إذا كنت تعتقد أن كاتب هذا المقال يدافع عن إلهام شاهين أو غيرها، فلتقرأ السطور التالية لتعلم أن الأزمة أكبر من ذلك!
فالأزمة ليست في أن يتحدث أحد الشيوخ، أو كما يطلقون على أنفسهم، عن فنانة بعينها، ويخصص حلقة أو أكثر من برنامجه التليفزيوني ليتحدث عنها وعن ما قدمته طوال تاريخها الفني.
الأزمة الحقيقية في أن يسمح شخص، أيا كان، لنفسه بالحديث عن آخر بهذا الشكل، وأن يستفيض في تقييم شخصيته وعمله بشكل سلبي، بل ويُسمح له بالطعن في أشخاص بعينهم بلا وجه حق.
هل تريد معرفة الأزمة الأكبر؟ الكارثة هنا أن هؤلاء "الشيوخ" يجدون ترحيبا هائلا من كثيرون، ما يدفعهم للتمادي في ذلك، ويضعون أسماء أخرى في اللائحة.
بعض الأشخاص يفعلون ذلك من منطلق أن من يرتدي جلبابا ويطلق لحيته ويقف أمام كاميرا، هو شخص يمثل الدين ولابد من تأييده، وأن الآخريات اللائي يهاجمهن في برامجه، همن يتبعن الفسق ويقدمون الفجور على الشاشة، وأن دمائهن أصبحت مباحا.
ما يفعله هؤلاء الشيوخ لا يقل خطورة عما تفعله تلك الفنانة أو الآخرى، ويُهاجمن عليه.
لن أقول أن هؤلاء يسيئون للدين لأن ذلك من الأمور المنتهية، ولكن الأخطر من ذلك أن تلك الأحاديث تخلق حالة من الاحتقان والفتنة، والوضع حاليا لا يتحمل ذلك بالفعل.
شخصا مثل صفوت حجازي لم يكتف بتقديم حلقات يتحدث فيها عن بطولاته الثورية، ويتباهى بما قدمه خلال الـ 18 عشر يوما، على الرغم من أنه لم يفعل ربع ما قدمه آلاف الشباب المصريين، لم يكتف بذلك بل خرج ما بين اليوم والآخر ليعطي "درسا في الأخلاق" لآخرين، سواء كانوا فنانين أم غيرهم.
خالد عبد الله رجل يبدو أنه أعجب بتلك الفكرة، ووجد أن مهاجمة فنان أو مذيع سيضعه دائما في دائرة الضوء، وسيزيد من شهرته، وهو ما يحدث بالفعل للاسف.
وبالمثال السابق، كان من الطبيعي أن نجد شخصا مجهولا يدعى عبد الله بدر يهاجم فنانة لمجرد أنها عبرت عن رأيها المخالف لذلك الشيخ.
هذا الشخص لن يكون الأخير، سيلتحق به آخرين في نفس الركب، وسنظل في هذه الحالة التي تختفي فيها أية حريات أو خصوصية، ويصبح من حق أي شخص الحديث عن الآخر باسم الدين.
مثل هؤلاء لابد وأن يُحاسبوا قانونا مثلما يُحاسب آخرين بتهم إهانة الرئيس والإساءة إليه، فالإساءة للدين والفتنة بين أبناء الوطن الواحد أخطر من الإساءة لشخص أو حتى نظام كامل.
إلى "شيوخ الفتنة" .. إذا كنتم غاضبون "بحق" مما تفعله فنانات أو غيرهن بإسم الفن، فأنتم تفعلون مثلهم تماما، ولكن بإسم الدين.
بعيدا عن السياق: الفنانات اللائي يتحدثن حاليا بشكل مكثف عن الدين، ويحاولن إقناع الجمهور بتقربهن للدين، فهم يفعلن أيضا نفس الشيء، وبإسم الدين!
اتركوا الدين لصاحبه.
للتواصل: Twitter
وعلى Facebook