمل مفاتيحها، طعم البيوت ألبوم عالمي لفنان وضعه تمسكه بتراثه وثقافته على "القمة".

الفنان ذو الإحساس الرائع محمد محيي وبعد غياب أكثر من أربعة أعوام وتحديدا منذ ألبوم "قادر وتعملها" 2003، عاد بألبوم "مظلوم"، اختلفت حوله الآراء، لكني آراه عملا فنيا قويا مبذول فيه مجهود وموسيقاه غنية وتوزيعاته مبتكره –كالعادة- وبالنسبة للنجاح الجماهيري فهذا قضية أخرى لا ترتبط بالجودة.

كانت هذه أبرز ما أثار انتباهي من أحداث 2008 الفنية التي أراها مؤثرة فنيا بعيدا عن طلاق فلانة وزواج الأخرى، فمن وجهة نظرك ما أهم أحداث 2008 الفنية؟