على بعد 240 كيلومتر من محافظة القاهرة، ذهبنا إلى "شاليه" الفنان محمد محسن في مدينة راس سدر بعيدا عن الزحمة والضوضاء والناس، وبالتحديد في الحديقة المطلة على البحر مباشرة والتي اشرف على تنسيقها هو بنفسه ليعطي لها مظهرا جماليا متماشيا مع موهبته وشخصيته الفنية.
وعلى مدار ساعتين ونصف تحدث محمد محسن لـ FilFan.com عن تفاصيل مشواره الفني وبالتحديد ألبومه الأخير "حبايب زمان"، وأيضا حدثنا عن جديده في عالم الغناء والموسيقى والتمثيل.
إليكم نص الحوار:
تحضير ألبوم "حبايب زمان" استغرق وقت طويل للغاية، فبعد ألبوم "اللف في شوارعك" الصادر في يناير 2012 بدأت التحضير للألبوم الجديد، ولكن في هذا الوقت لم يكن معي شركة انتاج، ربما الجمهور قد لا يكون يعلم أنني كنت أعمل على صناعة عدد كبير من الأغاني، إذ تم الانتهاء من 25 أغنية، صدر منها 11 فقط، وباقي الأغنيات من الممكن أن يتم الاستعانة بهم في الألبوم المقبل، أو يتم إعادة توزيعهم من جديد لكي تكون مواكبة ومتماشية مع التطورات الموسيقية الحالية، خاصة وأن المزيكا تتغير بسرعة فائقة في السنوات الأخيرة.
الفرق بين "حبايب زمان" و"اللف في شوارعك"، هو أن اللف في شوارعك كان وليد تجربة خاصة جدًا عاشتها مصر في هذا التوقيت الحرج بعد ثورة 25 يناير، وكان هذا الألبوم ناتج عن أحلام مشتركة بين وبين صديقي مصطفى إبراهيم، وأيضا الصديقان مايكل عادل ورفيق عدلي، وكانت الثورة وقتها هي الشغل الشاغل لنا، وكانت أيضا هي الهم الأكبر للمواطن المصري، سواء كنت مؤيدًا او معارضًا لها، ولأن منهجي في الغناء قائم بالأساس في التعبير عن المشاعر التي أعيشها، فكان "اللف في شوارعك" معبرًا عن مشاعري في هذه الفترة.
أما "حبايب زمان" فهو معبر عن الفترة التي أعيشها حاليًا، فترة التركيز في الأعمال الفنية التي أقدمها، سواء في المسرح أو في الغناء، فهو معبرًا عن الفترة التي قابلت فيها هبة مجدي، ومعبرًا عن حبي وعشقي لها، معبرًا عن الفترة التي رزقت فيها بإبنتي دهب، وبشكل عام هو الألبوم المعبر عن كل التغيرات التي حدثت في الفترة الأخيرة في حياتي، وستجدوا هذا التعبير الغنائي الذي أتحدث عنه موجود في أغاني كثيرة، فمثلًا "في قلبي مكان"، و"حبات الندى" معبرة عن حبي لهبة، أما أغنية "تلغراف" فهي معبرة عن الفترة المريرة التي عشتها بعد وفاة والدي وأيضا معبرة عن وفاة أعز اصدقائي "بكر" وكان صديق مشترك بيني وبين الشاعر مصطفى إبراهيم.
هبة مجدي المالك الحقيقي لـ"حبايب زمان"
أنا صاحب الرؤية الموسيقية والفنية لكل أغاني الألبوم، فبدأت مشواره تنفيذه منفردًا، بالتأكيد لدي بعض الأصدقاء داخل المجال الفني وخارجه، ولكن تظل زوجتي هبة مجدي المساعد الأهم في اختيار الأغاني لأن لها وجهة نظر فنية مختلفة عن وجهة نظري، فمثلا أغنية حبايب زمان "اسم الألبوم" كانت مصنوعة خصيصا لها، إذ كانت تنوي الغناء منذ 4 سنوات ماضية، وتواصلت مع الملحن شريف بدر لكي يقدم لها أغنية مناسبة، وكان شريف يغني لها الأغنية على الجيتار، وسجلتها هبة على الموبايل وأثناء رحلة تجهيزي للألبوم قدمت لي الأغنية بصوت شريف بدر وأعجبت بها جدا، وبالفعل تواصلت مع شريف بدر وقابلته في ستديو الموزع "يحيى يوسف" واخبرني شريف وقتها أن الموزع أحمد إبراهيم يقوم بالفعل على توزيع الأغنية، ولأني أهتم بكل تفاصيل أعمالي الغنائية تواصلت مع أحمد إبراهيم وقابلته ومن وقتها أصبحنا أصدقاء.
كواليس صناعة "حبايب زمان"
عملي كفنان وموسيقي يجبرني على الاستماع والإطلاع على أعمال الفنانين الآخرين، وكواحد من الجمهور الفني تعجبني أغنيات كثيرة، وأصبح لدي تفضيلات معينة في الشعراء والملحنين وكذلك الموزعين الموسيقيين وهذه التفضيلات كانت بذرة نواة اختيار فريق عمل "حبايب زمان".
وعن رفيق عدلي يتحدث محمد محسن قائلا: "رفيق صديقي منذ فترة طويلة، وتعاونا مع بعض في الألبوم الماضي (اللف في شوارعك) ويفهم جيدا ما أحبه وما أفضله ولذلك كنت أذهب اليه بألحاني التي صنعتها بنفسي ونعمل عليها، وأريد أن اؤكد أنني لا أطرح نفسي في السوق الغنائي كملحن، ولكن هناك بعض الحالات الخاصة أحب أن أعبر عنها بطريقتي، ولثقتي في رفيق فأنا أذهب إليه بألحاني دون تردد مثل أغنية (تلغراف)، و(اللف في شوارعك)، و(بندعليكوا)، و(غنوة مبتكملش) فهذه الأغاني تعد من الحالات الغنائية الخاصة بي بشكل شخصي، صحيح أنني تعاونت مع رفيق في عدد كبير من ألحاني الغنائية في الألبوم الأخير ولم يطرح منها سوى (تلغراف) فقط، ولكن المؤكد أن هناك المزيد من الأعمال الغنائية التي ستطرح بتنفيذ ورؤية موسيقية للموزع الموهوب رفيق عدلي.
وعن يحيى يوسف يقول محمد محسن: "أحب جدا توزيعات يحيى يوسف، فهو موزع موهوب ومحترف وله العديد من الأغاني الناجحة خاصة مع اليسا (سهرنا يا ليل)، و(الحضن)، وتامر حسني (من ورا الشبابيك) و(فاض بيا)، خاصة وانه شاب صغير السن ويمتلك أفكار موسيقية جديدة عصرية، ومن خلال معرفتي بيحيى أصبحنا اصدقاء للغاية وكان يعرض علي بعض الألحان لمجموعة من المحلنين المتميزين مثل (تامر علي، محمد النادي، شريف بدر)، وبالفعل كنت اختار من بين هذه الألحان ما يناسب شخصيتي الموسيقية، وأصبح الاستديو الخاص بيحيى يوسف أقرب الى ورشة العمل بالنسبة لي، ومن هذه الورشة صدرت عددًا من الأغنيات في الألبوم وهم (حبات الندى) كلمات محمد مروزق وألحان محمد النادي، و(في قلبي مكان) من كلمات نور عبدالله وألحان محمد النادي، و(بقالك مدة) من كلماتمحمد عاطف وألحان تامر علي، و(زي أغاني زمان) من كلمات باسم عادل ومن ألحان تامر علي.
كل هذه الألحان الناتجة من خلال ورشة يحيى يوسف كانت تستغرق وقتا طويلًا في التحضير، فكنا نلتقي كثيرًا ونتناقش في تفاصيلها وتكوينها حتى وصلنا إلى مرحلة التقاء بين أفكارنا جميعا، فمثلا مع تامر علي سنجد أن هناك مقامات موسيقية مختلفة لم تكن متواجدة بقدر كافي على الساحة الفنية، مثلا (بقالك مدة) كانت من المقام البياتي و(زي اغاني زمان) كانت من المقام الرست، وهذا التعاون جاء بعد التفاهم بيني وبين الملحن الذي أدرك مدى حبي للموسيقى الشرقية وتعلقي بأغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وسيد درويش وأم كلثوم، ولذلك كان من المهم أن نصنع أغاني مختلفة ومعبرة عن ثقافتنا العربية والشرقية وليست اغاني بأرتام وألحان أقرب إلى الطابع الغربي.
أسامة الهندي .. (بطل) ألبوم حبايب زمان
تعرفت على أسامة الهندي عن طريق الشاعر نصر الدين ناجي والموزع أحمد فرحات واللذان تعرفت عليهما اثناء تعاوني في اغنية "ملناش غير بعض" في عام 2012، ومنذ هذا العام ونحن نجهز لأغنيات كثيرة، منها ما رأى النور مثل تتر نهاية مسلسل "ألف ليلة وليلة"، ومنها ما قد يطرح في الفترة المقبلة، خاصة وأن أسامة الهندي وزع 6 أغنيات ولم يطرح منها في الألبوم سوى اغنيتين فقط، وهذا أن دل على شئ فهو يدل على تفهمه وهمه الأكبر على المصلحة العامة للألبوم، وليس مصلحته الشخصية بأن يكون متواجد بأكبر عدد من الأغاني.
منذ عام 2013 كان هناك ما يشبه ورشة العمل مع هذا الثلاثي "أسامة الهندي، نصر الدين ناجي، أحمد فرحات" وهذه الورشة انتجت عدد من أغاني الألبوم الأخير، فعلى مستوى الكتابة هناك 4 أغاني من كلمات نصر الدين ناجي وهم "العالية راسي"، و"تجربة الوحدة"، "وحضنك حياة"، "منرضهاش للغريب" وعلى مستوى التوزيع الموسيقي وزع أحمد فرحات بتوزيع أغنيتين وهم "منرضهاش للغريب"، و"حضنك حياة"، أما أسامة الهندي فقام بتوزيع "العالية راسي"، و"تجربة الوحدة".
أهم ما يميز أسامة الهندي في التعامل هو قدرته على التركيز في التفاصيل، فقد كان يتصل بي من وقت للأخر ليطمئن على أغاني الألبوم، خاصة وأنه عمل "ماستر ومكساج" الألبوم بأكمله، وهو مريح جدا في التعامل لدرجة تجعلني أسلمه كل الشغل وأغيب عنه بشهور بسبب زواجي وما إلى ذلك من الأمور الشخصية، وفي الوقت ذاته أكون مطمئن على الأغاني وتنفيذها بسبب ثقتي في احترافيته واخلاصه، بالاضافة إلى أن نصائحه كانت ترشدني في أحيان كثيرة، فكنت متفق معه على ضرورة نزول أغنية "تلغراف" في الوقت الذي كانت هناك بعض الآراء من شركة الإنتاج ترى أن هذه الاغنية غير مناسبة للجو العام للألبوم، ولكن الهندي كان له رأي مختلف خاصة وأن هذه الأغنية تشبهني كثيرًا، وكان مصر على وجودها، وهو من أهم الداعمين لاختيار "حبايب زمان" لتكون اسم الألبوم، وكان له رأي في أغلب الصولوهات في باقي أغاني الألبوم.
وللمفارقة أسامة الهندي لم ينصحني بعدم النزول مع عمرو دياب، فبرغم أنه وزع "معدي الناس" بالكامل، إلا أنه لم يكن يعلم بتوقيت طرح الألبوم، وعندما انتهينا من الألبوم قررنا النزول في منتصف شهر يوليو، ثم فوجئنا بنزول ألبوم عمرو دياب، وبرغم ذلك كان من اللازم عدم التراجع وتأجيل الألبوم، والمنتج سيف عريبي كان مؤمن جدا بفكرة الألبوم ولم يبخل في انفاق الأموال التي تخص الدعاية، أيضا محمد علام تولى خطة تنفيذ الحملة الدعائية والتي نالت استحسان الكثيرين.
تفاصيل التعاون مع عمرو مصطفى
قد لا يعرف البعض أنني أحب ألحان عمرو مصطفى، فهو يمتلك موهبة كبيرة تميزة عن كل ملحنين هذا الجيل، ودائما ما تكون ألحانه سريعة الحفظ والانتشار، وكان من المفترض أن يكون هناك تعاون بيني وبينه في الفترة التي تزامنت مع احتفالات انشاء قناة السويس الجديدة، ولكن لم يحدث هذا التعاون حتى دارت الأيام وجمعني به الشاعر تركي آل الشيخ، وسجلنا أغنية "أصيلة يا بنت" في الاستديو الخاص بالفنان عمرو مصطفى، وأعجبت بشدة بطريقة إدارته للعمل واعتماده على جيل الشباب في التوزيع خصوصا "أمين نبيل" و"أحمد الموجي" اللذان اشتركا في توزيعها سويًا.
اهم ما يميز عمرو مصطفى هو أن لديه الخبرات الكافية التي تخص صناعة الأغنية نتيجة القدر الهائل الذي يمتكله من الأعمال الغنائية مع كبار نجوم الغناء في الوطن العربي، وأنا تعملت منه الكثير، كما تعلمت أيضا من التعاون مع أسامة الهندي فهذا الثنائي لديه خبرات فنية كثيرة كنت أحتاج إليها للاستفادة منها في مشواري الفني.
تركي آل الشيخ كلمة السر في "حبايب زمان"
قد لا يعلم الكثيرين أن الشاعر تركي آل الشيخ لديه دورًا كبيرًا في صناعة ألبوم "حبايب زمان"، فهو ليس مجرد كاتب أو شاعر تعاملت معه في صناعة أغنية "أصيلة يا بنت"، بل هو داعم مهم ورئيسي لكل ما يخص صناعة هذا الألبوم، فكنت أستعين كثيرًا بمشورته في اختيار الأغاني وأيضا وضع الخطوط العريضة للشكل الفني للألبوم.
والمفاجأة السعيدة انني وجدته محبًا وعاشٌقًا وشغوفًا بالفن المصري، فهو متيم بأعمالنا الفنية التي تركت اثرًا كبيرًا في تكوينه الثقافي وهذا ما جعله قادرًا على كتابة كلمات الأغاني باللهجة المصرية بأسلوب بسيط ومباشر وصادق في الوقت ذاته، وهذا ما ظهر في نجاح أغنيته معي "أصيلة يا بنت"، أو حتى أغنيتي عمرو دياب "برج الحوت (أجمل عيون)، و"يا أحلى حاجة"، أو حتى أغانيه مع أمال ماهر وباقي الفنانين التي استطاعت ان تحقق انتشارًا جماهيرًا يؤكد تفوقه كشاعر غنائي مهم.
فحبه للفن المصري جعلني أتعامل معه بأريحية كبيرة خاصة وأنه يقدم كلماته بغرض الفن من أجل الفن وليس لأي أمرًا آخر، ولذلك عندما أكون حائرًا في الكثير من الأمور الفنية ألجأ إليه دون أي تردد أو شك نظرًا لحالة الثقة التي نشأت من تعاملي معه في "أصيلة يا بنت".
ونجاح "اصيلة يا بنت" كان معبرًا عن هذا التفاهم الذي تحدثنا عنه في السطور الماضية، وهو ما جعل الكثيرين يطالبون بتصويرها "فيديو كليب"، ولذلك فمن الممكن في الفترة القادمة أقوم بتصويرها أو تصوير "حبايب زمان" أو أغنية "تلغراف"، فاختيارات الفيديو المصور لن تخرج من بين هذا الثلاثي.
اقرأ أيضا
حوار "في الفن"- أحمد مالك: تعجبني صراحة الفيشاوي لكنني لست امتدادا له.. هذا موقفي من مسلسل عادل إمام