عاوزين رقابة بجد

تاريخ النشر: الأربعاء، 3 ديسمبر، 2008 | آخر تحديث: الأربعاء، 3 ديسمبر، 2008

مع إني ضد فكرة الرقابة على الأفكار، خاصة في الأعمال الفنية، سواء في الموسيقى أو السينما أو حتى التليفزيون، وأعتبر فكرة الرقابة نوع من أنواع الإهانة للإبداع، إلا أنني أطلب حاليا تدخل جهة رقابية حقيقية لترحمنا مما نشاهدة ونسمعه حاليا ويسمى فن.

السبب الذي جعلني أغير رأيي هو مشاهدتي لفيديو كليب للفنانة اللبنانية دوللي شاهين يعرض حاليا على الفضائيات بعنوان "أنا جيت"، وأنا لا أعترض على ما تقدمه وتسميه فن سواء في السينما أو الغناء، فهي حرة فيما تقدمه، والجمهور حر أيضا في أن يسمعها ويشاهدها أو لا، ولكن أن تصل بنا الوقاحة -آسف على التعبير- في أن نطرح أغنية تقول كلماتها "لازم يقف عشان أنا جيت" أعتقد أن هذا كثير ولا يسمى فن.

وهنا أسأل سؤالا للجهات المسئولة عن الموافقة على طرح مثل هذه الأعمال: هل يتم الاستماع لها فعلا وتقيمها؟ هل في الحقيقة لدينا جهة رقابة أم أنها اسم فقط ولا تعرف دورها الحقيقي؟ واذا كان طرح هذا العمل الذي من المفترض أنه فن لا يجب منعه ولم تتخذ الرقابة إجراء ضده، فما الأعمال التي يجب منعها إذا؟!

وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الإيحاءت الجنسية داخل أغاني، فالفنان المتألق تامر حسني هو نجم هذه الظاهرة، ومستمر فيها ويعززها دائما في معظم أعماله مثل "أحلى حاجة فيكي طييييييييييييييييـ بة قلبك" و"اعتزرلي للهيجي بعدي أخدت كل حاجه في عهدي" وغيرها من أعماله العظيمة في هذا المجال، ومثل الفنان عصام كريكا في أغنية "بوليكا": "أنا عارف أنه هيعجبك وهتتجنن عليه" أو الفنانة المتألقة بوسي سمير في أغنية "اطلعله بره يخش جوه" كلها أغاني حملت داخلها معاني لا يمكن وصفها بأنها فن ولم تتدخل الرقابة لمنعها فمتى تتدخل؟

وللمرة الثانية أؤكد أنني ضد فكرة الرقابة على الأعمال الفنية، ولكن الأعمال الفنية الحقيقة فما يقدم حاليا تحت شعار الفن هو ليس إلا مهزلة أخلاقية يجب ردعها والتصدي لها بكل الأشكال.

وفي الأساس أنا المخطئ لأنني استمعت لهذه الأعمال من الأساس، ولكن لم ينبهني أحد أن هذه الأعمال تحمل مضمونا جنسيا، وأعتقد أن الأغاني حاليا يجب كتابة تنويه قبلها، مثل بعض القنوات التي تكتب تنويها قبل عرض الأفلام يشير لنوعية الفيلم والسن المناسب لمشاهدته، لأن هذه الأعمال -المفترض أنها فن- أصبحت تخدش الحياء ويجب تصنيفها.

كما أود الإشاره لمشكلة أخرى بعيدا عن الغناء أو ما يسمى غناء، وهي مشكلة التليفزيون الذي يعرف الجميع أنه موجود في كل البيوت، ويشاهده جميع أفراد الأسرة دون القلق من مشاهدة منظر يسيء لأحد أو الخوف من التلفظ بلفظ يخدش الحياء، ولكن السؤال هل توجد رقابة على الإعلانات التي تحشر غصبا داخل هذه الأعمال المحترمة؟

مثلا أنا أحترم الفنان يحيى الفخراني والفنان نور الشريف وغيرهما من الفنانين الذين تعرض أعمالهم وينتظرها الجمهور بشغف، ولكن التليفزيون يصر على حشر الإعلانات داخل هذه الأعمال لكي يتم تعويض تكلفة تصوير المسلسل خاصة أن تكلفة المسلسلات تخطت الملايين، ولكن يجب انتقاء الإعلانات التي تعرض أمام جميع أفراد الأسرة.

فإعلانات المنشطات الجنسية أصبحت عادية في التليفزيون المصري، وتقدم بمنتهى البجاحة وقلة الذوق وهذا أقل ما يقال عنها، فمن ضمن هذه الإعلانات إعلان مبتذل لسيدتين إحداهما تسئل عن زوج الأخرى وتقول لها إنه على القهوة، فتنصحها باستخدام منشطات لزوجها من أجل "حامد يرجع جامد"، ما هذا الانحطاط والسفالة التي وصلنا لها، وكيف لرب أسرة يتابع مسلسل من المفترض أنه محترم يتم قطعه ومفاجأته بهذا الإعلان؟

هذا بخلاف الإعلانات المبالغ في كثرتها عن الفوط الصحية وبمختلف مستوياتها، والتي أصبحت مستفزة أيضا، وإعلانات ماكينات نزع الشعر التي أصبحت شبه أساسية في التليفزيون بأساليب عدة منها المحترم لحد ما ومنها المقزز والمستفز، وللأسف لا أعرف هل بالفعل توجد رقابة على هذه الأعمال أم أنها مجرد تواجد شكلي فقط.

في النهاية أود أن أقول أن الحرية في التعبير مطلوبة ويجب توافرها، ولكن إذا تم استغلالها بشكل خاطئ فيجب سحبها من أي شخص ومهاجمته وتقويمه لأن في النهاية المشاهد هو نحن وأسرنا وأبناؤنا وبناتنا ولا أعتقد أن التليفزيون بشكل عام أصبح آمن لمشاهدته ومتابعته حتى في الأعمال المحترمة.