سيظل قرار فصل المذيعة دينا عبد الرحمن من العمل بقناة دريم نُدبة على جبين الدكتور أحمد بهجت، حتى وإن حاول إصلاح ذلك لاحقا.
فالرجل الذي يتواجد على الساحة الإعلامية منذ سنوات طوال، أقدم على أسوأ شئ يمكن أن يفعله صاحب سلطة مع أفراد يعملون تحت إدارته، وهو تكميم أفواههم إذا تعلق الأمر برجال السلطة الأعلى.
ولعل مرور يوم ونصف اليوم على قرار الإقالة دون إصدار تبرير رسمي من قنوات "دريم"، يعني إلى حد كبير أنه لا اهتمام ولا اعتبار للكثيرين الذين اعترضوا على قرار الإقالة، وأن الأهم بالنسبة لـ "دريم" هو أنهم اتخذوا القرار وأطاحوا بالمذيعة الجريئة خارج قنواتهم.
ولا أعلم ما إذا كان الدكتور أحمد بهجت على علم بحالة الرفض التام للقرار أم لا؟ وهل تابع أو قيل له عن عدد الصفحات على Facebook التي تتضامن مع دينا؟ أو أعداد أعضاءها؟ أو أعداد الـ "هاش تاج" التي انتشرت علىTwitter، وتم من خلالها مناقشة القرار الذي اتفقت النسبة الأكبر على أنه خاطئ؟
ويبدو أن الدكتور بهجت لم يفكر في كل ذلك عندما أصدر القرار، لذلك عليه أن يعلم أن عدم تبرير قراره حتى الآن سيجعلنا نفكر في شيء واحد فقط، ونستنبط سببا واحدا لذلك، يعلمه هو جيدا.
الغريب في الأمر أن دينا لم تفعل شيئا يستحق المجادلة حول ما إذا كانت تستحق أن يتم طردها من قناة "دريم" أم لا، وحتى إذا افترضنا أن إدارة شبكة دريم قامت بتقييم أدائها الوظيفي باعتبارها مذيعة تعمل في قناة خاصة، ورأت أنها أخطأت في شئ، فبالتأكيد لن يكون القرار الصحيح هو رفدها.
وأتحدث عما علق عليه كثيرون بعد قرار الإقالة، وهو أسلوبها في الحديث مع اللواء عبد المنعم كاطو في حلقة الأحد من برنامج "صباح دريم".
وهنا أرى أن هناك ظلما كبيرا وقع على دينا، سواء من إدارة دريم أو من الفئة "القليلة للغاية" التي تقول أن المذيعة تعاملت بشكل غير لائق مع خبير عسكري كبير، وهو ما لم يحدث، شاهد مداخلة اللواء كاطو.
وبدلا من أن يوجه اللوم للمذيعة لمجرد أنها قامت برد فعل، فإنه يجدر الحديث أولا عما قاله اللواء كاطو، الذي قام بتصعيد لهجة حديثه خلال المداخلة التليفونية، حتى قام بالتهجم على الصحفية الكبيرة نجلاء بدر لمجرد أنها علقت على حديث اللواء حسن الرويني لبرنامج "صباح دريم" يوم السبت، وهاجم دينا عبد الرحمن بعد أن عرضت المقال في برنامجها.
وهنا لم تخطئ دينا في رد فعلها، حيث أنها كان أمامها 3 اختيارات في هذا الموقف، وأرى أنها إتخذت الاختيار المناسب، فكان من الممكن أن تتغاضى عن هجوم ضيفها، وهو ما أعتقد أن إدارة "دريم" لا توافق عليه باعتبار أن ضيف الحلقة هاجم مقدمة برنامجهم وهاجم المحتوى الذي يتم تقديمه بالبرنامج، أما الاختيار الثاني كان رد الهجوم بهجوم مماثل، وهو ما كان سيأخذه الجميع بشكل سلبي نظرا لشخصية ضيف الحلقة.
لذلك تصرفت دينا بشكل جيد حين اختارت أن ترد على اللواء كاطو، وألا تصمت تجاه هجومه، لترد بشكل هادئ للغاية.
وهنا أجد نفسي مضطرا للتكرار مرة أخرى، لماذا قام الدكتور بهجت بفصلها؟ وهل إذا كانت دينا قد قامت بالتحدث بلهجة ساخرة قليلا مع شخصية عسكرية مثل اللواء كاطو، وهو ما قاله البعض وربما يكون الدكتور بهجت رأى ذلك أيضا، هل هذا كاف لرفدها؟ وهل لا توجد أشياء أخرى مثل لفت النظر أو توجيه اللوم أو ما إلى ذلك؟ ولماذا لم يُطبق الدكتور بهجت المقولة الإعلانية الشهيرة لشركاته في هذا الموقف، ليه تفصل دينا لما ممكن متفصلهاش؟!
لابد أيضا من ذكر ما حدث بمكالمة اللواء الرويني صباح السبت، على اعتبار أن عدم تبرير قرار الإقالة يفتح الباب أمام وضع أكثر من تفسير للقرار، ومن ضمن هذه التفسيرات أن تكون مكالمة الرويني لها دور في ذلك.
اللواء حسن الرويني تحدث لمدة 48 دقيقة في برنامج "صباح دريم"، وحرصت دينا عبد الرحمن على متابعة حديثه "كلمة كلمة"، ومناقشته في جميع النقاط التي أثارتها وهو ما أظهر اللواء مترددا بشكل كبير في الحديث عن الكثير من الأشياء، لدرجة أنه اعترف بشكل مفاجئ أنه أطلق شائعة في الأيام الأولى للثورة وهي أنه تم القبض على حبيب العادلي وأحمد عز، وذلك كي يقوم بتهدئة الثوار!
وأظهرت دينا خلال تلك المداخلة قدرة كبيرة على الحوار، وقامت بتصحيح أكثر من معلومة للواء الوريني، وأثنى كثيرين عليها كمذيعة جيدة، شاهد مكالمة اللواء الرويني.
وهنا يأتي سؤال آخر للدكتور أحمد بهجت، هل ما فعلته دينا كمذيعة في قناة تمتلكها شئ يُغضبك؟ وهل وجود مذيعة بهذه المهارة الإعلامية لديك شئ لا تتمناه؟
ولعل أسوأ ما في الموضوع برمته هو حدوث ذلك في قناة خاصة وليست قناة حكومية، ولا استطيع تخيل كيف سيتعامل المذيعين في التليفزيون الحكومي مع أفراد القوات المسلحة بعد ذلك!
ما حدث كارثة إعلامية خطيرة يجب ألا تمر كذلك، حتى لا نفقد الثقة في إعلامنا، وحتى لا يتم التأثير على الإعلاميين بشكل غير مباشر، وتحديد الطريقة الإعلامية التي يتعاملون بها.
الإعلام مثلما لا يصح أن يكون "هداما" ومختلقا للشائعات ومثيرا للفتن، أيضا لا يصح أن يصبح تابعا لأفكار معينة لا يستطيع أحد تخطيها، ومُقيدا لحرية "هرمنا" من أجل الحصول عليها، ولن نرضى بالاستغناء عنها.
تابعني على Facebook
وعلى Twitter
ناقشني على msaleh@sarmady.net