بطلنا نبيع شرايط!

تاريخ النشر: الأحد، 2 نوفمبر، 2008 | آخر تحديث: الأحد، 2 نوفمبر، 2008

لم يخطر ببالي مطلقا أن دخولي لأحد منافذ بيع شرائط الكاسيت الشهيرة بالمنطقة التي أقطن بها سيحمل لي مفاجأة غير سعيدة، حيث لم أتوقع أن طلبي من الفتاة التي تقف بالمنفذ إعطائي الألبوم الجديد لأحد مطربيني المفضلين سيجعلها ترد بذهن شارد وكأنها تسترجع الماضي "أحنا بطلنا نبيع شرايط"!

أعلم تمام العلم -مثل غيري- أن صناعة الكاسيت في مصر والدول العربية والعالم كله تأثرت كثيرا بانتشار الإنترنت، وسهولة تحميل أي عدد من الألبومات مجانا، وربما في وقت يقل عن وقت الذهاب لشراء الألبوم من أحد المحلات، ولكن لم أتوقع في يوم من الأيام أن منفذ البيع الذي تعودت على شراء الألبومات منه منذ كنت طفلا سينتهي به الحال لمحل بيع هدايا!

ويعتبر الإنترنت بمثابة "المكتشف" لبعض المواهب التي كان من المستحيل أن يعرفها أحد ويشتري لها ألبوما، كما أنه كان سببا مباشرا فى انتشار العديد من "أنصاف المواهب" الذين وجدوا "النت" طريقة سهلة لعرض أغانيهم وكليباتهم الهابطة!

ولكن على الرغم من هذا فإن سهولة تحميل الأغاني من الإنترنت أوقع ضررا مباشرا على الفنانين المحترمين، الذين يقدمون فنا راقيا، حيث أنه ليس من المنطقي أن تدفع شركات الإنتاح ملايين الجنيهات لمطرب لا تحقق مبيعات ألبومه 100 ألف نسخة، وهنا يتم التفكير فى مقترحات تأتي بالربح للشركة وربما تقع على المطرب ببعض الضرر.

من ضمن هذه المقترحات زيادة عدد الحفلات للمطرب والاتفاق معه على العمل بمبدأ "النص بالنص"، أي أن الحفلة التي سيحيها المطرب سيأخذ 50% فقط من أجرها وتذهب الـ50% الأخرى لشركة الإنتاج.

وهنا لا ألقي باللوم على المنتجين، حيث أنه من حقه تماما أن يفكر في كيفية جلب أموال له وللمطرب في ظل عدم تحقيق ألبوماته لمبيعات، ولكن وجود المطرب في حفلات كثيرة قد يصل عددها لحفلين بالأسبوع الواحد "غير الأفراح" قد يصيب جمهوره بالملل من مشاهدته كثيرا فى حفلات النوادي والجامعات والمدراس خاصة إذا كان في أول مشواره الفني.

شكل آخر من أشكال جلب الربح للشركة وهو "الرنات" التي تقوم فكرتها على طرح أجزاء صغيرة من أغاني الألبوم الجديد للمطرب قبل طرحه بالأسواق بفترة، ووضع رقم على الجمهور أن يتصل به ليقوم بتحميل هذه "السيمبل" الصغيرة، ثم يتطور الأمر بعد ذلك، حيث يتم وضع الأغاني كاملة قبل صدور الألبوم بيوم أو يومين مع ترديد جمل بالإعلان "تشحذ همم" المستمع مثل " اسمع ألبوم فلان قبل الكل"، أو "الحق اسمع ألبوم فلان قبل اصحابك مايسمعوه قبلك"، وبعد صدور الألبوم لا مانع من طرح بعض الرنات بشكل جديد مثل طرحها كصوت فقط "فوكال" أو موسيقى "صولو"، لتصبح التسمية الصحيحة والملائمة بعد ذلك لهذا المطرب "نجم الرينج تون"!

وما سبق لا يعتبر نقدا لشركات الإنتاج، بقدر ما يعتبر عرضا لأبعاد مشكلة كبيرة قد يراها البعض بسيطة ولكنها أثرت الآن وستؤثر بشكل أكبر مستقبلا على مستوى الفن، وأستعير هنا جملة قالها المنتج الشاب أحمد الدسوقي تعليقا على الوضع الحالي لسوق الكاسيت عندما قال: "إذا لم يحقق الفن الربح المنتظر منه فلن يُصبح فنا، سيتحول إلى ظاهرة يفرضها البعض عليك".

ولأن قوانين حماية الملكية الفكرية في مصر لا يتم تطبيقها بشكل صحيح "أو حتى بشكل غير صحيح"، فإنني لست بصدد تقديم اقتراحات لوضع ضوابط لتحميل الأغاني من الإنترنت وعودة الجمهور مرة أخرى لشراء الألبومات، ولكني أسير بتفكير معين فى هذا الأمر قد يعتبره البعض ساذجا.

جميعنا يستمع لمطربين كثيرين ولكن يبقى اسمين أو ثلاثة أسماء هم المطربين المفضلين لدينا، وإذا افترضنا أن الفترة الزمنية التي تفصل بين الألبوم والألبوم الآخر للمطرب الواحد هي 15 شهرا فإن اقتناء نسخة أصلية من ألبوم المطرب سيكلفك أقل من جنيه واحد في الشهر، بينما تقوم بسماع ألبوم المطرب مرات عديدة في هذا الشهر، فهل العشرة جنيهات التي تدفعها في شراء ألبوم لمطربك المفضل كثيرة وأنت تستمع للألبوم مرات عديدة؟

وهنا لا أطالب بعدم تحميل جميع الألبومات من الإنترنت، فأنا نفسي لم أفعل ذلك ولن أفعله طالما لم تتواجد الضوابط والقوانين التي تُجرم تحميل الأغاني من الإنترنت، ولكني أحرص على شراء النسخ الأصلية لمطربين أو ثلاثة مطربين مفضلين لي، وهذا لا يعتبر عطفا وكرما مني، فهذا حقهم تماما لأنهم يقدمون خدمة ترفيهية لي لابد أن أدفع ثمنها، أما باقي المطربين الذين يتأخر ترتيبهم لدي فأترك هذه المهمه لمن يعتبروهم مطربينهم المفضلين، وإذا تعامل عدد كبير منا بمثل هذه الطريقة ومع كثرة المطربين وكثرة المستمعين واختلاف أذواقهم سنرى انتعاشا كبيرا بسوق الكاسيت، يجعل شركات الإنتاج تساعد المطرب على الإبداع وتبتعد عن الطرق التي ربما تقلل من نجومية المطرب على المدى البعيد.

شاركني برأيك، هل تشتري النسخة الأصلية من ألبوم مطربك المفضل؟ وهل لديك اقتراحات لتنظيم عملية تحميل الأغاني من الإنترنت؟