لغة الأرقام هي اللغة الأولي للسادة العاملين في قطاعات الإنتاج دون النظر إلى الجودة أو المستوى ، فالقائمون على الإنتاج يتوقون دائما إلي الربح الكبير دون الإفراط في التكاليف ، هكذا أصبح حال السوق المصرية ، مما أدى إلى انخفاض المنتج المحلي إلى دون المستوى وإقناع الجمهور به ، حتى وصل المواطن إلى مرحلة عدم التمييز بين الجيد والسيء في جميع القطاعات.
أكثر هذة القطاعات تربحا من لا شيء قطاع الإنتاج بجهاز الإذاعة والتليفزيون ، فهم يهتمون بعرض مسلسلات رمضانية لنجوم الصف الأول لضمان كثرة الإعلانات أثناء العرض ، مما يؤثر على الأعمال الأخرى التي تعرض بعد رمضان في أوقات لا تتناسب الجمهور ، وهناك عمل درامي يعرض على قنوات النيل في توقيت سيء للغاية رغم أنه يناقش قضايا كثيرة للشباب ، بل ويقدم لها حلولا ، فهل يستحق هذا العمل كل الإهمال ، سواء في مواقيت العرض أو مناقشة تلك القضايا في البرامج النقدية للأعمال الدرامية؟
هذه الحسابات الربحية أثرت على مستوى الدراما التليفزيونية ، مع الفارق فقط في وجود أعمال جادة وهادفة أخلاقيا ، منها المسلسل الكوميدي "من غير ميعاد" الذي يناقش قضايا عصرية تؤثر بشكل سلبي على الشباب أكثر منهم على البالغين في الفكر ، ومن ضمن هذه المشاكل الإفراط في استخدام الموبايل ، والعنوسة ، وقوانين الإيجارات ، ومصاحبة الشباب والشابات ، والحلول التي يقدمها تكاد تكون منطقية.
ومسلسل "مسائل عائلية جدا" الذي يدور حول علاقة الأبناء بالأباء والأمهات ومدى تقبلهم للنصائح والتربية السليمة - التي يرفضها الكثير منا - في قالب كوميدي ينجذب إليه المشاهد ، ولكن المتربحون حولوا تلك القيم إلي تجارة "اللي يجيب فلوس يتعرض في رمضان .. واللي ما يجيبش يبقى بعد العيد" ، لذلك نرى أن أغلبية المسلسلات القيمة تعرض في أوقات غير مناسبة ، فمثلا مسلسل "من غير ميعاد" يعرض حوالي الساعة الثانية ظهرا ويعاد في الفجر ، فهل من الممكن أن يشاهد الشباب هذا العرض رغم وجودهم في الكليات والمدرس في هذا التوقيت؟!
فهل أصبحت الأرقام والمادة هي المسيطرة على العقول دون أشباع الفكر والعقل والروح بالقيم والأخلاق التي بدأت تفقد تحت ضغوط الحياة المسيرة للقلق الدائم؟!