منذ نشأة السينما حتى يومنا هذا اندلعت معركة شرسة في صفوف الرجال كعادتهم حول من الأفضل بينهم، لم يُستقر إلا على عدة أسماء كانت في طليعة عظماء الفن السابع بدءًا من تشارلي تشابلن في السينما الصامتة مرورًا بهومفري بوجارت وجيمي ستيوارات ومارلون براندو والثاني الإيطالي دي نيرو وباتشينو يجاورهم السير دانييل وجاك نيكسلون وتوم هانكس الذي لا زال يركض .. أسماء أخرى تُضاف إليهم حسب وجهة نظر الآخرين لكن المُتفق عليه أن الخلاف لا زال مُحتدمًا بينهم حول الأجدر بتلك المكانة، والجميع قدم ما يشفع له وأكثر.
في مقابل تلك المعركة المُحتدمة في صفوف الرجال كعادتهم، تجلس امرأة على عرش هوليوود كملكة مُتوجة لا تُنازع في حُكمها تُدعى ميريل ستريب.
لا يوجد عاشق للسينما إلا وقد شاهد على الأقل أحد أفلام ميريل ستريب، فمن منا لم يشاهد جمالها الآخاذ وحضورها الطاغي وشخصيتها الفريدة من نوعها لكن الأهم في قصتنا تلك أنها أحد أعظم الممثلات في تاريخ السينما إن لم تكن الأعظم في نظر الكثيرين .. رحلة كُللت بـ 3 جوائز أوسكار وأيضا 18 ترشيحًا آخرين جعلها تمضي بعيدًا كأكثر من ترشح لجوائز الأوسكار من الممثلات بل والممثلين كذلك، إذ بلغ مجموع ترشيحاتها 21 مرة.
بداية الرحلة
البداية الفعلية كانت عام 1978 بمشاركتها في فيلم "صائد الغزلان" مع روبرت دي نيرو الذي كان نجم هوليوود الشاب آنذاك والذي أصر على مشاركتها في الفيلم واختارها بالاسم لتبدأ أول خُطوة في رحلتها الفنية ولتبدأ صداقة مميزة للغاية مع روبرت دي نيرو
وفاء وصدمة كبيرة في بداية الطريق
ميريل كانت مرتبطة بالنجم جون كازال الذي اشتهر بدور فريدو في سلسلة العراب وكان يشارك معها في "صائد الغزلان" لكن تم اكتشاف إصابته بسرطان العظام ليقرر منتج العمل استبداله لكونه غير قادر على التصوير لكن ميريل ورغم كونه أولى أعمالها الفعلية ولم يكن أحد يعرفها في هوليوود آنذاك لكنها قالت كلمتها بأنها سوف تنسحب من العمل إذا تم استبدال كازال ليقرر المنتج بقاءه في العمل، لكن سرعان ما تُوفي بعد أيام قليلة من تصوير الفيلم
حزنت ميريل حزنًا شديدًا على كازال الذي وصفته بأنها لم تُحب أحدًا مثلة ليكن أولى صدماتها في بداية رحلتها لكن في الوقت ذاته كانت ذات شخصية قوية قادرة على تجاوز الصدمة والمضي قدمًا في حياتها
الأوسكار الأول
في عام 1979 شاركت ميريل في عملين مثلا الإنطلاقة الأكبر لها نحو عالم النجومية حيث شاركت في فيلم Manhattan مع المخرج وودي آلن والذي لفتت إليها الأنظار بشدة كما شاركت في فيلم Kramer vs. Kramer الذي جعلها تحصد أوسكارها الأول لأفضل ممثلة دور مساعد
حقبة الثمانينات والأوسكار الثاني
ثلاث سنوات فقط كانت الوقت الكافي لحصد ميريل ستريب أوسكارها الثاني لكن هذه المرة كأفضل ممثلة في فيلم Sophie's Choice الذي قدمت فيه ميريل واحدًا من أعظم الأداءات الفردية في تاريخ السينما
توالت أعمال ميريل المميزة في تلك الحقبة جعلتها تترشح للأوسكار 6 مرات خلال 10 أعوام قدمت خلالها عددًا من الأفلام المميزة أبرزها Out of Africa والذي قدمت فيه أداءًا مبدعًا مع النجم روبرت ريدفورد في لعب دور المستوطنة في أفريقيا
المرأة الحديدية تقتنص الأوسكار الثالث
"فيلم رُبما يكون عاديًا لكن أداء ميريل كان خارقًا " .. ربما رددنا تلك الجملة أحيانًا في عدد من أفلام ميريل وهذا ما حدث في فيلم "المرأة الحديدية"، إذ أن الفيلم لم يحظى بالإشادة الكبيرة من قبل الجمهور والنقاد باستثناء أداء ميريل الخارق الذي أكسبها أوسكارها الثالث لتسجل اسمها بحروف من نور في تاريخ السينما إلى الأبد .. فقط أوسكار واحد ينقصها لتتساوى مع كاثرين هيبورن صاحبة الـ 4 جوائز أوسكار.
ميريل ودي نيرو .. كلاهما الأقرب لقلب الآخر
لماذا لم يتزوج هذا الثنائي ؟ جملة تداولها عشاق السينما كثيرًا حين يشاهد هذا الثنائي سويًا ، فدي نيرو هو الذي مثل انطلاقة ميريل الفعلية حين رشحها في فيلم "صائد الغزلان"، ثم مشاركتها له في الفيلم الرومانسي Falling in Love و فيلم Marvin's Room لكن رغم مشاركتهما في عدة أفلام سويًا لكنهما يتمتعا بصداقة قوية ومتينة للغاية حيث وصفها دي نيرو في أحد اللقاءات بأنها الأحب والأقرب إلى قلبه بينما وصفته ميريل بأنه الصديق الأقرب والممثل الأفضل بالنسبة إليها ، ولا يوجد خير دليل على ذلك أكثر من قبلتهما في أحد المناسبات الفنية العام الماضي والتي أثارت إعجاب الجمهور الذي كان يتمنى لو أنهما قد تزوجا بالفعل.
ملكة اللكنات
هل أنصت جيدًا حين تتحدث ميريل في أفلامها ؟ حسنًا هي ملكة اللكنات بلا شك فهي قادرة على إتقان جميع لكنات اللغة الإنجليزية سواء الأمريكية أو البريطانية بل ستُذهل من طريقة تحدثها في فيلم Sophie's Choice كامرأة تعلمت اللغة الإنجليزية ولا تتحدثها بطلاقة أو لكنتها البريطانية المُطلقة في فيلم "المرأة الحديدية" .. لا تكتفي بمشاهدة ميريل وحسب بل أنصت لها حين تتحدث كذلك.
ملكة متُوجة على عرش السينما
جسدت ميريل عددًا كبيرًا من الشخصيات المختلفة عبر مسيرتها الطويلة فأدت دور الأرستقراطية فيOut of Africa ودور المتشردة في Ironweed ومدمنة المخدرات في Postcards From the Edge والراهبة في Doubt والأم التي تعاني من السرطان في One True Thingو August Osage County ، والطبيبة النفسية العنصرية في Prime والقديسة الطاهرة في The House of the Spirits
والأم البولندية في معسكرات الإعتقال النازية في Sophie's Choice وغيرها من الأدوار التي لا تزال عالقة في أذهان عُشاق السينما بشكل عام وعُشاقها بشكل خاص
الأكثر ترشحًا لجوائز الأوسكار والأكثر نحسًا كذلك
ميريل هي الوحيدة التي تخطت الـ 20 ترشيحًا للأوسكار في تاريخ السينما سواء في فئة الممثلات أو الممثلين كذلك إذ بلغ المجموع 21 ترشيحًا حتى الآن حصدت منهم 3 جوائز أوسكار .. وهو رقم قابل للزيادة بالطبع طالما كانت قادرة على العطاء، رقم مذهل وضخم للغاية من الصعب أن يصل إليه أحد لكن الطريف في هذا الأمر أنها تنظر لنفسها بكونها الممثلة الأكثر نحسًا في التاريخ حيث تصف نفسها بالفاشلة لكونها حصدت 3 جوائز فقط من أصل 21 ترشيح .. رُبما هذا جزء من تلقائيتها التي سنتحدث عنها
ميريل تستطيع الغناء كذلك !
هل تعلم أن ميريل تلقت دروسًا في صغرها في الغناء الأوبرالي وأنها تعلمت العزف على الكمان باحترافية كذلك .. رُبما هذا سر إتقانها الأدوار التي تتطلب أداءًا موسيقيًا غنائيًا منها كما لو أنها مُطربة بالفعل مثل أفلام Ironweed و Postcards From the Edge و Mama Mia و Music of the Heart و Ricki and the Flash
جمال آخاذ
كم مرة سحرتنا ميريل بإطلالتها، بابتسامتها التي تخطف العقول أحيانًا، رُبما لا تمتلك ميريل ملامح الجمال الصاخبة كغيرهن من جميلات السينما ولا حتى الجسد الممشوق القوام ، لكنها بالتأكيد تمتلك إطلالة وحضورًا يفوق أحيانًا أجمل الجميلات ، ابتسامتها الساحرة التي تجعلك تدوب عشقًا في حُبها من أول نظرة .. رفضت ميريل أن تخضع لأي عمليات تجميل خاصة أنفها ذو الشكل المتميز كما أنها لم تعتمد يومًا على أي وسائل لإثارة الإنتباه ، فقط ميريل كما عهدناها يومًا ببساطتها التي هي بالتأكيد سر جمالها
أن تكون ميريل ستريب دون تكلف أو تصنع
يشير الجميع في هوليوود حين يتحدث عن ميريل إلى أنها انسانة بسيطة غير مُتكلفة ولا مصطنعة، لم تتأثر يومًا بأجواء هوليوود الصاخبة ولا حتى شهرتها الطاغية ، تقابل الجميع دائمًا بابتسامة مرحة ووجه بشوش، تصرفاتها تكون تلقائية تبعًا للموقف الذي تكون به، وصفها أحد المنتجين بأنها تتصرف بتلقائية لم يعهدها في أحد الممثلات من قبل ، ونتذكر هنا عام 1979 حين حصدت أوسكارها الأول عن فيلم Kramer Vs. Kramer بعد 4 مشاركات سينمائية فقط قامت بنسيان الجائزة في دورة المياه حيث لم تكن معتادة أو حتى تتوقع أن تحصد تلك الجائزة في فترة قصيرة للغاية .. هكذا هي ميريل
اليوم تحل الذكرى الـ 69 لميلاد الأسطورة ميريل ستريب .. هل تستطيع أن تخبرنا عن أفلامك المفضلة لها ؟
اقرأ أيضا
في عيد ميلادها الـ69 - مواقف تثبت أن ميريل ستريب بطلة في الواقع أيضا.. تنقذ فتاة من الاغتصاب
أغاني الأسبوع العالمية.. ديمي لوفاتو تغني عن إدمان الكحول وألبوم بيبي ريكسا الأول