نيويورك (رويترز) - يعبر كل جيل عن مخاوفه ولا يخفي المخرج ستيفن سبيلبرج أن مصدر القلق الذي استوحى منه فيلمه الجديد "حرب العوالم" أو war of the worlds الذي يعتمد على الخيال العلمي هو هجمات 11 سبتمبر 2001.
ويقول سبيلبرج إن الفيلم "يتعلق بكل تأكيد بفرار الأمريكيين للنجاة بأرواحهم وتعرضهم لهجوم بلا مبرر وبغير أن تكون لديهم أدنى فكرة عن سبب الهجوم أو منفذيه".
ويلعب توم كروز دور البطولة في الفيلم الذي أخرجه سبيلبرج عن رواية اتش.جي. ولز الكلاسيكية التي نشرت عام 1898 عن غزو كائنات من كوكب المريخ للأرض ، ويبدأ عرض الفيلم في دور السينما في الولايات المتحدة يوم الأربعاء ، وكانت الرواية مصدر إلهام لمعالجات أخرى شهيرة على مر الأعوام.
ورحلة الهروب هذه المرة لا تتعلق مثلما حدث في فيلمه "اي.تي." أو e.t. ، و "لقاءات قريبة مع النوع الثالث" أو close encounters of the third kind بكائنات غريبة طيبة من العالم الخارجي ، فالكائنات الفضائية هذه المرة لا تسعى لأي خير.
وأثار أورسون ويلز حالة من الفزع في الشوارع بمعالجته الإذاعية لرواية "حرب العوالم" في عام 1938 إذ حملت نبأ غزو من المريخ بدا كأنه خبر حقيقي في فترة ساد فيها البلاد القلق بشأن تهديد الفاشية وألمانيا النازية.
والمعالجة الأخرى الشهيرة في فيلم أنتج في عام 1953 ، إستندت إلى مخاوف أمريكية إبان الحرب الباردة من انتشار الشيوعية خلال العصر النووي.
وتبدو مظاهر الخوف في العصر الحديث واضحة في فيلم سبيلبرج المليء بمؤثرات خاصة مفعمة بالحيوية وموسيقي صاخبة تنتشر في أرجاء المكان.
في الفيلم تستيقط آلات حرب غريبة مدفونة مثل خلايا كامنة إثر عاصفة يصاحبها برق وتدمر الشوارع وتهدم المباني وتطيح بالسيارت في الهواء.
ويعود كروز إلى منزله يغطيه غبار أبيض من آثار الدمار مثلما فعل ناجون مذهولون حالفهم الحظ فتمكنوا من الهروب قبل انهيار برجي مركز التجارة العالمي.
وقال سبيلبرج: "أكثر الصور التصاقا بذاكرتي هي فرار الجميع من مانهاتن عبر جسر جورج واشنطن في أعقاب 11 سبتمبر ، إنها صورة مؤلمة لم أنجح أبدا في إبعادها عن مخيلتي".
وأضاف انه لا يهدف لتحويل الفيلم إلى مناظرة سياسية.
واعترف قائلاً: "هناك أبعاد سياسية وراء بعض مشاهد الرعب والمغامرة والخوف ، ولكن ما أريده حقاً أن أجعلها موحية بقدر كاف حتى يستخلص كل مشاهد رأيه الخاص".
لكن الخوف ليس إلا خلفية لدراسة للشخصيات تتعلق بالقدرة على البقاء والقيم وبلوغ الأب غير المسؤول وابنه المراهق المتمرد مرحلة النضج.
وبدلاً من أن يصور جنرالات في غرف الاجتماعات ومعارك تعتمد على تكنولوجيا متقدمة ، يروي سبيلبرج قصة مفعمة بالمشاعر عن الحب والأسرة في مواجهة الفوضي واليأس في عالم تحت الحصار.
وقال كروز: "أحب اسلوب معالجة ستيفن سبيلبرج للأسرة في أفلامه ، أجده واقعياً جداً وفريداً ، فحين بدأنا الحديث عن القصة والأب والأسرة لم أطق الإنتظار حتى ألعب الشخصية".
ويلعب كروز دور أب مطلق يطلق العنان لرغباته وملذاته غير منسجم مع المجتمع وغير مرتبط بطفليه ثم تضطره الظروف إلى أن يلعب دور الحامي لهما في عطلة نهاية الأسبوع فيرتفع لمستوى المسؤولية.
ويتضمن الفيلم مشاهد مؤثرة مع ابنته الصغيرة وتقوم بدورها الطفلة المبدعة داكوتا فانينج ، ورحلات هروب خيالية ومعالجة جادة للعنف لا تنزلق لمشاهد دموية.
وقال سبيلبرج إن الفيلم يمثل أيضا بلوغه شخصياً مرحلة النضج ، ورد فعل كروز علي النقيض مما فعله بطل فيلم "لقاءات قريبة" الذي قام بدوره ريتشارد درايفوس والذي ترك عائلته لينضم للكائنات الآتية من العالم الخارجي.
وأشار سبيلبرج الفائز بجائزة الأوسكار عن فيلمي "إنقاذ الجندي ريان" أو saving private ryan في عام 1999 و"قائمة تشاندلر" أو schindler's list في عام 1994 إلى انه أخرج فيلم "لقاءات قريبة" في عام 1974 قبل أن يرزق أطفالاً.
وأضاف: "اليوم لا يمكنني أن أقدم شخصاً يترك أسرته ليركب السفينة الأم ، سأجعله يفعل كل شيء لحماية أسرته ، و (حرب العوالم) يعبر نوعاً ما عن نضوجي شخصياً في حياتى الخاصة والتقدم في السن وتنشئة سبعة أبناء".
جدير بالذكر أن سبيلبرج رشح أيضاً لجائزة أحسن إخراج عن ثلاثة أفلام أخرى من بينها فيلما "اي.تي" و"لقاءات قريبة" ، ويقول إنه يحب التنقل بين أفلام الخيال العلمي والأفلام التاريخية التي تتطلب التزاما بالحقيقة والدقة ، ويرى أن"الخيال العلمي بمثابة عطلة للابتعاد عن قواعد منطق السرد وعن الطبيعة وعلم الطبيعة ، فهو يتيح لك ببساطة أن تعطي ظهرك لكل القواعد وتحلق نوعا ما".