العودة بعد شوق.. هو عنوان ألبوم أنغام الجديد "أحلام بريئة" الذي طرحته حديثا، وهو أول دافع لجمهورها لتقبل الألبوم بشكل ايجابي، قبل البحث عن تطوراتها ورؤيتها الموسيقية الجديدة التي تنفذها في ألبوم ٢٠١٥، وربما الضجة والانتشار السريع للألبوم فور طرحه، وافتقاد ألبومات أنغام، وسيطرة موضوعاتها الجديدة على باقي تفاصيل الألبوم الموسيقية، لم تعط فرصة للبحث عن نسبة رضا الجمهور عن موسيقى ومستوى أنغام في الالبوم، أو البحث عن مدى التطور الذي وصلت له المطربة الأكثر استمرارا وثباتا على الساحة الغنائية منذ ظهورها في نهاية الثمانينات.
طالع أيضا
تعرف على تفاصيل ألبوم أنغام "أحلام بريئة"٦ تحديات تعترض ألبوم أنغام الجديد "أحلام بريئة"
"أحلام بريئة".. ١٠ يتعاونون مع أنغام للمرة الأولى
"أحلام بريئة".. أنغام تستبدل الأغنية الخليجية باللبنانية
"أحلام بريئة".. سر أنغام وصيف السنوات الفردية
"أحلام بريئة".. ٤ أسباب تجعل ألبوم أنغام شتوي جدا
"أحلام بريئة".. طوابير ذنب لأربعة رجال"
أنغام ما زالت محتفظة بأهم أسلحتها الفنية، والتي ستضمن لها الاستمرار والنجاح إلى ان تختفي، على رأسها قدراتها الصوتية المميزة، والذي تدعمه برؤية موسيقية مميزة أيضاً، بفضل تربيتها الموسيقية على يد والدها الموسيقار محمد علي سليمان، وبفضل بداياتها المبكرة في الغناء، ومرورها بالعديد من التجارب المهمة مع أسماء من مدارس موسيقية مختلفة، فصوت أنغام بجانب تفرده وتميزه عن باقي الأصوات النسائية جميعاً، لديه قدرات تعبيرية قوية، سواء في خدمة المعاني والموضوعات الغنائية والمشاعر المختلفة، وفي انسجامه مع الموسيقى أو في إنقاذ الألحان التقليدية والضعيفة، كما في بعض ألحان "أحلام بريئة".
اسمع- ألبوم "أحلام بريئة"
بالإضافة إلى كل ذلك مما هو معروف عن سطوة حنجرة أنغام، فهي تعتبر من النماذج الاحترافية النادرة من بين الأصوات النسائية، لقدرتها على الاستمرار وزيادة جماهيريتها، والتأقلم مع التطورات والتغيرات دون إفساد أساسيات مشروعها الغنائي طوال تلك الفترة، وحرصها على طرح ألبومات بشكل منتظم، بما يقارب ٢٢ ألبوما منذ ١٩٨٧ إلى ٢٠١٥، وتنفيذ رؤى موسيقية مختلفة في كل مرحلة بألبوماتها، بداية من مرحلة أغاني الطفولة والبراءة، إلى الطرب و شبه الكلاسيكية خاصة في فترة عملها مع والدها وجيله، إلى ذروة نشاطها في فترة إشرافها الكامل على أعمالها، والتي أقرب ان تتمثل في مرحلة ألبوم "وحدانية" عام ١٩٩٩ وما بعده.
اسمع- ألبوم "وحدانية"
أرادت أنغام في "أحلام بريئة" إعلان نهاية مرحلة المراهقة والشباب، وبداية مرحلة السيدة الناضجة، الحكيمة ذات التجارب الأليمة، ولكن هل ظهر ذلك بوضوح في أغاني الألبوم؟ فبدايات أنغام لا زالت تطاردها إلى الآن، بعد رسم صورة "السيدة" مبكراً، والتعامل كأنها أكبر من عمرها ومرحلتها الحقيقية ربما جعلها تشعر بالظلم والتقييد، وتخلصت أنغام من ذلك التصنيف خاصة في مرحلة تعاونها مع الموزع الموسيقي فهد وطارق مدكور منذ بداية الالفينات، ولكنها ربما تعتقد غير ذلك، فتعلن أنها الآن فقط أصبحت ناضجة وسيدة، وفي نفس الوقت تفعل غير ذلك في "احلام بريئة"، وهو ما سيحرمها من تأكيد حقيقتها كمطربة لازالت شابة، تتفوق فقط بامكانياتها وقدراتها وجهدها، ولها مكانة خاصة في المنافسة بفضل ذلك وبفضل صعودها مبكراً قبل معظم منافسيها حاليا، وليس لتجاربها الحياتية فقط.
قدمت أنغام طوال مراحل طفولتها وشبابها أعمالاً أكثر عمقا وحكمة مما في "أحلام بريئة"، وربما كانت أكثر صدقا في توصيلها رغم صغر سنها وتجاربها، بداية بـ"الركن البعيد الهادي"، و "ببساطة"، و"شيء ضاع" و "قدرت خلاص" وغيرها، وقدمت ما يكفي من أغاني البراءة والطفولة وسذاجة المراهقة أكثر من أحلامها البريئة الحالية، حتى في الشجن والحزن الذي يُعتقد أنها المشاعر المسيطرة على ألبوم أنغام الجديد، أو أنها وجه التغيير الذي طرأ عليها، أيضا هو اعتقاد خاطئ، فمعظم أعمالها تحمل نفس المعاني وأكثر عمقاً، فأنغام التي تعلنها "عصبية وكلي غيرة"، ناقشت وطرحت كل معاني الغيرة والألم والحزن واليأس أيضا بشكل اكبر، مثل أغانيها الشهيرة "مهزومة"، "بتحبها ولا"، "عرفها بيا"، "يا عيني على الصدف"، "مبتعلمش"، و غيرها.
اسمع- "مهزومة" (كلمات أمير طعيمة، وألحان خالد عز وتوزيع عصام الشرايطي)
لعبت أنغام فقط على "تريند" الأحزان الذي يفضله قطاع كبير من الجمهور المصري، ويجعل أغانيه هي الأكثر خلوداً، خاصة مع الاتجاه الجديد الذي يتبعه بعض المطربين في الفترة الأخيرة في الاهتمام الشكلي بالمصطلحات ونوعية الكلمات في ألاغاني، والتي لاقى بعضها نجاحاً كما في ألبومات أصالة وآمال ماهر الأخيرة، المستغلين لنفس "التريند" أيضاً، ورغم أن الاهتمام بالجانب الشعري هو اتجاه تفتقده الأغنية الحديثة، ولكن وحده غير كاف.
وما ظلم اختيارات أنغام الشعرية، ومصطلحاتها الصادمة مثل "بكره الموسيقى" و "أكتبلك تعهد" و "أحلام بريئة"، هو عدم التنوع في ألحان الأغاني، والتي عدد منها يصلح للدمج ليكون جزءاً من أغنية واحدة، دون وجود اعتبارات لبصمات واختلافات أسماء الملحنين الموجودين في الألبوم، إلا إذا كان ذلك عن قصد من أنغام، وهو السبب في اعتقاد البعض أن الألبوم يحمل مشاعر واحدة، ليكّون وحدة مستقلة وروح موحدة، ولكن ما علاقة تناسق معاني وأهداف الألبوم مع تنوع الألحان والتوزيعات الموسيقية؟
اسمع- "أكتب لك تعهد" (كلمات بهاء الدين محمد، ألحان إيهاب عبد الواحد وتوزيع مادي)
اختلافات طفيفة بين ألحان أغاني الألبوم، أو في إيحاءتها، فمثلا كتبت أعمال محمد رحيم معها الاختلاف الأبرز عن باقي الرؤى الموسيقية الأخرى، بأغنيتيه "بحب أغني"، و "فنجان النسيان"، فرغم أن الاثنين كان من الإمكان وضعهما في نفس الاتجاه الرومانسي المائل للحزن وعدم الرضا خصوصا في "فنجان النسيان"، إلا أن اختياره المختلف للحن، ومع كلمات "بحب اغني" الخارجة عن السياق أيضا، جعل الأغنيتين كاستراحة للمستمع من متاعب أنغام في بقية الألبوم، ووسيلة الترفيه و"الانبساط" الوحيدة من مشارف أزمة منتصف العمر التي تحاول أنغام تصديرها في الألبوم.
اسمع- "فنجان النسيان" (كلمات: محمود صلاح، ألحان وتوزيع محمد رحيم)
اسمع- "بحب أغني" (كلمات: أمير طعيمة، ألحان وتوزيع: محمد رحيم)
الأكثر اختلافاً هم الأكثر نجاحا، لذلك تنضم أغنية "بكره الموسيقى" للأغنيتين، لاختلاف اللهجة التي تنطقها أنغام في الأغنية، والتوزيع المختلف لداني حلو، بجانب بعض التوزيعات القوية الأخرى، خصوصا لطارق مدكور، الذي لا اثبت انه لا زال لديه القدرة على تقديم كل ما يمكن لخدمة معاني أنغام في أغنيتيه "جنبك مكاني"، و "اهي جات"، وأخيرا نادر حمدي في أغنية "بقيت وحدك"، ورغم وجود أسماء عديدة في الموزعين، إلا انه تقل إضافاتهم وابتكاراتهم أيضا مقارنة بالألبومات الأخيرة لها، ربما كان ذلك من اختيارات أنغام الجديدة، المعتمدة على الابتعاد قليلا عن الموسيقى الالكترونية.
اسمع- "بكره الموسيقى" (كلمات: كاترين معوض، ألحان: هشام بولس وتوزيع: داني حلو)
اسمع- "جنبك مكاني" (كلمات: بهاء الدين محمد، ألحان: شريف تاج وتوزيع: طارق مدكور)
ومقابل ذلك لم تتوسع في استخدام الآلات الحية، سوى في إبراز البيانو والقانون مثلا، رغم أن بعض موزعي الألبوم كطارق مدكور له تجارب ناجحة في الموسيقى الالكترونية مع أنغام بجوار فهد، خاصة في البومات "بحبك وحشتيني"، "عمري معاك"، "ليه سبتها"، و "كل ما نقرب لبعض"، وتجارب أخرى في نفس الاتجاه مع حسن الشافعي مثل "أجمل مكان" و "سبته"، و لنادر حمدي وأحمد إبراهيم انتاجات أخرى مميزة أيضا، لذلك فإن اعتبار انصراف أنغام عن الاتجاه الحديث والالكتروني لم يأت على حساب رؤية موسيقية أكثر ثراءً، أو عودة فرقة أنغام الموسيقية كما كان يسميها والدها في السابق، والذي ربما كانت من أهم مميزاته الحفاظ على حيوية صوتها وأدائها.
اسمع- "سبته" (كلمات بهاء الدين محمد، وألحان إيهاب عبد الواحد وتوزيع حسن الشافعي)
وأخيرا يوحي الألبوم بأن أنغام تريد التخلص أيضا من مراحلها القديمة المرتبطة بأسماء معينة من الموزعين، مثل محمد علي سليمان و فهد وطارق مدكور، إلى التنوع الواضح في اختيارهم، وهو ما قد يتيح لها تحقيق التنوع الموسيقي مستقبلا، وإكمال استراتيجية ورؤية موسيقية جديدة قد يكون "أحلام بريئة" هو حقل تجاربها.
اقرأ أيضا
بالصور- أنغام تفرج عن صور جديدة لها
أحمد حلمي يبارك لأنغام على ألبومها الجديد "أحلام بريئة"
أحلام ومنى زكي تنتظران ألبوم أنغام
هذه الأغنيات تثبت أن أنغام "بتحب من بعيد"