مائة عام من "متى يعود محمد سعد؟"

تاريخ النشر: الأحد، 9 يونيو، 2019 | آخر تحديث:
الملصق التمهيدي الذي تم طرحه قبل عرض الفيلم

في أول بطولاته المطلقة "اللمبي" عام 2002 حقق النجم الصاعد في ذلك الوقت محمد سعد، رقما قياسيا في شباك التذاكر المصري، وقتها عندما كان متوسط سعر التذكرة 10 جنيهات، لم يصدق الكثيرون أن هناك فيلما مصريا نجح في حصد مليون جنيه يوميا لكن "اللمبي" فعلها، وظل لثلاثة أفلام تلت اللمبي قادرا على تجاوز حاجز العشرين مليون جنيه عن كل فيلم.

اقرأ أيضا: قبل محمد حسين.. ١٤ فيلمًا من بطولة محمد سعد

في فيلمه رقم 14 "محمد حسين" الذي طرح مع أربعة أفلام أخرى في موسم عيد الفطر 2019، تذيل محمد سعد سباق الإيرادات، وبفارق كبير عن الفيلم صاحب المركز الرابع بمتوسط إيرادات نصف مليون جنيه أو أكبر بقليل يوميا، أي أنه لم يقترب حتى من رقمه القياسي في 2002، مع الوضع في الاعتبار الفارق الشائع بين متوسط أسعار التذاكر الآن وقبل 17 سنة حين انطلق "اللمبي".

اقرأ أيضا: تعرف على إيرادات فيلم "محمد حسين" أمس الثلاثاء 4 يونيو

أفلام "اللي بالي بالك"، و"بوحة"، و"تتح" ومعهما "عوكل"، ومسلسل "فيفا أطاطا"، هذه الأعمال يمكن اعتبارها الأنجح والأكثر إضحاكا في مشوار محمد سعد، مع الإشادة بالشكل الذي ظهر به في "الكنز"، دون ذلك نحن أمام معضلة يبدو أن حلها بات مستحيلا، فمع كل موسم جديد، يكرر الجمهور نفس السؤال، هل يتخلى سعد عن شخصية اللمبي ويثق في أدائه كممثل، هل يفاجئ جمهوره بفيلم كوميدي لا يحتاج لحركات وطريقة نطق اللمبي، أم نحن من نضغط على سعد ونطالبه بشيء غير موجود بالأساس، بعد فيلم "تحت الترابيزة" تحديدا، بدأ اليأس يصل للجمهور، رغم أن ما سبقه "حياتي متبهدلة" أيضا افتقد لعناصر النجاح، لكن كان واضحا من التعليقات على "تحت الترابيزة" أن صبر الجمهور بدأ ينفد، ومع اعتبار "الكنز 1" فيلم لشريف عرفة يعتمد على البطولة الجماعية، فإن "محمد حسين" الذي جذب الجمهور من اسمه كان فرصة حقيقية لعودة محمد سعد، لكنه أهدرها لأسباب عدة، رغم تخليه التام عن مفردات "اللمبي" في هذا الفيلم فلم نواجه أي صعوبة في الاستماع لعبارات وكلمات الشخصية لكن الصعوبة الأكبر كانت في الحصول على ضحكات كافية لجمهور معظمه فوق الثلاثين عاما، جمهور لازال ولاءه ممتدا لممثل أضحكه كثيرا في سنوات نجوميته الأولى لكنه لازال غير قادر على العودة ولو لنصف مستوى البدايات.

"محمد حسين" يدور حول سائق تاكسي يحمل نفس الاسم، تقوده الظروف للعمل كسائق في فندق، يحب من طرف واحد موظفة الاستقبال ويتولى مهمة قيادة سيارة الفنان المصري العالمي العائد لمصر بعد 37 عاما – المقصود طبعا بداية حكم مبارك- والذي يصطدم بمتغيرات المجتمع المصري، ويتعرض للقتل على يد مديرة أعماله الطماعة، لكن أخر لوحة رسمها كانت على ظهر محمد حسين والذي يتعرض لمحاولات عدة من أجل الحصول عليه، لكن حسين أو سعد يؤكد لنا عدة مرات ومن خلال حوارات مكررة أنه لن يفرط في ظهره وأن اللوحة المزعومة لن تخرج من مصر.

تخلى سعد عن حركات اللمبي أمر يحسب بالتأكيد للمخرج محمد علي صاحب العديد من المسلسلات الناجحة في السنوات الأخيرة، أبرزها "أهل كايرو"، و"لدينا أقوال أخرى"، كما قدم للسينما "الأولة في الغرام"، و"لعبة الحب"، و"بشتري راجل"، لكن سيناريو شريف عادل افتقد للكثير من المنطق، كما خسر الفيلم جهود معظم الممثلين المساعدين، إما لعدم وجود المساحة الكافية للحركة، أو لعدم تناسبهم مع الدور أساسا، فأنا كمتفرج غير مقتنع بأن هناك قصة رومانسية يمكن أن تنطلق بين محمد سعد ومي سليم، كما جاء أداء فريال يوسف باهتا وغير مقنع، أما ممثلي الكوميديا، ويزو، وبيومي فؤاد، ومحمد ثروت، فلم يضيفوا للفيلم شيئا، أو ربما لم يسمح لهم بذلك، نبيل عيسى هو الممثل الوحيد الذي قدم ما عليه في ثاني تعاون بينه وبين سعد منذ فيلم "تتح"، أما الممثل القدير سمير صبري فتقاسم مع سعد مهمة ترديد الإكليشيهات.

في رأيي أن الناقد أو المحلل ليس من حقه أن يعدل الفكرة أو يقترح أحداثا مغايرة، لكنني أطلب الاستثناء هذه المرة، وأؤكد أن الفيلم كان سيسير في اتجاه مختلف لو أن ما كُتب على ظهر محمد سعد كان مثلا خريطة لكنز ما وهناك عصابة تريد الوصول له بأي ثمن وتبدأ مطاردات لا تخلو من الكوميديا، أما أن يأتي من فرنسا فنان عالمي ليرسم لوحة على ظهر السائق بالوشم وتتحول إلى لوحة عالمية فالفكرة هنا افتقدت الجاذبية الكافية حتى يتفاعل مع الجمهور الذي ظل صامتا معظم دقائق عرض الفيلم فيما يدور في أذهانهم السؤال المعتاد، متى يعود محمد سعد؟