القاهرة (مصر) - رويترز : في حفل تكريمه على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المقام حاليا قال الممثل المصري عمر الشريف الذي اشتهر بأدوار البطولة في أفلام أجنبية إن مواطنه الممثل أحمد زكي كان أكثر منه موهبة لولا حاجز اللغة الذي منع الاخير من الانطلاق إلى "العالمية".
ويرى كثير من نقاد السينما العرب أن زكي الذي رحل في مارس الماضي أهم موهبة في فن التمثيل في مصر خلال الثلاثين عاماً الاخيرة من خلال أفلامه "البيه البواب" و"أرض الخوف" و"شفيقة ومتولي" و"هستيريا" و"ضد الحكومة" و"الهروب" و"البريء" و"الحب فوق هضبة الهرم" التي استطاع فيها الجمع بين الموهبة والنجومية عبر حضور طاغ كسر حاجز الوسامة في السينما المصرية.
ويذهب الباحث المصري أحمد شوقي عبد الفتاح في كتابه "أحمد زكي.. الموهبة والتفرد" إلى أن زكي كان يتمتع بموهبة فذة واصفاً اياه بأنه "ممثل نادر الوجود".
وأضاف في الكتاب الذي صدر عن مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي الذي افتتحت دورته التاسعة والعشرون الثلاثاء الماضي أن نجاح زكي هو ثمرة مشتركة بينه وبين "نخبة من مخرجي الثمانينيات وعلى رأسهم الانتحاري محمد خان" الذي قدم مع زكي أفلاماً منها "زوجة رجل مهم" و"أحلام هند وكاميليا" و"أيام السادات".
وتساءل في الكتاب الذي يقع في 200 صفحة من القطع الكبير .. هل أحمد زكي بطل شعبي؟ مشيراً إلى أنه قدم في مسيرته الفنية أدوار ابن الطبقة المتوسطة كما قدم أفلام المهمشين "في جرآءة فنية خاصة تحدى بها نفسه قبل المجتمع ، ولكن هل هذه الأدوار ما يجعله بطل الاحياء الشعبية"؟.
وأشار إلى أدوار أو نماذج بشرية قدمها في أعماله "خرجت من تفردها إلى الحالة الجمعية" ومنها شخصية منتصر في فيلم "الهروب" التي تختلف عن شخصيتي الرئيسين المصريين السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات الذين برع زكي في تقمص شخصيتيهما.
وقال عبد الفتاح إن زكي الذي كان سببا في نجاح فيلم "ناصر 56" تقمص شخصية عبد الناصر الذي "كان يزوره في المنام كما قال مؤلف الفيلم محفوظ عبد الرحمن .. إنها لحظات يأتي فيها عبد الناصر ويحل في الجسد لبرهة وينصرف ، ويعرف أحمد زكي المواءمة بين التقاء الارواح ولقاء العين بالكاميرا ، إنه عمل خيالي مئة بالمئة".
"توارى أحمد زكي وراء هوية عبد الناصر التي اتضح أنها طاغية بفعل روعة أداء الممثل".
وأضاف أن أداء زكي في فيلم "أيام السادات" كان "أكثر توهجا وأطول نفسا وأعمق شعورا رغم تباين الحالات الانفعالية على عكس فيلم (ناصر 56)".
ولزكي فيلم لم يعرض بعد هو "حليم.. صورة شعب" الذي تأجل تصويره أكثر من مرة بسبب إصابة زكي بسرطان الرئة قبل أكثر من عام على وفاته ولكنه صور معظم مشاهده أثناء خضوعه لنظام علاجي صارم بين مصر وفرنسا ، ويتناول الفيلم رحلة صعود المطرب عبد الحليم حافظ الذي لايزال الاكثر شعبية في مصر.
واستعرض المؤلف رحلة حياة زكي الذي عاني اليتم والقسوة حتى بعد تخرجه في معهد الفنون المسرحية بالقاهرة حيث تقدم لخطبة فتاة من عائلة ثرية فرفض طلبه "لانه كان عاطلاً وكان يتحدث عن أشياء لا يمكن أن يصدقها العقل ، هكذا تقول الفتاة".
وخلص الى أن صوت زكي كان صوت المشاعر لا صوت العقل ، فمشاعره هي التي قادته عبر هذه الرحلة "إذ لو أنه فكر بالمنطق الاجتماعي العام لكان الآن يجلس أمام ورشة في "مسقط رأسه" الزقازيق يلعب الطاولة ويشرب النارجيلة ويفكر بالعودة لأم الأولاد والأولاد".
"كل ظروف حياته كانت تقوده إلى هذه النهاية بقوة المجتمع والظروف والمنطق ، ولكن مشاعره رفضت أن تنصاع فكان النجم أحمد زكي".
ويختتم المهرجان الذي أهديت دورته الجديدة إلى روح زكي الجمعة القادم بحفل تعلن فيه الجوائز التي تتنافس فيها أفلام تمثل 15 دولة عربية وأجنبية ، وشارك في أقسام المهرجان المختلفة 140 فيلما من 48 دولة.