القاهرة (مصر) – رويترز : يرى ناقد سينمائي مغربي بارز أن السينما في بلاده لاتزال تعاني بقايا ما إعتبره إستعمارا ثقافيا حيث تفرض اللغة الفرنسية سطوتها على الأفلام والسينمائيين معاً كما لا يوجد تيار سينمائي يتواصل مع الجمهور المغربي الذي تربى على الذوق السينمائي المصري.
وقال مصطفى المسناوي الأستاذ في كلية الأداب جامعة الدار البيضاء إن الإستعمار الفرنسي للمغرب أدخل السينما إلى البلاد وكانت القاعات السينمائية الأولى موجهة أساسا إلى الفرنسيين المقيمين حتى لا يشعروا بالغربة ثم إكتشف الفرنسيون أن بإمكان الفن السابع "التخفيف من المقاومة النفسية قبل السياسية للاحتلال".
وأضاف المسناوي في دراسة ضمن كتاب (مختارات من السينما العربية) "أن فرنسا التي إعتبرت السينما أداة لتدعيم نفوذها السياسي وهيمنتها الإستعمارية فوجئت بأن المواطن المغربي إستطاع أن ينسج من خلال السينما أحاسيس ثقافية فنية قوية مع عمقه القومي العربي الذي حاولت عبثا فصله عنه ويوفر لنفسه بالتالي مزيدا من أسباب المقاومة".
وقال المسناوي أن مصر شهدت أول سينما عربية ولأسباب تاريخية وإجتماعية مارست السينما المصرية "سلطة البداية" على المشاهد العربي عموما حتى أنها ألغت أو أجلت حاجة هذا المشاهد في الشام أو الخليج أو المغرب العربي إلى رؤية صورته الخاصة على الشاشة.
وأشار الى أن السينما المصرية "أدت بفعل سلطة البداية أدوارا متعددة ستجعل من الصعب في وقت لاحق ظهور السينمات العربية المحلية ، فكان الفيلم المصري في الاربعينيات والخمسينيات خاصة وسيلة للتعبير عن الذات العربية في أكثر جوانبها عصرية وتفتحا كما كانت أداة وطدت الإحساس بالإنتماء القومي وأكدت على الهوية العربية".
وأضاف أن السينما المصرية التي تختلف لغتها الفنية عن المدارس السينمائية التي ظهرت في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية نجحت في تلقين المشاهدين العرب لغتها الخاصة بها وتشكيل أذواقهم الفنية وحين شرعت السينمات العربية في الظهور فان ذلك تم ببطء وتردد وفي ظل معاناة تواصلية شديدة بين المخرجين وجمهورهم المحلي المتخم بجماليات الفيلم المصري".
وأشار الى إختلاف الوعي الجمالي لدى السينمائيين المغاربة عن معظم مخرجي السينما في مصر فالمغاربة تأثروا بالمدارس السينمائية التجريبية في البلاد التي تلقوا تعليمهم فيها كأسبانيا وفرنسا ومن هنا فمن الصعب تواصلهم مع جمهور جرى تكوينه في المدارس المصرية بالأساس.
وقال المسناوي إن للمجال الثقافي المغربي عمقا يتوزع بين إستقطاب قومي عربي وأخر فرانكفوني حيث إرتبطت الموسيقى وفنون الكتابة من قصة ورواية وشعر بالثقافة في المشرق في حين إرتبطت فنون وافدة بأوروبا وفرنسا تحديداً وعلى رأس هذه الفنون السينما والفن التشكيلي".
وفي رأيه أن السينمائي المغربي "مازال سجينا للتوجه الفرنسي الاستعماري اذ ان الفرنسية هي لغة التواصل بين العاملين في هذا المجال. وبإستثناء ستة أو سبعة أفلام فإن الافلام المغربية حتى الأن تكتب سيناريوهاتها وحواراتها باللغة الفرنسية حيث تجرى الترجمة الفورية للحوار الى الدارجة المغربية أثناء التصوير ، هذا الواقع الاستثنائي الغريب لا نعثر على ما يماثله ضمن المشهد الثقافي المغربي إلا في مجال الفنون التشكيلية حيث لغة الحوار والكتالوجات والمتابعة النقدية كلها بالفرنسية".
وأضاف أنه في "هذا الواقع الفصامي الغريب يمكننا أن نتلمس الأسباب الرئيسية لصعوبة أو لإنعدام التواصل بين المخرج المغربي وجمهوره المحلي ، والأمر أكبر من ذلك التمايز الذي نجده في كل مكان بين ذوق المخرجين والنقاد وذوق عامة الجمهور ، الأمر هنا يتعلق بتمايز لغوي ثقافي موروث عن الفترة الإستعمارية بين نخبة ترى مثالها في الغرب الأوروبي وجمهور منساق لما يعرفه ويطمئن اليه".
وقدمت السينما المغربية في السنوات الأخيرة تجارب إعتبرها النقاد مهمة ومنها فيلم "فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق" إخراج محمد عسلي العام الماضي وحصد جوائز في مهرجانات دولية ، كما تقام مهرجانات سنوية في كثير من المدن المغربية ومنها خريبكة ووجدة وتطوان وطنجة وسلا والرباط ومراكش وأغادير وأصيلة.
ولكن المسناوي يشدد على أن "الاستعمار الثقافي السينمائي يتواصل اليوم بالمغرب عبر أشكال متعددة على رأسها أن الافلام الاجنبية تبث في قاعة السينما كما على شاشة التلفزة مدبلجة (مترجمة صوتيا) الى اللغة الفرنسية دون ترجمة مكتوبة الى اللغة العربية" ، يضاف إلى ذلك الحضور الكثيف للنقاد ومتابعات السينمائيين باللغة الفرنسية في صحف محلية بالفرنسية ناطقة بلسان أحزاب سياسية.
وقال إن النقد السينمائي أيضا منقسم إلى تيارين أحدهما ذو طابع عربي "مصري خصوصا" والاخر يستلهم النق