محمد عبد الخالق
محمد عبد الخالق تاريخ النشر: الثلاثاء، 7 مايو، 2019 | آخر تحديث:
الفنانة القديرة محسنة توفيق

"أنا مدينة للشعب المصري، قدمت في حياتي ما أشعر به، وما استفزني وأعجبني من خلال انتمائي للطلبة والعمال منذ صغري، حيث جاءت ثورة 2011 فشاركت فيها، لذلك أنا مدينة لشعب مصر بوقوفي هنا"... هذه الكلمات لم تكن رسالة شكر من الفنانة محسنة توفيق لإدارة مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، عند تكريمها في فبراير 2019، وإنما كانت ترسل برسالة وداع أخيرة لجمهورها لخصت فيه رحلتها الفكرية والفنية.

حكت محسنة توفيق كيف بدأ وعيها السياسي مبكرا في سن سبع سنوات، وتحديدا عام ١٩٤٦ أثناء مظاهرات الطلبة على "كوبري عباس"، وتركت هذه الواقعة أثرا كبيرا على وعيها، وعلى وجهة نظرها السياسية ظل ملازما لها طيلة حياتها، ودفعت ثمنة باهظا.

رفضت "بهية" أو محسنة توفيق وصفها بـ" السياسية"، وقالت بكل بساطة أنا شخصية ثورية، منحازة للديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الناس، رافضة لكل تقييد لحرية الرأي والتعبير في الستينيات، مما كان سببا لدخولها السجن في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذي منحها في فبراير 1967 وسام العلوم والفنون.

وفي روايتها "المولودة" حكت الكاتبة نادية كامل، عن قصة أول تعارف بين والدتها مارى روزنتال ومحسنة توفيق، في سجن القناطر، كيف كان اليوم ينتهي في الساعة الثامنة مساء ويتم إغلاق العنابر والزنازين حتى صباح اليوم الثاني، وهنا يسمع المساجين أصوات لأشخاص لا يرونها، وفي عنبر المعتقلات الجدد كانت هناك فتاة صغيرة تجلس على حرف الشباك تغني لأم كلثوم، فيصمت كل المعتقلين بالعنابر للاستماع، ولم تكن هذه الفتاة سوى الممثلة الشابة محسنة توفيق.

بدأت محسنة توفيق، الشقيقة الصغرى للإعلامية الكبيرة فضيلة توفيق "أبلة فضيلة"، نشاطها الفني عام 1962 أثناء دراستها بكلية الزراعة بمسرحية "مأساة جميلة"، ثم عقب تخرجها عام 1966 قدمت مسرحية "أجاممنون" بمسرح الجيب، وقدمت مع يوسف شاهين مجموعة من أبرز أعماله، وتميزت في دور "بهية" في فيلم "العصفور" 4197 للمخرج يوسف شاهين، الذي قال عنها: محسنة توفيق واحدة من مجاذيب السينما المصرية، وأحب العمل معها.

وكما غنت لزميلات المعتقل، غنت محسنة في فيلم "العصفور"، أحد أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء 1996، من أشعار أحمد فؤاد نجم (مصر يمة يا بهية)، ولصدق أدائها لقبت بـ"بهية" وأصبحت رمزًا للوطنية ولمصر، ولا أحد ينسى مشهدها في نهاية الفيلم وصراخها: لأ حنحارب، لأ حنحارب، التي جسدت رغبة الشعب المصري في الثأر بعد تنحي جمال عبد الناصر بعد النكسة.

وكما دخلت المعتقل في عهد الرئيس عبد الناصر، دفعت في عهد الرئيس أنور السادات ثمن رفضها لاتفاقية السلام مع إسرائيل، ووصفها للاتفاقية بأنها أسوأ حدث في حياتها، بالتضييق عليها فنيا بشكل غير رسمي.

وفي 2011 لم تمنعها أعوامها السبعين من المشاركة في ثورة 25 يناير، وتعتبر صورها ضمن أحداث الصورة من الصور الأيقونية المعبرة عن رغبة الشعب بمختلف أجياله في حياة أفضل.

قدمت محسنة توفيق عددا كبيرا من الأعمال الفنية أشهرها سينمائيا: "وداعاً بونابارت"، و"إسكندرية... ليه؟"، و"العصفور"، و"البؤساء، و"الزمار"، و"ديل السمكة"، و"قلب الليل"، أما للدراما التليفزيونية فقدمت عددا من الأعمال الناجحة منها: "ليالي الحلمية"، و"المفسدون في الأرض"، و"المرسي والبحار"، و"أم كلثوم"، و"أهل الإسكندرية" 2014، الذي كان آخر أعمالها لكنه لم يعرض.

اقرأ أيضا

تعرف على موعد جنازة محسنة توفيق

نجوم الفن ينعون محسنة توفيق.. وداعا بهية مصر