أحمد عبد العليم قاسم
أحمد عبد العليم قاسم تاريخ النشر: الأحد، 21 يوليو، 2019 | آخر تحديث:
يوسف شريف رزق الله

إنسان مركز في شغله قوي لا يملك أي أدوات في الحياة سوي إجادة وإتقان عمله، خفيض الصوت رقيق المشاعر دمث الخلق، أجمع علي حبه أهل السينما وأهل الإعلام (صحافة وإذاعة وتليفزيون).. روحه لم ولن تفارقنا.

اشتغل كاتبًا صحفيًا ومذيعًا ومعد برامج ومديرًا فنيًا لمهرجان القاهرة السينمائي ورئيسًا لقناة "النيل الدولية"، لكنه عالميًا كان عضوًا للجان تحكيم مهرجانات كبرى ومعروف بأنه ناقد سينمائي عالمي، ورغم أن معني النقد هو إظهار عيوب ومحاسن الشيء، لكن في بلدنا الكثيرون يفسرون الكلمة بأنها نقد السلبي فقط، وهو كان في نقده السينمائي للأفلام ينتقد بالمعنى الحقيقي للكلمة، بتحليل دقيق ومتعمق لكل عناصر الصورة السينمائية وشريط الصوت الصوت السينمائي، لكنه عندما كان يتحدث عن البشر الذين يتعامل معهم وبالمفهوم الشعبي لكلمة نقد فلم ينتقد أحدًا بالمرة.

عندما تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي عقب رحيل الرجل الطيب، تجد مواقفًا كثيرة يرويها رفقاء الرحلة كبارًا وصغارًا، تنم عن حب شديد ربما لم يكن متوقعا لناقد، فقد اعتدنا في بلدنا الانبهار بالممثلين ومن أمام الكاميرا أكبر بكثير ممن هم خلفها، ولم يكن أستاذ يوسف شريف رزق الله ناقدًا فحسب بل كان موسوعة متنقلة، ومرجعًا لصناع السينما في مصر؛ يأخذون رأيه في أعمالهم فينير لهم الطريق ويشير إلى مناطق تميزهم التي ربما يجهلها بعض المبدعين عن أنفسهم، فيعيدوا توجيه البوصلة. كما كان رفيقا لولادة مشاريع سينمائية مصرية، ورفيقا للحظات تتويج أعمال في المهرجانات المختلفة.

أما علي الجانب الإعلامي الذي لم يبتعد أيضًا عن السينما، فستجد اسمه مقرونا بـ"نادي السينما" لدرية شرف الدين و"أوسكار" للإعلامية سناء منصور، ثم "سينما في سينما" و"تلي سينما" و"سينما رزق الله" وغيرها من الأعمال المميزة التي رشحته إعلاميا لرئاسة قطاع التعاون الدولي بمدينة الإنتاج الإعلامي، ومن قبله رئيسا لقناة النيل الدولية (1997-2002)، تلك الفترة التي كنت من المحظوظين بالعمل إلى رفقته مخرجًا بالقناة، بل هي فترة ذهبية في حياتي لأنها شهدت إنتاج فيلميّ "أماكن الصمت" بصوت الإعلامية هالة حشيش و"النيل للأبد" والذي أهدانا فيه الفنان محمد منير أغنية (النيل ولا بيوصل)، ويحملان توقيع يوسف شريف رزق الله منتجًا فنيًا، وحققا أول جوائز في حياتي المهنية؛ برونزية وذهبية مهرجان الإعلام العربي.

تلك الفترة التي يحمل فيها كل العاملين بالقناة كل الحب والتقدير وعلي رأسهم المخرج المحظوظ حمدي علوان بإعداد الأستاذ يوسف برنامجه (Show Biz) تقديم ياسمين القفاص، وقد عبرت المخرجة عبير الفيشاوي الموهوبة في الرسم بالرصاص عن حبها له بصورة مرسومة، وكرر الرسم ولكن بلمسات الايكوريل وتتشات الباستيل فنان قسم الديكور. وحرصت الإعلامية تغريد حسين رئيس القناة حاليا على تتويج هذا الحب بتكريمه في احتفالية القناة باليوبيل الفضي أكتوبر 2018، لكن ظروفه الصحية منعته من الحضور فاستعاضت عن حضورة بعرض فيلم قصير عن مشواره تقديرًا له نال استحسان وتصفيق الحضور.

أصعب شيء في رحيل الطيبين أنهم لا يعوضون والحياة أصعب بدونهم، فلا يمكن اعتبار شخص مثله مجرد ناقد رحل، فهو طبيعة إنسانية نادرة غير متكررة كثيرا في النقاء والطهر الإنساني.

في يوم الرحيل شعرت بألم شديد واستحضار ليوم رحيل أبي مرة أخرى، كم كنت أحب هذا الرجل حبًا جعلني يعتصرني الحزن، لأنني أمضيت أيامًا في حياته ولم أحظ بالنهل من علمه وطيبته، وكان اللقاء الأخير يوم أن تم تكريمه في الدورة الـ 40 لمهرجان القاهرة السينمائي، ليكون تكريما مستحقًا في حياته، وكما يقولون تكريما صادف أهله بحق.

رحمة الله عليك أستاذ يوسف حبيب كل الناس...

اقرأ أيضا:
بعد رحيله.. مسيرة يوسف شريف رزق الله في 10 معلومات

تسجيل صوتي يكشف "مثلث الموت" الذي يهدد حياة ريهام سعيد