الاستطلاع التلفزيوني الوحيد للأفضل في كل عام، تقدمه الإعلامية منى الشاذلي للعام الخامس على التوالي، محققا ملايين المشاهدات في عدد محدود من الساعات، ما طرح سؤالا أساسيا عن سبب تمتع هذا الاستطلاع بجاذبية ومصداقية إذا قورن باستطلاعات أخرى؟
تلك الاستطلاعات أو الاستفتاءات تحقق جدلا خلال فترة التصويت على السوشيال ميديا، ثم يتضاعف الجدل ليلة توزيع الجوائز، وسط انقسام ما بين مؤيد ومعارض، واتهامات بالمجاملة وتطبيق قاعدة الجائزة لمن حضر، ثم ينتهي كل شئ بسطوع شمس اليوم التالي للحدث.
في استطلاع "معكم منى الشاذلي" يختلف الوضع إلى حد كبير، الحلقة الكاملة مثلا للاستطلاع حققت في 4 أيام قرابة 600 ألف مشاهدة عبر يوتيوب فقط، بينما مقطع الفائز بجائزة أفضل ممثل كوميدي حقق بمفرده مليون ونصف المليون مشاهدة، فيما دخل قائمة الرائج على يوتيوب لثلاثة أيام متتالية مقطع لطفل صغير – ليس ممثلا- لتترسخ قاعدة أخرى أن الجاذبية في الجوائز السنوية لا يشترط أن تكون للنجوم فقط، لا داعي للاسترسال في الأرقام لأنها متاحة عبر منصات السوشيال ميديا، يكفي فقط لفت الانتباه بأن استطلاعا آخر تم عرضه كاملا عبر يوتيوب قبل نحو 10 أيام من نهاية 2019، ولم يحقق حتى الآن أكثر من 100 ألف مشاهدة.
النقاط المقبلة محاولة للبحث عن أسباب النجاح التراكمي لإستطلاع "معكم منى الشاذلي"
أولا:الجمع بين الاستطلاع الإلكتروني والورقي، بعدد أصوات تخطى المائة ألف، وهو أمر لم يعد متاحا هذه الأيام في استطلاعات عديدة، ورأينا في الحلقة الكاملة للاستطلاع طلاب إحدى الجامعات وقد شكلوا فريقا ينزل للشارع بالاستمارات، لضمان تجميع أراء غير المتفاعلين مع السوشيال ميديا، وكذلك ألا تكون الجوائز متأثرة بإقبال معجبو فنان معين على التصويت، وهو ما تعاني منه كل الاستطلاعات الأخرى رغما عن إرادة منظميها، فلن يستطيع منظم الاستطلاع منع أحد الفنانين من نشر الرابط في الجروبات والصفحات التي تضم معجبيه فقط.
ثانيا: تقديم تحليل رقمي للجوائز والنسب التي حصل عليها الفائز، وماذا إذا كانت الأصوات تأتي أكثر من الورقي أو الإلكتروني، كما حدث في فقرة الفنان حمدي الميرغني، الفائز مناصفة بجائزة أفضل ممثل كوميدي مع محمد سلام، كما أننا رأينا فنانين يأتون لاستلام الجائزة وهم حاصلون على 30% مثلا من الأصوات، وليس اكتساحا كما يطلب أخرون شرطا للحضور في احتفالات موازية.
ثالثا: منح غير النجوم المساحة للمشاركة والفوز، بل الحضول على دعم مادي، خصوصا في جائزتي أفضل صورة وأفضل فيديو، ما يؤدي إلى دعم المحتوى الإيجابي على السوشيال ميديا، فالصور والفيديوهات الإيجابية تجد من ينتقيها ويدخلها في سباق ويحتفى بأصحابها، حتى لو كانوا من الزاوية الحمراء أو قرية بني شبل في بني سويف، بل يدعوا الأهالي والأسر للحضور إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، كاسرا فوبيا السجادة الحمراء التي يجب أن يسير عليها النجوم وحسب.
رابعا: بخصوص النجوم والسجادة الحمراء، يحسب لفريق برنامج "معكم" أنهم صنعوا "خشبة مسرح" مبهجة ومفعمة بالحركة، بعيدا عن "شو السجادة الحمراء"، وكل فنان أو فائز بجائزة دخل إلى الإستديو، وسط ترحيب حار من الجمهور، بعيدا عن تقليدية السجادة الحمراء.
خامسا: يحسب أيضا لفريق البرنامج ترتيب الفقرات بشكل منوع وليس تصاعديا، حيث كانت أول جائزة أفضل ممثلة لهند صبري ثم أفضل فيلم وتسلمها مروان حامد، وكلاهما عن "الفيل الأزرق 2"، قبل أن تبدأ فقرة أفضل صورة، ثم العودة من جديد لأفضل فنان استثنائي وهو سيد رجب، ثم أفضل كتاب وهو لدار الشروق، ثم أفضل ممثل كوميدية دنيا سمير غانم، ثم أفضل فيديوهات على السوشيال ميديا، ثم العودة لأفضل ممثل كوميدي، مرورا باعلان أسماء نجوم فازوا ولم يحضروا، دون أن تسحب منهم الجائزة وتذهب لأخرين.
سادسا: الأطفال أحباب الله، والكاميرا أيضا تحبهم، وجود الطفلين، يوسف وعمر الفائزين بجائزة ثاني وثالث أفضل فيديو أضفى جوا من المرح والبراءة أنصح بمشاهدته، ثم جاء صاحب أفضل فيديو "سبيدر مان الزاوية" الذي أنقذ أسرة كاملة من الحريق بتسلقه المواسير، ليثبت أن السوشيال ميديا بوابة مهمة للأحداث الإيجابية، لكن معظمنا يركز على السلبي فقط، وفرحة خطيبة وأهل الشاب "جهاد" بالجائزة والوقوف تحت الاضواء تذكرنا بالدور الأساسي للإعلام، وهو دعم الجمهور واعطاءهم المساحة التي يستحقوها طالما قدموا للمجتمع ما يفيد، وبالتاكيد ستظل هذه الحلقة في ذاكرة الطفلين عمر ويوسف، وأهالي الزاوية الحمراء وأيضا قرية بني شبل بمحافظة بني يوسف التي فازت بجائزة أفضل صورة.
سابعا: أن تجمع دنيا سمير غانم وهند صبري وسيد رجب وحمدي الميرغني ومروان حامد ونضال الشافعي وتامر كرم مخرج "الملك لير" في حلقة واحدة، ويوافق كل هؤلاء على الظهور لدقائق ومن الوضع وقوفا، فهو أمر يؤكد مدى المصداقية التي تتمتع بها الجائزة والتي تجعل الفنان سعيدا لأنه حصل عليها، دون الحاجة لتشجيع معجبيه على التصويت أو الحصول على توصية عند الفرز، يضاف لهؤلاء الدقائق الخمس الأخيرة التي شهدت حضور ثلاثي "أنا ابن مصر" مدحت صالح، محمود العسيلي، مصطفي حجاج في أول ظهور مشترك لهم بعد نجاح الأغنية في رمضان الماضي، ليكونوا بعدها ضيوفا على حلقة ليلة راس السنة من البرنامج نفسه.
أخيرا: لم نضف اسم يحيي الفخراني للفقرة السابقة ليس لأنه لم يحضر للاستديو واستلم الجائزة في كواليس "الملك لير"، ولكن لأن الإضافة التي قدمها الفنان القدير في دقائق معدودة تؤكد على المعنى الذي نحتاجه من كل محتوى تلفزيوني نشاهده، فكون الحدث هو توزيع جوائز استطلاع سنوي لا يعني أن نشاهد الفنانين وهم يقولون كلاما تقليديا قد لا يكون مناسبا للحدث، واستمع له الجمهور تكرارا ومرارا، فيما حوّل الفخراني الجائزة إلى فرصة للحديث عن أهمية أن يصدق الفنان ما يقدمه وينتظر النتيجة ولو بعد سنين طوال.
اقرأ أيضا:
بالصور- نتائج استفتاء "معكم" للأفضل في 2019
ثلاثي "ابن مصر" يقدم هذه الأغنيات في حلقة رأس السنة من "معكم"