لندن (المملكة المتحدة) – رويترز : يخاطر المخرجون في هوليوود بميزانيات ضخمة وبسمعتهم حين يعملون ، بينما يخاطر المخرجون في العراق بحياتهم.
حين كان عمار سعد يصور فيلمه الوثائقي "العلكة المجنونة" عن مخاطر العمل الصحفي في العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 انفجرت قنبلة على بعد أمتار من المكان الذي كان يقف فيه وتناثرت بقع الدم على عدسات الكاميرا.
ويخيف هذا النوع من التجارب الكثيرين ، ولكن المصور البالغ من العمر 28 عاماً وعشرات آخرين في العراق قرر أن يروي قصته على شريط سينمائي.
ويتناول مشروعه التالي وهو فيلم طويل قصة رجل يغامر بالخروج من مسكنه في بغداد لأول مرة في ثلاثة أعوام بعد أن تغلب أخيراً على مخاوفه من تعرضه للقتل.
ويقول سعد في فيلمه الجديد : "أنه لغريب كيف تتشابك كل الأشياء ، هذا الرجل يعرض نفسه للخطر وهو نفس ما أفعله ، من يعلم ماذا ينتظرني؟".
وفاز فيلم "العلكة المجنونة" بجائزة أحسن فيلم وثائقي في مهرجان العراق الدولي الأول للأفلام القصيرة الذي أقيم في بغداد في سبتمبر الماضي ، وشارك فيه 140 فيلماً وهو ما أثار دهشة رئيس المهرجان نزار الراوي.
وقال الراوي خلال زيارة لبريطانيا حيث تعرض بعض الأفلام في مهرجان كمبريدج السينمائي : "حين سألنا المخرجين المعروفين قالوا إن هذا المشروع سخيف ، وإنه لن يشارك أكثر من ستة أو سبعة أفلام ، أدهشنا فعلاً العدد الضخم للأفلام المشاركة."
وشارك في المهرجان أفلام رسوم متحركة وأفلاًماً روائية ووثائقية ، وغالباً ما تروي قصصاً قاتمة بخفة مثيرة للدهشة.
ويبدأ فيلم "اللعب فقط" بطفل يزحف فوق سلم يرفعه بعض الأصدقاء عن الأرض ، ويستخدم شبكة موضوعة على عصا لاستعادة كرة قدم من وسط حقل ألغام.
وحين يستأنف اللعب في حقل مترب قريب من المنطقة الملغمة ندرك أن الطفل فقد ساقاً وانه يلعب مستخدماً عكازين.
وتقول كاثرين داي التي سافرت إلى بغداد وشاركت في إحياء الثقافة هناك : "أحد أسباب إعجابي بما يحدث في العراق هو النظرة غير المباشرة لما يمرون به".
ويبين فيلم "في دائرة الأمن" من إخراج هادي مهود إن الحياة في العراق اليوم ليست بالضرورة أفضل منها في ظل حكم الرئيس السابق صدام حسين.
وتدور أحداث الفيلم في مبني كان تابعاً لجهاز الأمن في عهد صدام حيث احتجز رجل وعذب ، وهو يعيش الآن وسط أنقاض المبني الذي قصف مع عائلات أخرى لا تجد مكاناً آخر تذهب إليه.
وينوي الراوي تنظيم مهرجان آخر في بغداد في أكتوبر أو نوفمبر القادمين ، ويقول إن الحديث عن نهضة السينما العراقية سابق لأوانه ، وقال إنه سمع عن قائمة سوداء أعدها المسلحون تضم أسماء "مفكرين" ، مما يثير قلق صناع الأفلام.
وقال : "هذا يعني أن الخوف ينتاب 400 عراقي وأسرهم وأصدقاءهم ، وأنهم سوف يغادرون العراق أو يتوقفون عن العمل ، أنا أكثر قلقاً من الماضي".