خرج علينا هذا العام الفنان يحيي الفخراني في دوره بمسلسل "ونوس"، هو بطل الأحداث الذي يحاول إعادة "ياقوت" إلى رشده واستعادته إلى سابق الاتفاق بينهما.
مسلسل "ونوس" يتناول حبكة عامة معروفة وتم استهلاكها في أكثر من مرة سابقة سواء في القصص الأدبية أو الأفكار الدينية في تجسيد فكرة التكبر كونها تمردا وعصيان لأوامر الله عز وجل، وبالتالي يتحول الإنسان لشأن أعلى بمساعدة الشيطان، وسط البشر يعتبر نفسه إلها، تلك هي صفقة "فاوست" التي يتناولها المسلسل بحبكة مصرية متميزة.
لنراجع سويا المسلسل بروابطه من صفقة فاوست وما استعاره من الأدب والتراث العالمي.
فاوست / ونوس
أبدع يحيي الفخراني في إخراجه لشخصية الشيطان بمميزات مبهجة مصرية للغاية، لا هو أسود بوجه وحشي ولا يمتلك قرونا مثل فيلم "التعويذة" مثلا، لكنه مبتسم يرقص يغوي بهدوء، تحركاته هادئة نبرته مخيفة هذا هو الشيطان كما يراه المصريون شخصا يجعلك تفعل المعاصي بأفضل طريقة ممكنة.
"فاوست" كان يحاول اكتشاف الجوهر الحقيقي للحياة فاستدعى الشيطان الذي أتى في هيئة "مفستوفيليس" (وهو اسم لاتيني يعطى لمن يمثل الشيطان)، هو النقيض لما يتم التمثيل به في الغرب، إذ أن الغرب يرى الشيطان حيوانا بحوافر وقرون وهيئة مخيفة وهنا ما رأيناه مختلفا كليا.
الفخراني جعلنا نرى تلك الأسطورة لكن في مسلسل، بالطبع تغيرت أبعاد الشخصيات قليلا، مثل العلامة الألماني فاوست الذي باع روحه للشيطان مقابل بلوغه قمة السعادة.
فالمسلسل لم يقدم جديدا لما حدث في مسرحية "فاوست" ليوهان جوتة، إذ أننا رأينا الشق الأول وهو بيع الروح للشيطان ثم التعامل مع مشاكل وخطايا النفس البشرية والمجتمع.
إغواء "ونوس" / "جحيم دانتي"
"ياقوت" هو من دخل في تلك الصفقة مع "ونوس" والآن سيدفع الثمن أبناؤه، ما يحدث في المسلسل مشابه للجزء الأول من القصيدة الملحمية الكوميديا الإلهية لدانتي أليجييري، والجيحم كان الجزء الأول منها.
"جحيم دانتي" ينقسم لتسعة دوائر، الحد، الشهوة، الشره، الجشع، الغضب، الهرطقة، العنف، الغش، الخيانة، جميعها صفات مرفوضة يحث الشيطان الإنسان على ارتكابها لكي يحصل على روحه، "ونوس" يفعل ذلك في المسلسل أيضا.
بإمكاننا العودة إلى الأحداث "عزيز" الطماع الجشع الذي يشجعه "ونوس" على الحصول على الأموال أكثر فأكثر.
لدينا أيضا "فاروق" ويقع ضمن دائرة الغش، وتلك الدائرة تضم كل من أخذ الغش والخداع أسلوبا مقبولا في الحياة، منهم السياسيين والمسؤولين الفاسدين، والمنافقين، والمزيفون، و"فاروق" كان مزيفا كفاية حتى الآن بعدما قاده غروره لخطايا الشيطان.
هناك أيضا "نرمين" الغاضبة، تقع ضمن الدائرة الخامسة لدانتي، سمحت للغضب بالتحكم في حياتها، واستخدمت السحر ظنا منها أنه سيحمي ابنها، حنان مطاوع أيضا لمعت في سماء الدراما خلال شهر رمضان بتقمصها هذا الدور ببراعة.
كذلك لدينا "غريب" الرجل الذي قادته الشهوة لارتكاب الخطيئة والانصياع لشهوته لتتحكم في عقله فقتل صاحبة الكباريه، تلك هي الدائرة الثانية لدانتي.
مجددا "فاروق" يقع ضمن الدائرة التاسعة لدانتي وهي الخيانة، وتلك الدائرة مقسمة لأربعة مستديرات، وبالتالي فـ"فاروق" لم يتبدل به شيء هو فقط كان ضعيفا أمام ما امتلكه.
ماذا عن "نبيل" و"انشراح"
في إصدار من إصدارات قصة "فاوست" قام "ميفيستوفيليس" بإغواء فتاة جميلة وبريئة تدعى "جريتشين" مما دمر حياتها، ولكن براءتها قادتها للفردوس، "نبيل" ليس ساذجا هو شاب يحاول تحقيق حلمه وربما يجسد "جريتشين" بينما تجسد "انشراح" الخير الذي يحاول الوقوف في وجه الشيطان.
نهاية قصة "فاوست" مع الشيطان في عمل جوتة نراه يقاوم ويحفظه الله بتوسلات من "جريتشين"، بكل تأكيد لن يفعل "نبيل" ذلك وقد نرى "انشراح" هي من تقوم بذلك.
فاوست في السينما
في السينما العربية، هناك فيلم "سفير جهنم" ليوسف وهبي والذي جسد فيه أيضا دورا مماثلا، وهناك أيضا "موعد مع إبليس" لمحمود المليجي.
أما في السينما العالمية فظهر فيلم "فاوست" للمخرج أليكساندر سكوروف عام 2011 بألمانيا تحديد بعنوان فاوست، كذلك مسرحية فاوست الشهيرة في 2004.
ووصلت أسطورة فاوست حتى للقصص المصورة في Spider-man: One More Day و V For Vendetta وGhost Rider وHellblazer.
كذلك هناك أفلام اقتبست الفكرة وغيرت فيها بعض الشيء مثل The Devil's Advocate و Phantom of The Paradise وغيرها.