محمود مجدي
محمود مجدي تاريخ النشر: الثلاثاء، 13 أغسطس، 2019 | آخر تحديث:
بيتر ميمي

أخرجت كليبات هابطة في بداياتي

"الهرم الرابع" شهادة ميلادي الحقيقية في السينما

مسلسل "كلبش" تحول لأيقونة في الدراما المصرية

لست مخرجًا ديكتاتورًا واستمع لملاحظات الجميع

السوق لا يديره النجوم، والمنتج أساس الشغلانة

أكرر التعاون مع أمير كرارة بسبب تكرار النجاح المشترك

السيناريو هو العمود الفقري للعمل الفني، والسيناريست يلعب دورًا أساسيًا في صناعة الفيلم أو المسلسل، هو رب العمل الفني الحقيقي حتى لو لم تسلط عليه الأضواء بالشكل الكافي. واعترافًا منّا بقيمة ومكانة السيناريو قررنا فتح هذا الملف ومحاورة أهم رموز ورواد كتابة السيناريو في مصر، والحديث معهم عن أهم أعمالهم، والصعاب التي واجهوها في مشوارهم، وتفاصيل صناعتهم للعمل الفني، ومناقشتهم كذلك في العديد من القضايا الفنية التي تدور على الساحة حالياً، ونستضيف اليوم الكاتب والمخرج بيتر ميمي.

كيف بدأ حبك وشغفك بالسينما؟

وأنا أدرس في المرحلة الثانوية كان لدي صديق اسمه" بيتر فكري" وهو صديقي إلى الآن بالمناسبة، كنا نحضر أفلامًا من كل الجنسيات ونشاهدها بشغف ونحلل عناصرها الفنية كأننا نقاد، وعندما انتقلت للمرحلة الجامعية بدأت في عمل أفلام قصيرة للجامعة، أبرزها فيلم اسمه "يوم سعيد جداً" قدمته في المهرجان القومي للسينما قسم الأفلام القصيرة، وحصلت على إشادات كل من شاهدوا الفيلم، فصدقت الموضوع أكثر فأخرجت فيلمًا قصيرًا آخر، ثم صدقت الموضوع أكثر وأكثر، فأخرجت أول فيلم طويل لي وفشل، وكذلك الثاني والثالث.

تركت مجال الطب وقررت احتراف الإخراج، وأول ثلاث أفلام لك لم يحققوا النجاح المطلوب، كيف مضت عليك هذه الفترة؟

كانت فترة صعبة جداً فأنا متزوج ولدي طفلة، وكنت أخفي كل تفاصيل حياتي عن والدي، حتى لا يشعر بالحسرة على ابنه، وكنت أضطر لإخراج كليبات هابطة ولا أكتب عليها اسمي في تلك الفترة، والدنيا كانت مظلمة لدرجة أنني تعاقدت على فيلم من الأفلام التي نستطيع أن نقول عليها متواضعة إنتاجياً وفنيا، والمنتج سحب مني العقد في رسالة مباشرة بأنه لا يريد العمل معي. وعلى الرغم من كل ذلك، كان لدي يقين داخلي بأن هناك نقطة تحول ستحدث وتنقذني من كل ما أنا فيه.

كيف جاءت فكرة فيلم "الهرم الرابع"؟

كان هناك قضية مشهورة في ذلك الوقت عن هاكر جزائري شهير تم القبض عليه، فلمعت في رأسي فكرة صناعة فيلم عن هاكر مصري، وكان الاتفاق في البداية على صناعة الفيلم وبيعه للفضائيات، حيث كانت لي تجربة قبل "الهرم الرابع" اسمها "برد الشتاء"، عرضت في الفضائيات كذلك ولم تعرض في دور العرض، ولم أحاول حتى طرح فكرة عرض "الهرم الرابع" في السينمات لأنني خارج من ثلاث تجارب فشلوا فشلًا ذريعًا، المهم اتفقت مع منتجي "برد الشتاء" على تنفيذ الفيلم وطرحه في الفضائيات، وكان المنتج والملحن سيف عريبي هو الذي يلحن الموسيقى التصويرية للفيلم، فقرر الدخول كشريك في الإنتاج بنسبة أكبر من الشركاء الآخرين، وأصر على طرح الفيلم في السينمات، وعرض "الهرم الرابع" وحقق نجاحاً ضخماً وكان شهادة ميلادي الحقيقة في السوق.

حدثنا عن تجربتك الدرامية الأولى في "الأب الروحي"؟

منذ أن بدأت في عقد جلسات عمل مع هاني سرحان مؤلف العمل شعرت بالقلق الشديد بالطبع، خاصة أن انتشار اسم المسلسل في وسائل الإعلام فتح حالة كبيرة من الجدل والنقد، لكننا لم ننظر إلى الجانب السلبي من الموضوع وقررنا أن نركز جيدا على ما نقدمه لكي نؤكد لكل من انتقدنا أننا كنا على قدر المسؤولية، وفي النهاية "الأب الروحي" عمل متكامل من حيث الإنتاج والديكور والتصوير والممثلين وساهم في ظهور جيل من الممثلين الشباب عرفهم الشارع والسوق بسبب هذا العمل.

مسلسل "كلبش"، ماذا تقول عنه؟

مسلسل الشارع، وتحول لأيقونة من أيقونات الدراما في السنوات الأخيرة، وجملة "باشا مصر" ما زالت تتردد في الشارع حتى الآن، وصنع حالة عند الضباط، فأغلبهم يطمحون في أن يكونوا مثل سليم الأنصاري بالتأكيد.

ماذا عن فيلم "حرب كرموز"؟

المنتج محمد السبكي طرح فكرة العمل الذي يدور حول محاولة الجيش الإنجليزي اقتحام القسم على ضابط مصري، وهي قصة 25 يناير الأصلية التي حدثت في الإسماعيلية. في البداية خفت لأننا كنا قد اتفقنا على فيلم أكشن وبعد ذلك تحدثنا مع أكثر من مؤلف وخافوا من ضخامة العمل، والمشروع كاد أن يتعطل، فقلت له أعطني وقتي وأنا من سيكتبه، وقلت سأكتب 10 مشاهد تجريبية، ولو أصبحت الأمور سهلة سأكمل، وجمعت أعمالا وثائقية وأفلاما تسجيلة للحروب من الحرب العالمية الثانية، وكتبا عن الملك فاروق، ووجدت أن القصة يسيره وكتبت العمل.
أرسلت العمل لمحمد السبكي، ونال إعجابه وقرر تنفيذه، ورشحت أمير كرارة لبطولة العمل، وعرض الفيلم وحقق نجاحاً كبيراً والأهم أنه نجح في خلق شحنة وطنية كبيرة لكل من شاهدوه.

ماذا عن تجربة "كازبلانكا"؟

كازبلانكا فيلم ميزانيته مرتفعة جداً على مستوى الإنتاج، وبه كمية من النجوم كل واحد فيهم "يشيل فيلم لوحده"، كما أن الروح التي بينهم كانت جميلة جداً ووصلت إلى أن كل ممثل كان يساعد الآخر في دوره ويقترح عليه بعض الاقتراحات التي تضيف لشخصيته، كما أن الفيلم حاز على قبول الجمهور والنقاد فالحمد لله.

"كازبلانكا" و"حرب كرموز" حققا إيرادات قياسية، عندما ترى ذلك، وتتذكر الأيام الصعبة التي عشتها قبل الهرم الرابع، ماذا تقول لنفسك؟

ربنا ستر، صدقني لا يوجد شخص يعلم كل شئ، وأنا تعلمت من كل فيلم قدمته، كما أن هناك نقطة هامة أريد الحديث عنها هي أنني عندما أقرأ الفيلم على الورق، أو أشاهده في السينما، أضع نفسي مكان رجل أو شاب من الطبقة المتوسطة، فأنا مثلهم، فوالدي رجل عصامي، بنى نفسه من الصفر، وسأروي لك واقعة، فأنا ووالدي وأمي وزوجتي دخلنا أحد أفلامي الأولى التي لم تحقق نجاحًا، لك أن تتخيل أننا كنا في السينما وحدنا فقط، لم يكن أحد غيرنا هناك، ومنذ هذه اللحظة قررت أن أصنع أفلاماً يشاهدها الجميع، وأسأل نفسي سؤالاً مباشراً قبل قراءتي أو كتابتي لأي نص، هل طبقات وشرائح المجتمع المختلفة ستفهم وتحب هذا النص أم لا؟ فأنا عيني على الناس دائماً عند تقديمي لأي فيلم.

لماذا يضطر المخرج لأن يكتب أعماله بنفسه من وجهة نظرك؟

لا يوجد مخرج شاطر لا يملك خلفية درامية، فكل المخرجين الناجحين على مستوى العالم لديهم رؤية يحاولون طرحها من خلال النص سواء بالاشتراك مع المؤلف، أو من خلال كتابتها بأنفسهم، وبالنسبة لي قد أكتب سيناريوهات بعض أعمالي أحياناً عندما تكون لدي رؤية خاصة لا يستطيع أحد ترجمتها على الورق غيري أو لضيق الوقت.

هناك اعتقاد لدى البعض أن جيلك من المخرجين يهتم بالصورة أكثر من النص، هل هذا صحيح؟

هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق فبالنسبة لجيلي سواء أنا أو محمد سامي أو أحمد خالد موسى، نتدخل في الورق بما يصب في مصلحة العمل، كما أنني أؤمن تمامًا أن العمل الفني يحتوي على عنصرين أساسين هما السيناريو والممثل، بقية العناصر تخدم على هذين العنصرين.

هل أنت مخرج ديكتاتور؟

تعاملي في الفيلم أو المسلسل قائم على العمل الجماعي بمعنى أنني أجلس مع المؤلف ونتناقش في النص حتى نستقر على النسخة النهائية، أجلس مع النجم أستمع لملاحظاته، وأخذ منها ما يفيد العمل، وأجلس كذلك مع مدير التصوير والكاميرا مان والمونتير، ونجوم العمل الآخرين، أستمع لملاحظات جميع من يعمل معي، وآخذ منها ما يفيد العمل، فأنا لست ديكتاتورًا، ولا يوجد مخرج متميز على مستوى العالم ديكتاتور بالمناسبة.

يبدو أنك مهتم بالدراما السريعة القائمة على تيمة الأكشن، أكثر من فكرة الإيقاع الهادئ، البطئ، هل هذا صحيح؟

أنا لا أحب الإيقاع الهادي حتى في حياتي الشخصية، وبالتأكيد قد أصنع مشهدًا إيقاعه هادئ بحكم الدراما، لكن مشاهد أو خط درامي كامل صعب جداً، فأنا شخص سريع الملل جداً و"بزهق" كل خمس ثواني.

كيف ترى خطوة الاستعانة بالنجوم الأجانب حالياً؟

لو النص يحتاج ذلك "مش هروح أجيب مصري يتكلم إنجليزي"، فالممثل التركي خالد أرغنتش جلسنا أكثر من مرة نذاكر عن طريق الإنترنت، وأحضر صديق بوسني له سجل كل الحوار "فويس" كي يتقن اللغة، فهذا ما أحدثك فيه، أن الاستعانة بأي نجم أجنبي مهمة لو احتاج النص ذلك، وعندما نقرر الاستعانة بنجم أجنبي يجب أن يكون معروفًا في الشارع.

لماذا تحرص على الاستعانة بنجوم التسعينيات في المسلسلات التي تقدمها؟

هؤلاء النجوم هم التلفزيون بالنسبة لي، وكلنا تربينا على أعمالهم، وسخرية البعض على السوشيال ميديا من أعمال هذا الجيل لا أركز معها، فلا يوجد بيت مصري في رمضان الماضي لم يحب هشام سليم وأحمد عبد العزيز وناصر سيف ونبيل نور الدين، وهناك نقطة هامة أود الحديث عنها هي أننا يجب أن نفرق ما بين الـ 5% الجالسون على السوشيال ميديا، والـ 95% بقية الشعب المصري، فأنا مخرج الـ 95%، ولكن هذا ليس معناه أنني أتجاهل النسبة الباقية بل على العكس أحترم أراءهم جداً.

لماذا تتمسك بنفس فريق العمل، ولا تغيره إلا نادرًا؟

لا يوجد مخرج شاطر لا يتمسك بنفس فريقه، فأنا أرتاح معهم جداً، أجلس مثلاً مع حسين عسر مدير التصوير، نحضر ونذاكر الورق قبل التصوير، وعندما نصور "بنبقى عارفين إحنا بنعمل إيه".

البعض يتحدث على أن السوق يديره النجوم، وهم المتحكمون في اختيار كل شيء في العمل، بداية من الجهة الإنتاجية حتى النص والمخرج، هذا يحدث بالفعل؟

هذا الأمر ليس حقيقياً بالمناسبة، فالأساس في الشغلانة هو المنتج داخل وخارج مصر، وفكرة أن المنتج تحول إلى ممول أو تاجر هذا الكلام غير واقعي، المنتج هو الذي يدير كل شيء، وهو وحده الذي يستطيع أن يقدر ويقيم ويحدد أن هذا النص يخرجه بيتر ميمي أو محمد سامي أو سميح النقاش، وبالنسبة لي فأنا يعرض علي الورق من المنتج وليس النجم، لكن هذا لا يمنع من أن أمير وأنا والمنتج الفلاني نتفق على أننا السنة القادمة سنعمل سوياً ونبحث عن نص نقدمه، لكن "مبنفصلش عمل على مقاسنا" ففكرة أن النجم هو المتحكم في كل شيء هذه فكرة ورؤية غير حقيقية.

ما سر تعاونك المستمر مع أمير كرارة؟

لأننا نجحنا سويًا ومتفاهمين جدًا على المستوى العملي والإنساني، كما أنني أحب تكرار التعاون معه مادمنا نحقق نجاحات مشتركة، وأمير شخص محترف ومحترم وجدع ولطيف جداً.

هل تعتقد أن جيلك مظلوم لكونه في مقارنة مميتة مع الأجيال الأجنبية؟

لا، لأننا نقدم فيلمًا مصريًا في النهاية، فـ"كازبلانكا" على سبيل المثال لا توجد فيه لقطة مأخوذة من فيلم أجنبي، ونحن لدينا مشكلة عظيمة هي أن بعض المتفرجين يقبلون أشياء من الخارج ولا يقبلونها منا، ففي بعض الأفلام الأمريكية هناك مبالغات في أفلام الأكشن، فإذا قدمنا في مشهد أكشن سيارة تطير من فوق مركب، يتحدث البعض عن أن هذه المشهد مبالغ فيه، رغم أنهم يشاهدون عشرات المبالغات في أفلام الأكشن الأمريكية ولا يتحدثون أبداً.

هل إحدى حلول هذه المنافسة، صناعة أفلام هواها أجنبي كي تضاهي ذوق المتفرجين الشباب والمراهقين حالياً؟

أنا أؤمن تماماً أن كل صانع عمل له الحق في صناعة الفيلم الذي يريده، ولا يهمني كيف يصنع الأجانب أفلامهم، فأنا أحب أفلامًا من نوعية معينة سواء كانت أمريكية أو مصرية، وحقي تماماً عندما أصنع أفلامًا أن أخرج النوع الذي أحبه وتربيت عليه، ولا أريد عند صناعتي لأي فيلم أن يكون عادي أو تقليدي، سواء في النص أو التصوير أو الإخراج أو الإمكانيات الإنتاجية، يجب أن تكون أغلب عناصر العمل مختلفة وجديدة وعالية الجودة.

بمستوى أفلام الأكشن الأخيرة، هل تعتقد أننا اقتربنا من مستوى أفلام الأكشن الأمريكية أم ما زال لدينا وقت؟

الفرق بيننا وبين الأجانب عاملين فقط؛ أموال ووقت، بمعنى أنني بدلاً من أن أخرج فيلم ومسلسل كل عام، أخرج فيلم كل عامين، وخلال العامين أحضر للفيلم وآخذ وقتي تماماً في تحضير الإمكانيات الإنتاجية، فالفارق ليس رهيباً أو شاسعاً أو أننا نحتاج لعشرات السنين كي نصل لمستوى الأفلام الأجنبية، هذا غير صحيح، المعادلة كلها قائمة على عاملين "المال والوقت"، إذا امتلكناهم، بالتأكيد سنقدم أعمالًا قريبة من الأعمال الأمريكية. والأمر كذلك مرتبط بالتوزيع، فالصناعة الأمريكية متطورة بسبب توزيع أفلامها حول العالم، وإذا بدأنا نوزع أعمالنا على مستوى عالمي، بالتأكيد سنفتح أسواقًا أخرى، وستتقدم الصناعة خطوات للأمام.

انتظروا الجزء الثاني من الحوار يوم الجمعة المقبل...

اقرأ أيضا:

أحمد مراد: نجاح "الفيل الأزرق" قد يدفعنا للتفكير في جزء ثالث... ومروان حامد الوحيد الذي كان ينقصني

بالفيديو- هكذا نفذ بيتر ميمي أكشن "كازابلانكا"